التقارير

تقرير خاص: #الجبير والتمهيد لوقف الحرب على #اليمن.. الأحلام الضائعة والخسائر المتراكمة

 

مالك ضاهر ..

تشتت وضياع أم معرفة واطلاع؟ كيف يمكن وصف الخطاب السياسي الذي عبر عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في كلامه يوم الاثنين 17 أكتوبر/تشرين الثاني، فالرجل الذي طالما هلل لـ"عاصفة الحزم" ومن ثم حملة "إعادة الأمل" نجده اليوم يمهد لوقف الحرب على اليمن محاولا رمي الكرة في  ملعب الأطراف اليمنية، فرئيس الدبلوماسية السعودية قال إن المملكة موافقة على وقف إطلاق النار إذا وافقت حركة "أنصار الله" واللجان اليمنية الشعبية على ذلك.

 

فبعد أن كانت أهداف الحملات ضد اليمن تتركز على "عودة حركة أنصار الله لصعدة وتسليم السلاح للشرعية وعودة الشرعية لصنعاء.. ثم انتهت على سيب وأسيب"، بحسب المغرد السعودي "مجتهد"، باتت اليوم تُرمى الكرة في الملعب اليمني لإظهار أن المملكة تريد الحل ووقف الحرب وهناك غيرها من يعطل المخارج السلمية، وحقيقة أين باتت كل تلك الأهداف التي أعلنتها المملكة بقيادتها لـ"التحالف" ضد اليمن؟ هل سحب السلاح من أنصار الله أم هل تمَّ إنهاء وجود علي عبد الله صالح السياسي والعسكري؟ وهل تمكنت القيادة السعودية من فرض النظام الذي يريده التحالف في اليمن؟

 

وقف الحرب.. لماذا اليوم؟

ولماذا قررت المملكة اليوم السير باتجاه وقف العدوان ولماذا لم تقدم على ذلك منذ وقت طويل طالما أن بنك الأهداف الموضوع لم يتحقق منه أي شيء؟ لماذا لم نوفر على بلادنا كل الخسائر البشرية والمادية والمالية التي تكبدناها على مختلف الصعد؟ لماذا لم نوفر على أنفسنا كل هذه التبعات والمسؤوليات الأخلاقية والقانونية ولم نحافظ على حد أدنى من السمعة أمام الرأي العام العالمي الذي بات ينظر إلى المملكة على أنها راعية للإرهاب من جهة خاصة بعد قانون "جاستا" ومن جهة ثانية منتهكة لحقوق الإنسان في اليمن خاصة بعد سلسلة المجازر وآخرها مجزرة صالة العزاء الكبرى في صنعاء.

 

واللافت في هذا الإطار أن الجبير توقع أن تحاسب قيادة التحالف "المسؤولين عن قصف عزاء صنعاء وتعويض عائلات الضحايا"، مشيرا إلى أن "المملكة السعودية تحرص بشدة على الالتزام بالقانون الإنساني في الصراع اليمني"، علما أن كل الدلائل لا تظهر مثل هذا الالتزام من قبل قيادة التحالف، إلا أنه قد يعتبر البعض أن الغارات التي نفذت على مجلس عزاء "آل رويشان" ورغم هول فظائع نتائجها إلا أنها تشكل فرصة ذهبية لإخراج المملكة السعودية من المستنقع اليمني الذي باتت اليوم تغرق به منفردة دون دعم أو غطاء خاصة بعد تدهور العلاقات السعودية المصرية وبعد سيل الانتقادات التي وجهت إلى المملكة من الأمم المتحدة والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية التي حاولت إخراج نفسها من تهم التورط في اليمن عبر مزيد من إغراق المملكة بسلبيات تلك الحرب.

 

من سيحمل تبعات الحرب؟

فربما أن المملكة قد اقتنعت تماما بفشل الرهان على الحرب في اليمن، لعدم تحقيق الأهداف المأمولة منها من جهة ولعدم وجود سند حقيقي يدعم المملكة لتسجيل انتصارات على الأرض أو حتى لتقديم الدعم السياسي والإعلامي، فاليوم حتى من اتهم بدعم التحالف في حرب اليمن، بات محرجا من استمرار خرق القانون الدولي الإنساني في ظل عدم القدرة على التقدم عسكريا على الأرض أو تحقيق أي حسم ميداني أو تقديم انجارات كبرى تختم بها الحرب.

 

ولكن وإن توقفت الحرب اليوم، بات لزاما التساؤل من الذي سيحمل تبعات هذه الحرب التي ما كانت لتحصل لولا الغطاء الأمريكي الغربي ولولا المشاركة والدعم المباشرة من الإدارة الأمريكية على مختلف الصعد؟ وحقيقة لا يجوز والحال كذلك "إلباس" التهمة بكل ما جرى للمملكة وقيادتها السياسية والعسكرية بل لا بدَّ من تجزأة المسؤوليات في هذا الإطار، ووضع النقاط على الحروب عبر تحميل المسؤولية لكل الجهات التي غطت ودعمت هذه الحرب وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية والإدارة الحالية الموجودة في البيت الأبيض، إلا أنه للأسف نحن اليوم على أعتاب وصول إدارة جديدة في أمريكا ومعه قد تذهب المسؤولية بشكل شبه كامل للقيادة السعودية خاصة أن في هذه القيادة من ما يزال في بداية مشواره السياسي، ما يعني أن التبعات الأخلاقية ستلاحقهم في مستقبلهم العملي.

 

وبالعودة إلى كلام الجبير الأخير، يلفتنا تعليقه على ما يجري في سوريا والعراق، والمستغرب هنا أن الجبير ينبه من "حمام دم" عندما يتناول العملية التي تقوم بها القوات العراقية لتحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش" الإرهابي، في حين أنه يشير بوضوح إلى أن "المملكة تعمل على زيادة دعم تسليح المعارضة المعتدلة في سوريا وبالأخص في حلب"، وهذا الكلام الذي يثير الدهشة يطرح الكثير من التساؤلات، حول ظهور الجبير ومن خلفه المملكة السعودية أنه يقف ضد الدولة الوطنية في العراق وسوريا وأنه يتعاطف حينا ويدعم أحيانا جماعات مسلحة إرهابية في معظمها؟ واللافت أنه دائما تطرح الشكوك والتساؤلات حول دعم المملكة لهذه الجماعات التي تحاول تفكيك الدول الوطنية في المنطقة وضرب وحدتها واستقرارها.

أضيف بتاريخ :2016/10/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد