آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد صادق الحسيني
عن الكاتب :
كاتب وباحث إيراني

جعجعة في جرابلس والطحن في حلب ورقصة أردوغان...!

 

محمد صادق الحسيني ..

إن عملية «درع الفرات» ليست سوى «غزوة جرابلس» التركية بالتنسيق التامّ مع واشنطن وداعش…!

إنها جائزة الترضية الأميركية لأنقرة بعد ليل تركيا الطويل الذي كانت واشنطن مساهمة في صناعته لليّ ذراع أردوغان وقد حصل، واليوم تحاول تقصيره من جيب المواطن السوري عرباً وكرداً ووو…!

 

إنها فصل جديد من فصول الحرب المفتوحة على الشام ومحور المقاومة في محاولة دؤوبة لمنع عودة حلب إلى حضن الدولة السورية دون دفوعات سياسية ولتأخير إعلان النصر الاستراتيجي المبين لهذا المحور حال نضوج ساعة المفاوضات الكبرى…!

 

وإليكم الوقائع الميدانية ذات الدلالات المؤكدة:

 

أولاً: إنّ موضوع العدوان التركي على سيادة الأراضي السورية الجاري منذ فجر 24/8/2016 هو حلقة من حلقات رقصة الهيلاهوب الأردوغانية.

 

أيّ أنه، وعلى الرغم من تصريحاته ووزرائه حول ضرورة العمل على حلّ الأزمة السورية سلمياً، إلا انه مستمرّ في الكذب والمناورة ويحاول العودة إلى مشروعه القديم بالسيطرة على الشمال السوري، بما في ذلك حلب، بحجة منع إقامة كيان كردي على حدود تركيا الجنوبية.

 

ثانياً: إنه استغلّ فرصة تحسين علاقته مع روسيا، ما يضمن عدم قيام روسيا بردّ فعل قوي وحاسم على عدوانه على سورية، كما استغلّ تأزم علاقته مع الولايات المتحدة، واقتناعه بأنّ الولايات المتحدة مضطرة لتقديم أكثر من جائزة ترضية له، أقول إنه وبسبب ذلك أقدمَ على تنفيذ عدوانه انطلاقاً من تلك الحيثيات الظرفية…

 

ثالثاً: اعتقد أنّ الدولة السورية لن تبدي الكثير من المعارضة لهذه الخطوة بسبب أنها ستنطلق من أنّ هذا التحرك التركي سيضعف أطرافاً تقاتل الدولة السورية، أيّ داعش والأكراد. كما أنّ الدولة السورية لا تعتبر وحدات الجيش الحرّ، التي يستغلّ أردوغان اسمها في عمليته، لا تعتبرها الدولة السورية قوة عسكرية يُحسب لها حساب.

 

رابعاً: خاصة أنّ من يشارك في العملية التركية مما يسمّى الجيش الحرّ هم 500 عنصر فقط يتبعون ما يسمّى اللواء ٦٠ في الجيش الحرّ، والذين كانوا موجودين في مدينة عنتاب السورية المحتلة، والذين تمّ نقلهم بواسطة الجيش التركي إلى محيط جرابلس.

 

خامساً: إنّ بقية وحدات المسلحين الذين تمّ إدخالهم سورية تحت حماية الدبابات التركية هم المجموعات نفسها التي تقاتل الجيش السوري في جنوب غرب حلب وفي أرياف حلب الشمالية، أيّ أنّ هدف الجيش التركي ليس محاربة داعش وأخواتها وإنما تحقيق حلم «السلطان» بالسيطرة على الشمال السوري.

 

سادساً: المعلومات المترافرة لدينا تؤكد من دون ريب ولا تردّد بأنه قد حصلت:

 

- عملية إخلاء من جانب داعش لجرابلس بمجرد بدء تحرك المدرّعات التركية، وعدم حصول ايّ اشتباك بين الطرفين.

 

- عدم سقوط أيّ قتيل من الطرفين خلال 48 ساعة منذ بدء العملية!

 

- إلى أين انسحب مسلحو داعش من جرابلس؟ وكذلك إلى أين انسحب الأكراد من محيطها؟ ولماذا لم يقم سلاح الجو التركي بقصف أرتالهم على محاور انسحابهم سواء باتجاه الباب أو الرقة، كما يروّجون!؟

 

سابعاً: التفسير الوحيد هو أنه لم يحصل أيّ قتال وإنما تمّ سحب وحدات داعش الرئيسية إلى الداخل التركي، وكذلك القوى المتعاطفة معها للإتيان بها في المستقبل إذا ما دعت الضرورة لإعادة استخدامها.

 

أيّ أنّ عملية سحبهم إلى تركيا قد تمّت قبل بدء تحرك المدرّعات التركية، وذلك بترتيب من قبل مشغّلهم، أيّ المخابرات التركية، وإلا كيف يفسّر قتال داعش الشرس في تدمر والأنبار والرمادي والفلوجة وتسليم جرابلس دون قتال!؟

 

أما من أرسل منهم إلى مدينة الباب فإنما أرسلوا لخلق ذريعة لتوسيع التدخل التركي باتجاه الباب تمهيداً للانقضاض على حلب.

 

ثامناً: وبناء على ما تقدّم فإنّ المتابعين لما يحصل يعتقدون جازمين بأنه من الضروري جداً قيام الجيش العربي السوري بعملية إنزال جوي ترافقه عملية إغارة برية يساندها غطاء ناري جوي كثيف للسيطرة على مدينة الباب لمنع الجيش التركي من الاقتراب من بوابة حلب الشمالية الشرقية.

 

أيّ القيام بعملية قوات خاصة مثيلة بتلك العملية التي قامت بها القوات الخاصة الروسية خلال الحرب اليوغسلافية سنة 1999 وسيطرت خلالها على مطار بريشتينا، عاصمة كوسوفو، واستبقت سيطرة قوات الناتو عليه مما أعطى القوات الروسية ورقة سياسية مميّزة بعد وقف القتال…

 

وأخيراً: هناك معلومات ومن مصادر صحافية لا يُستهان بها تؤكد ما يلي:

 

- إنّ العملية التركية وكأنها منسقة بين روسيا/ إيران/ تركيا وسورية وموافقة أميركية U S consensus- هذا هو التعبير التي استعملته المصادر- كما تروّج المصادر التي واكبت غزوة جرابلس…

 

وإنْ كنا لسنا مقتنعين بهذا وإنما نميل إلى ترجيح دقة ما أشرنا إليه أعلاه…

 

بكلّ الأحوال المتابعون الفطنون لما تقوم به تركيا منذ بدء ليلها الطويل وما يُسمّى بالاستدارة التركية يؤكدون:

 

بأنّ غزوة جرابلس قد تكون فعلاً المُراد منها ظاهراً قطع الطريق على إقامة دويلة الأكراد…

 

وإنّ أردوغان على شاكلة جنبلاط في لبنان تقلب في اللحظة المناسبة انتهازياً…

 

لكنهم يجزمون بأنّ ما جرى في جرابلس ما هو إلا جعجعة، والطحن في حلب…

 

للعلم فقط، فإنّ ثمانين في المئة من مسلحي داعش في جرابلس لم يغادروا المدينة وإنما نقلوا البندقية من كتف إلى كتف

 

أيّ أنهم تحوّلوا من تبعيتهم لداعش الى الجيش الحر… بمعنى أن مشغلهم التركي يتعامل معهم مثلما كان هتلر يتعامل مع قواته الخاصة والتي كانت تسمى SS أي شتورم شتافل… وتعني سرب الاقتحام . كذلك قوات SA أي شتورم ابتايلونغ ومعناها قسم الاقتحام… حيث إنّ المشغل التركي قد قام بتغيير رايات المسلحين فقط…

 

ما يؤكد أنّ ما يجري في منطقة جرابلس هي وصلة من وصلات رقصة الهيلاهوب الأردوغانية…

 

جريدة البناء

أضيف بتاريخ :2016/08/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد