قصة وحدث

قصة وحدث: ’عاشق من فلسطين’ الشاعر #محمود_درويش

 

وردة علي ..

على مقربة من ساحل عكا بفلسطين وفي قرية البروة في الجليل تحديدا ولد أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه، وُلد عاشق من فلسطين.

و في 13 مارس 1941، كانت ولادة امتزاج الحب بالوطن، حيث ولد الشاعرٌ الفلسطيني وعضو المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، و صاحب الدواوين الشعرية المليئة بالمضامين الحداثية، "محمود درويش".

 كانت أسرته تملك أرضًا في الجليل، خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 إلى لبنان، ثم عادت متسللة عام 1949 بعد توقيع اتفاقيات الهدنة، لتجد القرية مهدمة وقد أقيم على أراضيها موشاف (قرية زراعية زرعها الإسرائيليون)، فعاش مع عائلته في قرية الجديدة.

وبعد أن أنهى تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفرياسيف بالجليل، عمل في عدة صحف مثل الاتحاد والجديد التي أصبح في ما بعد مشرفًا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر.

 

الصحافة الحرة والنشاط السياسي ..يدعو الاعتقال..

اُعتُقِل محمود درويش من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا بدأ من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972 حيث توجه إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة.

وانتقل بعدها لاجئًا إلى القاهرة في ذات العام حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علمًا إنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا على اتفاقية أوسلو.

شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وأسس مجلة الكرمل الثقافية.

 

العودة إلى حضن الأم و الوطن..

كانت إقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه، وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحًا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك.

وفي الفترة الممتدة من سنة 1973 إلى سنة 1982 عاش في بيروت وعمل رئيسًا لتحرير مجلة شؤون فلسطينية، وأصبح مديرًا لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية قبل أن يؤسس مجلة الكرمل سنة 1981.

وبحلول سنة 1977 بيع من دواوينه العربية أكثر من مليون نسخة، لكن الحرب الأهلية اللبنانية كانت مندلعة بين سنة 1975 وسنة 1991، فترك بيروت سنة 1982 بعد أن غزا الجيش الإسرائيلي بقيادة "أرئيل شارون" لبنان وحاصر العاصمة بيروت لشهرين وطرد منظمة التحرير الفلسطينية منها.

 أصبح درويش "منفيًا تائهًا"، منتقلًا من سوريا وقبرص والقاهرة وتونس إلى باريس".

 

شاعر وفيلسوف يكتشف "درويش" ..

ساهم في إطلاقه واكتشافه الشاعر والفيلسوف اللبناني "روبير غانم"، عندما بدأ هذا الأخير ينشر قصائد لمحمود درويش على صفحات الملحق الثقافي لجريدة الأنوار والتي كان يترأس تحريرها.

 و كان "محمود درويش" يرتبط بعلاقات صداقة بالعديد من الشعراء منهم "محمد الفيتوري" من السودان و"نزار قباني" من سوريا و"فالح الحجية" من العراق و"رعد بندر" من العراق وغيرهم من أفذاذ الأدب في الشرق الأوسط.

وكان له نشاط أدبي ملموس على الساحة الأردنية فقد كان من أعضاء الشرف في نادي أسرة القلم الثقافي مع عدد من المثقفين أمثال مقبل مومني وسميح الشريف، وغيرهم.

 

نقاد يُقسمون مراحل شعر درويش إلى عدة أقسام..

قسم النقاد مراحل شعر درويش الشعرية إلى عدة أقسام يجمع بينها علاقة الشاعر بوطنه وبقضيته "القضية الفلسطينية"، وبالمنفى وترك الديار وكل ذلك في ظل علاقته بالذات.

و قسم الناقد "محمد فكري الجزار" شعر درويش إلى ثلاثة أقسام: المرحلة الأولى وهي مرحلة تواجده في الوطن، التي تشمل بدايات تكوين الشاعر و وعيه بقضية وطنه وتشكيل الانتماء للوطن في ظل الاحتلال.

أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الوعي الثوري والتي امتدت إلى عام 1982 حيث الخروج من بيروت وفيها تم تنظيم مشاعر الشاعر الجمعية التي كانت قد تكونت لديه في المرحلة الأولى، والمرحلة الثالثة فهي مرحلة الوعي الممكن والحلم الإنساني.

بينما قسم الناقد "حسين حمزة" شعر درويش إلى ثلاث مراحل انطلاقا من علاقة الشاعر بنصه الشعر ي فنيا، وبخارج نصه ايدلوجيا، أي كيف انتقل درويش من ماركسية في المرحلة الأولى إلى قومية عربية في المرحلة الثانية، وإلى الفكر الكوني الإنساني في المرحلة الثالثة دون إغفال فلسطينيته.

 أما من حيث مسيرته الشعرية فيمكن تقسيمها وفق ما جاء عند "الناقد حسين حمزة" إلى ثلاث مراحل : المرحلة الأولى (190-1970) ويسميها حسين حمزة بمرحلة "الاتصال"، حيث انتمى الشاعر وفق حسين حمزة في هذه المرحلة إلى التيار الرومانسي في الشعر العربي المعاصر وقد احتذى بشعراء أمثال بدر شاكر السياب (1926-1964) ونزار قباني (1932-1998) وهنا نلاحظ سيطرة الخطاب المباشر على نصه الشعري مع استخدامه الشاعر لتقنيات أسلوبية مثل التناص وغيرها.

أما المرحلة الثانية (197-1983) وهي مرحلة أطلق عليها "حسين حمزة" بمرحلة "الاتصال" وهي مرحلة بينية تكمن فيها بعض مميزات المرحلة الأولى وقد طور الشاعر في هذه المرحلة أسلوبه وتطورت دلالات شعره منفتحة على دلالات أوسع من تلك الحاضرة في البعد الأيديولوجي، كما اكتسبت إحالات الشاعر إلى التاريخ والدين والأسطورة والأدب والحضارة زخما أكبر، حيث أصبح نصه الشعري مليئاً بالإشارات الأسلوبية .

أما المرحلة الثالثة والأخيرة (1983-2008) فقد أسماها الناقد حسين حمزة بمرحلة "الانفصال" ،بمعنى أن الشاعر انفصل تدريجيا وبشكل واعٍ عن خطابه الأيديولوجي المباشر في شعره، وقد يكون الخروج من بيروت عام 1982 سبباً في خيبة أمل الشاعر في قومية عربية التي آمن بها الشاعر وتجلت بالمرحلة الثانية.

وفي هذه المرحلة انفصل الشاعر عن الضمير "نحن" وعاد إلى الضمير "أنا" أي الالتفات إلى الذاتية.

 

وفاته..

توفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجراءه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن، تكساس، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء في مستشفى "ميموريـال هيرمان"، نزع أجهزة الإنعاش بناءً على توصيته.

وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" الحداد ثلاثة أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنا على وفاة الشاعر الفلسطيني، واصفًا درويش "عاشق فلسطين" و"رائد المشروع الثقافي الحديث، والقائد الوطني اللامع والمعطاء".

و شارك في جنازته آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وقد حضر أيضا أهله من أراضي 48 وشخصيات أخرى.

 وقد وري جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله حيث خصصت له هناك قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي، وتمت تسمية القصر بـ "قصر محمود درويش للثقافة".

 

أضيف بتاريخ :2017/03/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد