آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الغني القش
عن الكاتب :
إعلامي وكاتب صحفي بجريدة المدينة ومكة ممثل هيئة الصحفيين السعوديين

مناهج التعليم مليارات.. وضعف مخرجات!


 عبدالغني القش ..
طالعتنا صحفنا المحلية الأسبوع المنصرم بخبر مدهش، يتعلق بالمناهج الدراسية، مشروع تصل تكلفته لأكثر من مليار ريال على مدى أربع سنوات، ويعتمد على استحداث نماذج من المناهج تعتمد على الطالب بدلا من المعلم!

هذا الخبر وغيره من الأخبار المتعلقة بالمناهج الدراسية تجعل الحليم حيران؛ فمناهجنا ما زالت تقليدية في اعتمادها على المادة المطبوعة، والتي تكلف مبالغ طائلة، ويبدو أننا ما زلنا نتابع مسلسلا من هدر الأموال بلا طائل.

وقد عايشت هذا الجانب لأكثر من ربع قرن من الزمان، كنت فيه مؤلفا ومشرفا، وطوال هذه العقود كان الزملاء يعيشون حالة من التذمر الشديد، فهم بعيدون كل البعد عن هذه المناهج، وإنما يفاجؤون بها بعد طباعتها وتوزيعها، فيجدون فيها أمورا عجيبة وأخطاء لا حصر لها.

وبودي لو تتخذ وزارة التعليم خطوات عملية في عملية تغيير المناهج؛ فالمعلم هو ألصق الناس بالمنهج، حيث يدرّسه لسنوات وربما لعقود، وهو متخصص في ذلك العلم، واصطفاء مجموعة معلمين من كل منطقة وعرض المناهج عليهم قبل طباعتها ربما يخفف من حدة الغضب التي تجتاح المعلمين بعد الطباعة والتوزيع دون أخذ رأيهم ومشورتهم.

أما مسألة المليارات التي تنفق في عملية المناهج، فإن الوقت قد حان للمراجعة، فالمليار مبلغ كبير جدا، وإنفاقه ينبغي أن يكون مقنعا للقارئ؛ فمن غير المعقول أن يتم إنفاق كل تلك المليارات على التعليم، وفي نهاية المطاف يأتي الطالب ليخفق إخفاقا شديدا في اختبارات القدرات والاختبارات التحصيلية!

ومن غير المقبول أن يعيش العالم في القرن الحادي والعشرين ونحن ما زلنا نطبع مناهجنا، في حين أن العالم جعل جميع المناهج في جهاز واحد، وقد تجاوز مرحلة جعل كل منهج في قرص ممغنط، فما قيمة إنفاق كل هذه المبالغ في منأى عن التقنية الحديثة؟!

إن المطلوب هو الاعتماد على العنصر التعليمي الأهم في عملية صياغة المناهج، ومعلمونا فيهم قدرات لا يستهان بها، ولديهم خبرات طويلة جدا في مجال تخصصاتهم، واستقطابهم، وعقد ورش عمل لكل تخصص، والخروج بفريق عمل لصياغة المناهج وفق رؤية عملية ميدانية ممن عاصروا المناهج وسبروا أغوارها وعلموا وملّوا أخطاءها بات ملحا.

وهذا العمل المهني سيكون - في تصوري - أفضل بكثير من الاستعانة بأساتذة الجامعات، أو الشركات، لأنهم بعيدون ميدانيا عن المناهج، وسيبنون تلك المناهج وفق تصورات نظرية.

ومن ناحية أخرى فإن مثل هذا العمل سيكون بعيدا جدا عن الأرقام الفلكية التي تظهر لنا بين الفينة والأخرى، فالمليار ومضاعفاته أرقام لا يستهان بها، وإنفاق جزء منها على مقدراتنا الوطنية لا شك أنه أفضل؛ فمن ناحية فيه تقدير لهم، وإفادة من خبراتهم، كما أنهم يستحقون تلك المبالغ نظير ما سيسدونه للميدان التربوي من مناهج لائقة من الناحية العصرية وخالية من الأخطاء التي ربما وقع فيها غيرهم.

إن المطلوب من مناهجنا أن تكون قوية ومعاصرة، كما يراد ممن يقوم بصياغتها أن تكون مختصرة على المعلومة دون إسهاب أو إطالة، بحيث يكون المنهج في النهاية مغذيا معرفيا ومنورا فكريا للطالب، فليس المطلوب من الطالب الإحاطة بكل جزئية في ذلك العلم الذي ألّف فيه المنهج، بل هي معارف وإضاءات وإشارات هامة يكون من شأنها تزويد الطالب بكم معرفي ومعلوماتي يفيده مستقبلا.

فهل تكف وزاراتنا عن إظهار هذه الأرقام الفلكية المخيفة، والأهم هل تعتمد على مقدراتنا الوطنية وتستفيد من خبراتنا المحلية؟


لصالح صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/08/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد