آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
مصطفى الصراف
عن الكاتب :
كاتب كويتي

الحرب الصهيونية البديلة والتطبيع


مصطفى الصراف ..

لقد تحصّن لبنان بفضل مقاومته الباسلة ضد التوسع الإسرائيلي، واستطاع أن يمنع العدو من الهيمنة على جنوبه الغني بالمياه التي يطمع فيها العدو، والذي ما زال يستغل مساحة كبيرة منها في مزارع شبعا التي ما زالت محتلة، ومع ذلك هناك في لبنان من ينادي بنزع سلاح المقاومة، تحقيقاً لرغبة الصهيونية، ويسوق لذلك مختلف الحجج ليتيح لإسرائيل احتلال جنوب لبنان ثانية، ومثلما هو الوضع في لبنان فإن منطقة الخليج تزخر بمثل هؤلاء المتعاطفين مع الفكر الإسرائيلي، وفيهم إعلاميون وكتّاب، منهم من يستغل فيه الموساد نوازعه المذهبية المتطرفة، أو العنصرية المتخلفة، فيستميلها المال الصهيوني الذي يدفع بلا حساب للوصول إلى تحقيق أهدافه العدوانية، سواء القيام ببث سموم إعلامية في وسائل الإعلام أو اغتيالات لقيادات مؤثرة مناوئة للمد الصهيوني التوسعي الساعي للهيمنة على المنطقة، وذلك من خلال تغلغله في كل المجالات بما فيها التعليمية والعسكرية والاقتصادية.

وقد زاد نشاط العدو الصهيوني، وبدأ يشن حرب الاغتيالات للقيادات والشخصيات الفلسطينية وغير الفلسطينية المعارضة له وللصهيونية العالمية والممانعة للاستعمار الصهيوني، وامتلأت سجونه بهم بذنب أو من دون ذنب، وفيهم الأطفال والنساء وكبار السن، وأخذ ينكل بهم والعالمان العربي والأجنبي لا يبديان اهتماماً لهذه الحرب، ولتكون هذه الحرب بديلاً عن الحروب العسكرية التي لم تعد إسرائيل قادرة على تحقيق نصر من خلالها، فانكفأت إلى الداخل لتقوية وجودها في الأراضي المحتلة، وتكوين لوبي عربي صهيوني يخدم أطماعها، ورصدت لذلك كل إمكاناتها لتجنيد العناصر المناسبة لتنفيذ حربها بأسلوبها الجديد، معتمدة على العصبيات العنصرية والمذهبية.

وبات أمراً طبيعياً أن نقرأ في الصحف العربية مقالات لكتّاب يشيدون بإسرائيل ويتقربون منها بمقابلات مع قادتها ويعظمون شأنها في دعوة إلى الاستسلام لها. وآخر يشيد بضرب إسرائيل للشعب الفلسطيني في غزة، لأنه يعارض الاحتلال، ويطالبونه بالاستسلام. ولا شك في أن هذه المشاعر والميول الجياشة كنافورة فوارة تقذف مياهاً عفنة، هناك من يحركها لبث عوامل الخلاف بين شعوب المنطقة للنيل منها، وعلى الأخص تمزيق الأمتين العربية والإسلامية، والإساءة إلى الإسلام والعروبة. وفي مقابل هذه الحرب الصهيونية المعلنة علينا، خفتت أصوات الممانعين للتطبيع مع إسرائيل، وكأن التطبيع بات وشيكاً.

جريدة القبس الكويتية

أضيف بتاريخ :2016/08/13