التقارير

تقرير خاص: #ترامب والعلاقة مع #المملكة.. التعقل أم السير نحو الانتحار؟!

 

مالك ضاهر ..

حمل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض موجه تساؤلات عارمة حول الكثير من المواقف التي أطلقها الرجل خلال خوضه غمار المعركة الإنتخابية، هواجسه التي كانت تطرح خلال السباق الرئاسي باتت اليوم واقع قد يؤرق جهات كثيرة في مختلف أصقاع الأرض، فترامب المشاكس سبق أن أطلق رسائل واتهامات وصليات من التهديدات باتجاهات مختلفة، حتى أن البعض اعتبر أن خسارة ترامب كانت أفضل بكثير من حصوله على فرصة قيادة الإدارة الأمريكية لولاية رئاسية مقبلة مدتها أربع سنوات.

 

ومن أبرز ما سبق أن أطلقه ترامب ومما يهمنا في منطقتنا وبلادنا هو ما تحدث عنه عن ضرورة قيام بعض الدول ومنها المملكة السعودية بدفع ضريبة الحماية التي تقدمها الولايات المتحدة لهذه الدول، باعتبار أن واشنطن تخسر الكثير مقابل خدمات الحماية المقدمة وعليها ديون واجب أن يتم تغطيتها.. وإلا ".. قد يضطروا إلى الدفاع عن أنفسهم أو عليهم مساعدتنا فنحن دولة لديها ديون تبلغ 20 ترليون دولار.."، بحسب قول ترامب.

 

ترامب الرئيس .. هل يبقى على مواقفه من المملكة؟

فرجل الأعمال والمليارير يبدو أنه أعلنها صراحة، فهو يتاجر بأي شيء على "الطريقة" الأمريكية الرسمية التي تهدف إلى الكسب المادي بأي طريقة ولا يقف طمعها عند حد أو تحالفات أو علاقات، اللهم باستثناء العلاقة مع "إسرائيل" ومصالح هذا الكيان الذي يبقى في رأس سلم أولويات الإدارة الأمريكية، وهذا ربما قد يكون العامل المشترك الوحيد بين ترامب ومنافسته الخاسرة في السباق الرئاسي هيلاري كلينتون، حيث اختلفا على كل شيء باستثناء مصالح "إسرائيل" العدو الأول للأمة العربية والإسلامية.

 

وبالعودة إلى الواقع المستجد اليوم، فدونالد ترامب بات الرئيس الجديد ولديه سلسلة مواقف أطلقها بحق المملكة السعودية بشكل خاص، فكيف سنتعامل نحن مع هذا الأمر؟ وكيف سيكون تعاطينا في المستقبل مع ترامب والإدارة الجديدة في البيت الأبيض؟  وكيف سيكون تعاطي "ترامب-الرئيس" معنا؟ هل سيكون شبيها بمواقف "ترامب-المرشح" للرئاسة أم أنه سيتعاطى كرجل دولة يقود الولايات المتحدة؟ باعتبار أن المعركة الرئاسية الأمريكية شهدت انحطاطا كبيرا على كل المستويات ما جعل ترامب وكلينتون يستخدمان كل الأساليب لجذب نظر وأصوات الجمهور من مختلف الشرائح، فليس بالضرورة أن يبقى ترامب على تصعيده مع المملكة بل ربما يعود ليخفف النبرة اتجاه الرياض ويحاول الاستثمار من جديد، خاصة أنه أعلنها بوضوح أنه يريد قبض الثمن للخدمات التي تقدم للمملكة وغيرها من الدول، فهل إذا ما دُفع الثمن الذي يريده ترامب سيكف شره عنا أم أن هذا الثمن سيجر أثمانا أخرى ويفتح علينا أبواب كثيرة وكأننا مغارة "علي بابا" يريدون أن يسدوا عجزهم عبر أموالنا؟

 

وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى قانون "جاستا" الذي سيبقى هو السيف المالي المسلط على رقبة المملكة، فهو سيفتح المجال أمام حملات من المقاضاة التي لن تنتهي بحق المسؤولين والحكومة بحجة تعويض أهالي ضحايا "11 سبتمبر"، وبالتالي فإن المملكة ستدفع إما لأهالي الضحايا أو لمن "يمون" على منع ملاحقة قياداتها الحاليين أو السابقين عن أحداث قد لا يكون لها أي علاقة بها لا من قريب ولا بعيد، فالأمريكي عبر أجهزته هو من سرب معلومات عن تحقيقات حول أحداث "11 سبتمبر" صنعها بنفسه ولمَح فيها لتورط مسؤولين سعوديين ومن ثم أصدر القانون الذي يخوله الحق بمقاضاتنا واليوم يستطيع البدء بالمحاكمة أو وقفها أو تأجيلها، وبالتالي فالأمريكي قد لعب بوجه المملكة دور الخصم والقاضي ومن ثم الحكم، فكيف يمكن أن تسير الأمور بعد ذلك، سوى بابتزاز الرياض واستنزاف خزينتها وخيراتها.

 

واشنطن.. المصلحة أولا

ولكن السؤال سواء تعقل ترامب أو سار نحو الهاوية في علاقته مع المملكة، هل ستقف قيادة المملكة مكتوفة الأيدي أمام أي احتمال ممكن؟ هل سننتظر ترامب للبدء بتنفيذ تهديداته وحشرنا أمام الرأي العام المحلي والدولي؟ أم أن للمملكة خطوات وخطط بديلة ستلجأ لتطبيقها لردع ترامب عن أي تهور ممكن؟ وبكل الأحوال لماذا علينا نحن أن نكون في موقف التابع تارة والمتهم تارة أخرى أو حتى في موقف المحتاج للأمريكي وغير الأمريكي في أي خدمة ممكنة سواء أمنية أو عسكرية أو غير ذلك ولماذا لا يكون لدينا الاكتفاء الذاتي في كل شيء بدل أن يهددنا أي كان بمسائل يجب أن يكون لدينا فيها حصانة تامة أمام جميع الدول الصديقة أو العدوة.

 

واللافت أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود هنأ ترامب بعد الإعلان عن فوزه كرئيس للولايات المتحدة، وقد أشاد الملك سلمان بالعلاقات التاريخية الوثيقة بين واشنطن والرياض، التي يتطلع الجميع إلى تطويرها وتعزيزها في المجالات كافة لما فيه خير ومصلحة البلدين، متمنيا له التوفيق والسداد في مهامه بما يحقق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع.

 

وصحيح أن خطوة الملك سلمن تأتي في إطار الإجراءات الاعتيادية بين الدول إلا أنها تحمل في طياتها أكثر من مجرد تهنئة لرئيس كرر تهجمه على المملكة بشكل صريح ومباشر، كما أن المملكة ومن خلفها بعض دول مجلس التعاون وجهت إليهم التهم بتمويل حملة هيلاري كلينتون لإيصالها إلى البيت الأبيض بدل ترامب، فكيف سيتعامل ترامب مع من موّل حملة كلينتون الرئاسية؟ هل سيكون هذا دافعا إضافيا لمزيد من التشدد مع بعض دول الخليج أم أنه سيقبض الأثمان المناسبة لتعزيز وتطوير العلاقات التاريخية معها؟

 

لا شك أن الإجابة عن هذه الأسئلة ستظهرها الأيام المقبلة بكل تأكيد، إلا أنه لا بدَّ من الإشارة إلى الإضاءة على نقاط عدة منها:

 

-أن ترامب استخدم كل الشعارات الانتخابية الممكنة خلال حملته الانتخابية(وقد أدت النتيجة المرجوة بوصوله إلى البيت الأبيض) واليوم عليه البحث بالدرجة الأولى عن مصلحة بلاده لا مصالحه وشعاراته الخاصة.

 

-يجب التذكير أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض تخلله معارضة قوية داخل الحزب الجمهوري نفسه، والكونغرس اليوم بحسب نتائج الانتخابات يسيطر عليه الجمهوريون، بالإضافة إلى تواجد الديمقراطيين، لذلك فالرئيس ليس حر التصرف كيفما يشاء إنما هناك مواقف ستوقفه عند حده إذا ما ذهب بعيدا بالمغامرة في المصالح العليا للبلاد.

 

-هناك عدة جهات تقيد أداء الرئيس بشكل عام كمجلسي النواب والشيوخ، وزارة الدفاع، وزارة الخارجية، شركات المال والإعلام، شركات تصنيع وبيع السلاح، لوبيات الضغط المختلفة وأبرزها اللوبي الصهيوني، أجهزة الاستخبارات المختلفة وغيرها من دوائر صنع القرار الأمريكي ممن سيكون له تأثير في رسم سياسة الولايات المتحدة لا سيما الخارجية منها، وإن كان للرئيس بصمة وتأثير فيها أيضا، إلا أنه إذا ما قدرت هذه الجهات أن هناك حاجة لتعزيز العلاقة مع المملكة السعودية فبالتأكيد سيتم "فرملة" أداء ترامب إذا ما أراد الذهاب بعيدا في تماديه مع بلد كالمملكة.

أضيف بتاريخ :2016/11/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد