التقارير

تقرير خاص: نهاية ’’ #داعش’’.. والارتدادات على منطقة #الخليج

 

مالك ضاهر ..

خسائر كبيرة لحقت بتنظيم "داعش" الإرهابي في العراق حتى بات هذا التنظيم بلفظ آخر أنفاسه في منطقة الموصل بشكل خاص وقرب انهيار "دولته" التي أعلنها في العراق، كل ذلك تحقق نتيجة تضافر جهات عدة على رأس القوات العراقية عملت منذ أشهر على ملاحقة عناصر "داعش" داخل وفي محيط الموصل وصولا إلى الحدود العراقية السورية.

بدء معالم انهيار التنظيم تخللها اختفاء الكثير من عناصر سواء ممن فروا من المعارك أو خرجوا تحت مسمى النازحين إلى خارج مناطق الاشتباكات ناهيك عن مقتل الكثيرين منهم، إلا أن خروج عناصر "داعش" يعني أنهم إما خرجوا باتجاه الأراضي السورية بشكل سري إلى المناطق التي يسيطر علها التنظيم هناك للمشاركة في المعارك الدائرة للدفاع عن معاقله في الرقة، كما توجد فئة من عناصر "داعش" خرجت باتجاه دول غير سوريا لا سيما دول الجوار، كما يرجح عودة الكثير من هذه العناصر إلى دولها وبلدانها سواء كانت في المنطقة أو في أوروبا وغيرها.

 

عودة العناصر الإرهابية.. والمخاطر المحتملة

ومن الدول التي ينتمي إليها عناصر "داعش" ويرجح عودتهم إليها هي دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة السعودية، حيث تشير المعلومات إلى وجود المئات من أبناء هذه الدول يقاتلون في صفوف "داعش" في سوريا والعراق، وخروجهم من هناك وعودتهم إلى ديارهم تحت وطأت ضربات القوى المحلية والوطنية والأجنبية، وهذا لا يعني أن هؤلاء سيتخلون عن الفكر الذي قاتلوا من أجله ولم يقتلوا دونه بل سينتقلون إلى دول أخرى بينها دولهم أي دول الخليج للعمل فيها بأشكال مختلفة، سواء بشكل خلايا مسلحة ستنفذ عمليات أو على شاكلة خلايا نائمة ستعمل لتحضير الأرضية المناسبة قبل الإعلان عن وجود التنظيم في هذه الدول أو الإعلان عن المباشرة بالقيام بعمليات معينة هنا وهناك.

ولكن أي شكل قد تحتاجه هذه الخلايا للإعلان عن وجودها أو المباشرة بتنفيذ اعتداءات؟ علما أن الجماعات الإرهابية سبق أن نفذت عمليات داخل حدود دول مجلس التعاون وفجرت في أكثر من منطقة، كما أن الأجهزة الأمنية أعلنت أكثر من مرة عن ضبط عناصر إرهابية وتفكيك خلايا نائمة بالإضافة لحصول اشتباكات عدة مرات مع هكذا مجموعات، لكن هل تنتقل هذه الجماعات بعد انهيار مشروعها في سوريا والعراق إلى دول أخرى لا سيما في دول الخليج؟ وأي هدف قد تسعى إليه هذه الجماعات في دول الخليج؟ هل ستعمل للإعلان عن "دويلة" بديلة لتلك التي انهارت في الموصل أو ستنهار -عاجلا أم آجلا- في الرقة؟ هل ستعمل الخلايا في المملكة وغيرها من دول الخليج على تجنيد الشبان للانخراط ضمن جماعات كـ"داعش"؟

 

دول الخليج ومواجهة الإرهاب..

وهل الشباب السعودي والبيئة الخليجية بشكل عام حاضرة للتفاعل مع مثل هذه  الطروحات؟ وكيف يمكن مواجهة هذا المد الإرهابي التكفيري إذا ما أراد الدخول والتوسع داخل حدودنا؟ هل لدى دول الخليج الحصانة الكافية لذلك؟ هل من سبل لتجنب مثل هذا التوغل الإرهابي؟ هل الخلافات الخليجية القائمة والتي ظهر الهوة العميقة بين دول مجلس التعاون تساعد على مواجهة الأخطار التي يمثلها "داعش" أو غيره أم أن مثل هذه الخلافات ستفتح المجال أمام تسرب الجماعات المتطرفة إلى داخل هذه الدول والاستفادة من أجواء التحريض والتحريض المتبادل وبث الفتن لأحداث خروقات معينة في المجتمع الخليجي؟

الأكيد أن مشروع "داعش" كسلطة قائمة أو كيان موجود في دنيا الواقع هو مشروع غير قابل للحياة والاستمرار باعتبار أنه ينبذ كل شيء من حوله ولا يمكن أن يتعايش مع أي محيط يختلف معه، إلا أن وجوده ولو لفترة من الزمن هو وباقي الجماعات سيحدث تغييرات معينة في النطاق الجغرافي الذي يتواجد فيه، وهنا تمكن خطورة انتقال "داعش" بصورته الحالية أو بأي صورة أخرى جديدة قد يتخذها في مرحلة ما بعد الموصل أو ما بعد الرقة في المرحلة اللاحقة، فهو قد يعمل على تقسيم بلد من البلدان بصورة واقعية وإن لم يحصل تقسيم قانوني أو سيادي بمعناه الأعم، وإن لم يحصل على اعتراف دولي به، إلا أن "داعش"-سواء اعترف البعض بذلك أم لا- ولعدة سنوات خلق حدودا فاصلة وفتت المفتت وغير الحدود التقليدية للدول كما وجدت سابقا لعقود من الزمن.

 

الجماعات التكفيرية والبيئة الحاضنة..

وتنظيم "داعش" لم يعمل من دون بيئة حاضنة له وهذا قد يشكل مكمن الخطورة لدى فئات من الشبان في دول الخليج الذين تربوا على نمط معين في الفكر والمناهج التعليمية التي كفرت الآخرين وجعلت منهم هدفا مباحا للقتل، وطالما كانت هذه المناهج وأصول التربية "قنبلة موقوتة" راهن البعض على تفجيرها خارج حدود المملكة السعودية أو دول الخليج أو على تفجيرها في مناطق محددة داخل هذه البلدان وبحق شرائح لا تعتبرها الأنظمة القائمة مؤيدة لها ولا تمانع كثيرا باستهدافها، لكن ماذا لو وصلت خطورة "داعش وأخواتها" إلى دول الخليج فعلا بكل دوله ومناطقه وفئاته وشعوبه دون تمييز بينهم أو تفرقة كما تفعل في كل دول العالم؟ هل ستتحرك دول الخليج لاستيعاب هذه المسألة بشكل مسبق خاصة أن النار مشتعلة من حولنا؟ وما يجري اليوم في الفيليبين(من سيطرة إرهابية على مساحات من البلاد لإقامة حكم شبيه بما جرى في العراق أو سوريا) قد يشكل إنذارا واضحا للقيام بخطوات تحصن المملكة السعودية بشكل خاص وباقي دول الخليج بشكل عام من أي ارتدادات سلبية لانهيار "داعش" الذي بدأ في العراق ويتوقع أن يستمر.

ولكن ماذا يمكن أن تفعل السلطات القائمة في دول الخليج؟ وأي دور يمكن أن يلعبه علماء الدين والسياسة والإعلام وباقي الشخصيات الفاعلة في الأوطان؟ وهل يمكن مواجهة خطر الجماعات الإرهابية فعلا عبر الأمن والعسكر والسياسة فقط أم أن الأمر يتطلب جهودا أكبر من ذلك؟

الحقيقة أن إتباع الأساليب اللينة مع الشعوب والتقرب منها وتقريبها من مراكز القرار وإشراكها في صناعة السياسات العامة للدول وبناء الثقة معها وعدم التفرقة بينها على أساس الدين أو المذهب أو الرأي الفكري والسياسي، وعدم التحريض على مكونات أساسية في هذه الدول وانتهاك حقوقها وحرياتها الأساسية الدينية والفكرية والسياسية والمدنية، ناهيك عن الشروع فورا لإصلاح المناهج التعليمية والتي تحتوي الكثير من الشوائب ووقف إطلاق يد جماعات معينة تلبس اللبوس الديني بينما هي واقعا تنتهج أساليب التحريض والقمع، ومنع حصر السلطة بيد شخص أو أكثر والتوقف عن إلهاء الناس بمعارك ليست معاركها أو حروب ليست حروبها بحجج واهية، والتوقف أيضا عن تصدير الفكر المدمر للآخرين والعمل على الإضرار بمصالحهم بل العمل لتحقيق مصالحنا ومصالح شعوبنا لا الحكام فقط، والالتزام بكل ذلك فعلا لا قولا فقط، كلها عوامل قد تساعد على تقوية الوحدة الوطنية ومنع استفادة أي جماعة إرهابية من هذه الثغرات الكثيرة الموجودة في بلداننا علّنا نمنع هذا الخطر الإرهابي من الوصول إلى ديارنا في المستقبل القريب.

أضيف بتاريخ :2017/07/04

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد