آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خالد الجيوسي
عن الكاتب :
كاتب وصحافي فلسطيني

ماذا لو صحّت أنباء “اجتياح” الأردن للأراضي السورية.. ؟


خالد الجيوسي

هُنا في المملكة الأردنية الهاشمية، لا يستبشر المُواطنون بالأنباء التي تقول أن جيشهم “العربي” يُمكن له أن يخوض حرباً لا ناقة له فيها ولا بعير، ويجتاح “الشقيقة” سورية من جنوبها، تحت عنوان مُحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، والغير موجود أصلاً هناك كما يقول “حزب الله” اللبناني، الذي اعتبر ذلك احتلالاً، انطلاقاً من تواجده عند الحدود السورية الأردنية، ومُراقبته والحُلفاء تدريبات “الأسد المُتأهّب”، والتي تهدف في نهاية الأمر للانقضاض على “أسد سورية”.

الأردن الرسمي يقول أنه لن يسمح بأن ينال أحد من حدوده، وأنه سيتصدّى بعزم لأي محاولات للمس بأمنه، حتى لو اضطره ذلك، لفعل ذلك داخل العُمق السوري، فحماية الحدود أولوية، لكنه كذلك يُنكر أنباء الحشود العسكرية، ويتحدّث عن صور “لسكراب” عسكري قديم، كانت قد بثّته “الميادين” على أنه دلالة اقتراب ساعة الصفر، لاجتياح أراضي سورية.

لا تبدو عناوين الأردن العسكرية، والتي غايتها مُواصلة منظومة الأمن والاستقرار مُقنعةً للأردنيين، سواء من عامّة الشعب أو الطبقة النخبوبة، فسورية لا تُشكّل تهديداً فعلياً لنظام الأردن، ومنع تواجد الجيش العربي السوري على حدوده الجنوبية، ومنع تحرّك مُطلق للحرس الثوري، وحزب الله، لوقف مشروع مقاومة، خدمةً لإسرائيل هي الغاية الوحيدة من تواجد عسكري، قوامه أكثر من 4000 مسلّح، تسمح الأردن بتواجده، وبإشراف أو مُساندة أمريكية بريطانية.

لا نعلم حقيقةً كيف سيكون حال الأردن، لو صدقت تهديدات السفير السوري “المطرود” من المملكة الهاشمية بهجت سليمان، بتفجير الوضع الداخلي الأردني، هذا لو أقدم الأردن بالطبع على “اجتياح” للأراضي السورية، وباتت قوّاته التي درّبها أو في حال الاستعانة بأفراد جيشه، والتي اعتبرها وزير الخارجية السوري وليد المعلم قوّات مُعادية، نقول لا نعلم، لأن رأس مال الدولة الأردنية هو الأمن والأمان على الصعيد الداخلي، والثقة  الشعبية بعقيدة الجيش الأردني التي تقوم على حماية الوطن أولاً، وأخيراً.

الوضع الاقتصادي المُتهالك، يضغط على الحكومة الأردنية، ويضعها في مهب رياح تصاعد الحراك الشعبي، وربّما دخول الأردن في حرب، هو في غنىً عنها، ربّما سيدفع الشارع لفقد الثقة أيضاً بمؤسسته العسكرية، والتي كانت على الدوام، حريصة أن تكون في منأى عن التدخّل في شؤون “الأشقاء”، هذا بالإضافة إلى مشاكل الأردن الداخلية التي تكفيه، ويحتاج سنوات عقيمة لحلها.

هل سيُضحّي الأردن بأمنه وأمانه، مُقابل وعود اقتصادية، جرّاء تقديم خدمات “إسقاط النظام السوري”، أو تفعيل مشروع التقسيم لأراضي سورية، يبدأ من إخضاع درعا مثلاً لسيادته تحت عنوان طموح “الأردن الكبير”، وماذا لو نجح المشروع، هل يستطيع الاقتصاد الأردني تحمّل تبعات إضافة محافظة جديدة، يزورها رئيس الوزراء، ويعدها بأمور، لا يستطيع تنفيذها على أرض الواقع، كما هو الحال مع محافظات أردنية مُهمّشة.

يُقال أن العربية السعودية، ستتكفّل بدفع كل مُستحقات خوض الأردن معركة “الجنوب السوري”، لكن سيبقى السؤال هو من يُعوّض الأردنيين عن الخسائر في الأرواح مع “الشقيقة” سورية لو وقعت الحرب، وصدقت التهديدات، ومن يُعيد للمملكة الهاشمية أمنها وأمانها، إذا انفلتت معايير معركتها جنوب سورية، هل تستطيع السعودية، ومن خلفها “جبروت” الولايات المتحدّة الأمريكية فعل هذا، لا نظن ذلك!

لا يسعنا في النهاية، إلا أن نتمنّى للأردنيين والسوريين كشعوب بركة العمر، وأن يُجنّبهم ويلات ما يُحيكه الحكّام من خلف ظهورهم، وبمقولة أحد الزملاء الصحفيين الأردنيين أختم: “لا نُريد حرباً، نُريد أن يعود الجنود لزوجاتهم وأبنائهم”، حقًاً لا نُريد في منطقتنا مزيداً من الحروب!

كاتب وصحافي فلسطيني
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/05/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد