آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد صادق الحسيني
عن الكاتب :
كاتب وباحث إيراني

بادية الشام مقبرتكم والشام معراجنا إلى السماء ..!


محمد صادق الحسيني

ليست هي الحرب الكبرى تماماً، لكنّها من ممهّداتها والهدف كان ولا يزال الضرب تحت الحزام في جسم المقاومة الممتدّ من طهران إلى بيروت، مروراً بالعمود الفقري لهذا المحور بلاد الشام والعاصمة دمشق…!

لم يتجرأوا حتى الآن من إعلان خططهم الحقيقية، وسيظلون يتذرعون بمحاربة داعش، والعين على قلب محور المقاومة البعيد المنال ..!

لكن أدواتهم ووسائلهم وإعلامهم وضجيجهم، يشي بأن عيونهم لا تزال تتحسّر على أي نصر ولو معنوي على قصر الشعب السوري…

وفي هذا السياق يسجل القارئون في سجل العدوان الدولي المستمرّ ما يلي:

أولاً: إن ما نشاهده اليوم من حشود عسكرية أميركية/ بريطانية/ أردنية، إلى جانب مجاميع المرتزقة التي تم تدريبها في معسكرات أردنية على يد مدربين من الدول المشار إليها أعلاه، ليست وليدة الليلة، بل إنها لا تعدو كونها استكمالاً للمخطط الصهيوأميركي الرجعي العربي الهادف إلى ضرب قلب محور المقاومة، قلب العروبة النابض سورية، تمهيداً للانقضاض على إيران في مرحلة لاحقة يليها بدء الهجوم الاستعماري ضد الدولة الروسية الصديقة بهدف تفتيتها والسيطرة عليها وتمدّد نفوذ الناتو إليها بهدف إعادة هيمنة القطب الاستعماري العدواني الأحادي على العالم أولاً واستكمال عمليات التطويق الاستراتيجي الاستعماري لجمهورية الصين الشعبية ثانياً تمهيداً لإسقاطها والسيطرة عليها مستقبلاً.

ثانياً: وفي هذا الإطار، فإننا نرى أن من المفيد للغاية التذكير ببعض فصول التحضير لما نراه اليوم من حشود معادية على الحدود السورية الجنوبية الصامدة، بما في ذلك الحشود والمناورات «الإسرائيلية» المتلاحقة في الجولان السوري المحتل.

إذ إن هذا التحشيد الممنهج ضد الدولة السورية قد بدا بُعيد سيطرة قوات المستعربين الصهيو أميركية، والتي أطلق عليها اسم داعش، على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية. وفي إطار التحضيرات للمشاركة الأميركية المباشرة في العدوان على سورية قامت الولايات المتحدة بتوقيع اتفاقية خاصة مع الحكومة التركية حول قاعدة أنجرليك بتاريخ 29/7/2016 حول استخدام القوات الجوية للدول التابعة للولايات المتحدة والمشاركة في ما أطلق عليه زوراً وبهتاناً «الحرب على داعش «.

ثالثاً: وفي الإطار نفسه، قام مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين بالدعوة إلى نشر قوات متعددة الجنسيات في سورية، على شاكلة ما حصل في مقاطعة كوسوفو في العام 1999 والتي كانت جزء اً من يوغوسلافيا وتمّ اقتطاعها بواسطة عدوان الناتو …

المسؤول الأميركي المذكور يتابع قائلاً إنه يرى أن من الضروري تقسيم سورية إلى ثلاث مناطق نفوذ :

الأولى أميركية والثانية أوروبية والثالثة روسية مع مشاركة عربية في مناطق النفوذ الثلاث.

وقد نشرت هذه التصريحات على موقع مجلة شبيغل الألمانية، شبيغل اون لاين، الساعة 7,11 السابعة وإحدى عشرة دقيقة من مساء يوم 19/11/2015. أي بعد أربعة أشهر من توقيع اتفاقية قاعدة أنجرليك التركية. مما يدلّ على أن هذا التصريح كان جزءاً من الاستعدادات لمرحلة جديدة من العدوان على سورية. مما اضطر الحليف الروسي إلى اتخاذ قراره الصائب بتقديم الدعم العسكري اللازم للدولة السورية في مواجهة احتمالات العدوان الصهيوأميركي المباشر ضد دمشق وهو ما نراه على وشك الحصول في هذه الأيام انطلاقاً من الأردن بعد فشل الذيل الأميركي في تركيا بالاستحواذ على حلب، نظراً لما شكّله تحريرها من ضربة إستراتيجية لمشروع السيطرة على سورية برمّته .

رابعاً: المتابعون يشيرون إلى أن الولايات المتحدة قد اتخذت من شماعة داعش حجة لتبرير إعادة تعزيز تواجدها في العراق، وخلق أكثر من قاعدة لوجستية فيه، وخاصة في المحمية المسماة كردستان العراق، بهدف توسيع وجودها ليشمل الجزء الشمالي الشرقي من سورية، حيث قامت لاحقاً ومن خلال قوات المستعربين التابعة لها والمسماة داعش بافتعال معركة تل أبيض لتبرير التدخل في الشأن السوري، سواء من خلال القصف الجوي أو تقديم «المساعدات العسكرية» للميليشيات الكردية التي تمّ إنشاؤها في محافظة الحسكة…

يُذكر أن الإدارة الأميركية قامت باستغلال المسألة الكردية إلى أبعد الحدود طوال العام 2016، بهدف خلق وتعزيز وجود عسكري أميركي بري وجوي في شمال شرق سورية من خلال إقامة القواعد الجوية وإرسال الوحدات العسكرية المختلفة الاختصاصات بحجة تقديم المشورة والدعم العسكريين للميليشيات الكردية في «حربها على داعش»، والتي بلغت حالياً نحو تسع قواعد هناك…

خامساً: ومع نهاية العام 2016 وانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية كانت الإدارة قد فرغت من عمليات إقامة البنى التحتية العسكرية في كل من العراق والأردن والشمال الشرقي السوري اللازمة لتوسيع التدخل المباشر في العدوان على الدولة السورية.

وقد بدأت الإدارة الأميركية الجديدة بإبلاغ أذنابها الإقليميين، من أعراب وصهاينة وعثمانيين جدد. بدأت بإبلاغهم بأوامر عملياتها وبالمطالبة منهم العمل، كلٍّ بوظيفته بناء على ذلك.

وفي هذا السياق قام مدير الـ»سي اي آيه»، ميم بومبيو، بزيارة لتركيا بتاريخ 8/2/2017. وقد اجتمع خلال تلك الزيارة مع مسؤولي الدولة كافة بدءاً بأردوغان مروراً بوزير خارجيته وصولاً إلى قادة الجيش والأجهزة الأمنية في تركيا.

وقد تبعت هذه الزيارة زيارة لرئيس الأركان المشتركة للجيوش الأميركية، جوزيف دانفورد، يوم 17/2/2017 اجتمع خلالها في أنقرة مع كبار مستخدميه كافة في الحكومة التركية.

سادساً: بتاريخ 20/3/2017 اجتمع ملك الأردن في عمان مع قائد القوات الخاصة الأميركية، الجنرال ريموند توماس، علماً أن جميع هؤلاء المسؤولين الأميركيين قد زاروا «إسرائيل» واجتمعوا مع المسؤولين فيها وناقشوا معهم تفاصيل خطط العدوان على سورية والتي تدور أحد فصوله هذه الأيام على الحدود الأردنية السورية تحت عنوان المناورات… .

وقد كانت القيادة المركزية في الجيش الأميركي، والتي تقع منطقة «الشرق الأوسط» ضمن مجال عملياتها، قد استبقت زيارة قائد القوات الخاصة الأميركية المشار إليها أعلاه، بنقل ألفين وخمسمئة جندي من عديد اللواء الثاني في الفرقة الثانية والثمانين المحمولة جواً، من قاعدتهم في فورت براغ في ولاية كارولاينا الشمالية إلى الكويت، تمهيداً لنشرهم في قاعدة عين الأسد العراقية وفي شمال شرق سورية. وقد تمّت هذه العملية يوم 12/3/2017 كما سبقتها بأيام قليلة عملية نقل وحدات قتالي أميركية ومعدات عسكرية ثقيلة إلى الأردن ومن ثم إلى منطقة التنف والى العراق ومن ثم إلى محافظة الحسكة السورية…

سابعاً: وكما يعلم الجميع، فإن الهدف من وراء كل هذه التحشّدات والاستعدادات سواء في محافظة الحسكة والرقة ودير الزُّور أو على الحدود مع الأردن كان ولا يزال، هو منع الدولة الوطنية السورية من استعادة سيطرتها الكاملة على أراضيها وتحريرها من الإرهاب والمحتلين والطامعين، سواء كانوا إرهابيين أو أميركيين أو توابعهم من أردنيين أو غيرهم.

وفي خضم هذا التسارع للأحداث المتعلقة بجبهات القتال السورية وخاصة الجنوبية منها، فلعله من المفيد جداً تذكير بعض مَن لا يعرف تاريخ بلاد الشام في الأردن بأن الظروف الدولية الحاليّة تختلف جذرياً عن تلك الظروف التي كانت سائدة إبان الحرب العالمية الثانية، عندما كلّف السيد البريطاني آنذاك الكتيبة الآلية الأولى بتاريخ 27/6/1941، في ما كان يُطلق عليه في حينه الفيلق العربي، احتلال قرية السبع بيار في البادية السورية والتي كانت تقع تحت سيطرة قوات حكومة فيشي الفرنسية، حيث قامت هذه الكتيبة الأردنية وبالتعاون مع الجيش البريطاني المحتل بالسيطرة على السبع بيار وتابعت تقدّمها إلى بلدة السخنة التي تمكنت من السيطرة عليها بتاريخ 29/6/1941.

ثامناً: إن وقائع الميدان الحاليّة في سورية وخاصة على الجبهة الجنوبية وفي بادية الشام لا تدع مجالاً للشك في أن أحلام هؤلاء الذين يدعون أنهم يقومون بهذه التحشدات والمناورات كلها بهدف قتال داعش، ستذهب هباء وأن عليهم قبل أن يتورطوا في أي عدوان على الأراضي السورية، أن الجيش العربي السوري وحلفاءه بانتظارهم في الميادين كلها وسيفشلون مخططاتهم الخبيثة كافة هذه كما أفشلوا العدوان الدولي المستمر على سورية طوال السنوات الست الماضية …

ونضيف بأن هذا الجيش السوري المؤازر من حلفاء مقتدرين وصادقين ومصمّمين على تحقيق النصر، قادرون على تحرير السخنة، كما حرّروا السبع بيار منذ أيام وأفشلوا كافة هجمات المرتزقة المدعومين أميركياً وأردنياً لاستعادتها. كما أن على هؤلاء الهواة في العمل السياسي والعسكري أن يفهموا أن الجيش العربي السوري لن يتوقف لا عند السخنة ولا دير الزُّور في البادية ولا عند حضر ونبع الفوار في القنيطرة ولا في محيط مدينة درعا، وإنما سيواصل القتال حتى تحرير آخر ذرة تراب سورية محتلة وفي المقدّمة الجولان العربي السوري المحتل.

مخطئون أنتم، إن ظننتم أن حشودكم وقعقعتكم بأسلحة الإمبريالية الأميركية ستخيف الشباب السوري وقيادته وجيشه. تماماً كما أنكم لن تكونوا في مأمن من ضربات الجيش العربي السوري وحلفائه في أي مكان تعتدون عليه سواء في درعا أو في الرمثا أو في السويداء أو في المفرق أو في الورق والتنف والرقبان والرميلان….

لذلك نقول لكم: تقدموا تقدموا تقدموا ما شئتم…. فالوحدات الخاصة في الجيش العربي السوري وكذلك وحدات صائدي الدبابات من قوات الجيش والقوى الحليفة بانتظار دباباتكم، من تشالنجر البريطانية إلى «م 60» الأميركية إلى الميركافاه «الإسرائيلية» والتي ستهبّ لنجدتكم عندما تقع الواقعة… تلك الوحدات التي تهوى اصطياد الدبابات لن تحول دباباتكم إلى قبور متحرّكة هذه المرة فحسب، بل إنها ستحولها مع أجسادكم إلى كتل من نار وحديد…

بانتظاركم أكثر من مجزرة وادي الحجير، ودّعوا عائلاتكم قبل أن تتقدّموا لأننا على يقين بأنكم لن تروها ثانية…

ثكلتكم أمهاتكم، أيها الغزاة الأذلاء من الأعراب، فبدلاً من ان تكونوا أشرافاً تدافعون عن شرف الأمة في الأقصى وغيره من أوطان العرب المستباحة صرتم حفنة من الأذناب بيد السيد الأميركي الذي سيأتي إليكم قريباً ليوزع مهام العمالة عليكم…

بانتظاركم أينما تقدّمتم للقضاء عليكم من دون أن نبقي منكم مَن يروي حكايتكم…

بعدنا طيّبين قولوا الله.

جريدة البناء

أضيف بتاريخ :2017/05/13