التقارير

تقرير خاص: #الأزمة_الخليجية مستمرة.. الرد القطري يحرج المقاطعين!!

 

 مالك ضاهر ..

ردت دولة قطر على المطالب التي وجهت إليها من الدول المقاطعة: المملكة السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر، والتزمت الدوحة بالمطالبة بالحوار لإنهاء الأزمة ولم تخرج عن ثباتها منذ البداية على الرغم من أنه للوهلة الأولى يتصور أن موقفها أضعف من غيرها انطلاقا من حسابات الربح والخسارة وفي حسابات الأحجام والأوزان والقدرات البشرية والعسكرية، وباجتماع استثنائي عُقد خارج منطقة الخليج لبحث الأزمة الخليجية التقى وزراء خارجية الدول المقاطعة في القاهرة وأسفوا "للرد السلبي من دولة قطر بما يعكس عدم استيعاب خطورة الموقف".

ولكن هل الموقف القطري كان فعلا سلبيا انطلاقا من المصلحة القطرية الخالصة أولا ومن المصلحة الخليجية ثانيا؟ وهل فعلا قطر عبر ردها أظهرت أنها لا تدرك خطورة الموقف ولم تستوعب ذلك؟ هل يمكن تفسير الموقف القطري على غير ما فسرته دول المقاطعة؟ أي هل يمكن فهم الموقف القطري على أنه موقف قوة وثبات؟ أليس بقاء قطر على موقفها يعتبر تسجيلا للنقاط في هذه الجولة من جولات الأزمة؟ وكيف يمكن تفسير التردد الواضح من قبل دول المقاطعة من دون القدرة على حسم الأزمة التي بدت في البداية أنها أسهل مما تصور البعض؟ أليس تمادي الأزمة واستمرارها سيأكل من رصيد أربع دول يفترض أنها تشكل كتلة قوية صلبة متماسكة خاصة أن من بينها مصر والمملكة السعودية؟ أليس ثبات قطر حتى الساعة هو شيء ايجابي يسجل للقيادة الشابة هناك؟

 

قطر تتقدم بالنقاط..

ولكن هل يمكن لقطر الاعتقاد أن الأمر يسير بالشكل الذي تريده وأنها تتجه لتسجيل نصر كامل على الدول المقاطعة؟ أليس من الممكن أن الدول المقاطعة والتي من ضمنها المملكة السعودية باعتبارها الراعية لكل دول مجلس التعاون تحاول حل المسألة بالطرق الأخوية وبشكل لا يزيد من تأزيم العلاقات وما تزال تمهل قطر المهل كي تحسّن أوضاعها وتغيير من سلوكها؟ وانطلاقا من ذلك لو قررت الدول المقاطعة الرد كيف ستكون صور هذا الرد؟ هل سيكون الرد سياسيًا أم عسكريًا أو اقتصاديًا أم أنه من الممكن جمع أكثر من صورة واحدة للرد على العصيان القطري؟

البعض قد يعتبر أن إمكانية شن حربا على شاكلة ما جرى في اليمن وتشكيل حلف عربي أو إسلامي أو حتى حلف يضم الدول المقاطعة فقط، هو أمر وأن كان نظريا قادر على الحسم عسكريا ضد قطر إلا أنه من الناحية العملية دونه صعوبات عديدة ويحتاج لظروف معينة لا يسمح بها الواقع القائم اليوم، ليس لقوة قطر الذاتية وإنما لعلاقاتها المتشعبة في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من صعيد في هذا العالم، والأمر قد يقتصر على تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي.

 

العجز عن الحسم.. والعوائق القطرية

ولكن فيما لو توفرت الظروف للانقضاض على قطر هل يمكن حسم المعركة سريعا؟ وما البديل فيما لو تم القضاء على النظام القطري هل هناك أية بدائل جاهزة أم سيتم البحث عن بدائل في وقت لاحق أم أن الهدف سيكون نشر الفوضى في قطر؟ الحقيقة أن لقطر حسابات أخرى تتعلق بالعلاقات المختلفة بدءا من واشنطن وصولا روسيا مرورا بأوروبا وتركيا وإيران وغيرها من الدول الإقليمية والأفريقية، ناهيك عن شبكة المصالح الاقتصادية والاستثمارية التي تنتشر في كثير من أرجاء الأرض وصولا للإعلام القطري الذي لا يستهان به على الرغم من صغر هذه الإمارة الخليجية قياسا بالدول الأربع التي تقف بوجهها لا سيما مصر والمملكة السعودية.

إلا أنه هل يمكن أن نرى رضوخا رباعيا أمام الموقف القطري المتمثل بالدعوة الدائمة للحوار دون اهتزاز إمام كل التهديد والتهويل بالويل الثبور؟ هل هناك من همس في أذن الحكام في الدوحة بأن الغطاء السياسي ما زال قائما ويحميكم لأسباب كثيرة محورها الغاز القطري الممتاز والحركة الاقتصادية القطرية التي تدار بشكل فعال مع الاستعانة بالخبرات الأجنبية.

 

أين الرد المناسب؟!

والغريب أن دول المقاطعة عندما تسلم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الرد القطري من الموفد الكويتي، أصدرت موقفا أكدت فيه أن ردها المناسب على الرد القطري سيكون في الوقت المناسب، فهل هذا الموقف هو ما تمخض عنه اجتماع القاهرة يوم الأربعاء 5-7-2017 أم أن الرد المناسب لم يظهر بعد؟ وكيف سيكون شكل هذا الرد وهل هناك فعلا أي رد مبيت لدى دول المقاطعة أم سيتم الاكتفاء بالتهويل الإعلامي على بعض منصات التواصل الاجتماعي والفضائيات والتقارير الإعلامية فقط؟ وما حقيقة الاتصال الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال الاجتماع الرباعي في القاهرة؟ وهل فعلا ترامب رفض اتخاذ أي قرارات قاسية بحق قطر؟

 

عن حقيقة الموقف الأمريكي.. وسياسة الإلهاء

وماذا عن حقيقة الموقف الأمريكي ومن الذي سيحسم كيفية التعاطي مع الأزمة؟ هل سيكون عبر الدعوات للحوار التي يطلقها وزير الخارجية ريكس تيلرسون وفريقه الإعلامي والسياسي أم هو الابتزاز المالي والنفطي الذي يتميز به رجل الأعمال الرئيس دونالد ترامب؟ هل سيعمد ترامب للتفاوض والمقايضة بين القطرين من جهة وبين الدول المقاطعة من جهة ثانية؟ هل سيسعى لرفع السعر والفاتورة أمام الطرفين وبعد ذلك يوازن أين وكيف سيقبض أعلى مبلغ ممكن سواء من قطر أو الدول الأربع وبعد ذلك يقرر كيف سيحسم الموضوع؟ فمنطقة الخليج بشكل عام(ومن ضمنها قطر والمملكة السعودية) تعتبر منطقة حيوية للغرب وبالتحديد للولايات المتحدة الأمريكية وهي لا تريد خسارة أي طرف فيها اللهم إلا إذا كانت مصالحها تتطلب ذلك أو كان ذلك يدر عليها فوائد أكبر وأهم، لذلك من الصعب أن تترك المنطقة ككل تنفجر طالما ما زالت لهم مصالح فيها.

يبقى الإشارة إلى إمكانية وجود خلفيات معينة لما يجري له علاقة بالداخل السعودي نفسه، وإمكانية وجود روابط بين هذه الأزمة والأوضاع في المملكة خاصة أنها حصلت بالتزامن مع حدث أساسي جرى مؤخرا وتمثل بإعفاء ولي العهد السابق من منصبه وتعيين ومبايعة ولي عهد جديد مكانه، مع ما يطرحه ذلك من احتمال وجود معارضات داخلية على مثل هذه الأمور، هل الأزمة الخليجية كانت مفتعلة كي يتم "إلهاء" الناس داخليا وخارجيا عن قضية ولاية العهد أم أن الأمر لا يستحق افتعال أزمات من هذا الحجم؟ وهل كان فعلا ولي العهد السابق ممن يرفض الاستفراد بالجار القطري على الرغم من كل الملاحظات على أداء الدوحة؟

 

هل من رابح من الأزمة؟!

ولكن كيف ستنتهي الأزمة الخليجية؟ وكيف سيكون تاليا الرد القطري العملي على أي مغامرة قد تتخذ ضدها من قبل الدول المقاطعة؟ هل ستنتظر الدوحة اللحظة التي يتحرك البعض ضدها حتى تتحرك أم أنها أعدت الخطط البديلة وتحضرت لأي مفاجآت محتملة؟ وهل قطر عاجزة عن الإضرار بغيرها من الدول فيما لو فكر البعض الاعتداء عليها؟ خاصة أن من يريد مهاجمة الدوحة يعترف لها بقدرتها على دعم الإرهاب وقدرتها على تجييش الناس عبر الإعلام؟ وهذه قد تشكل وسائل وأسلحة تستعين بها قطر وبغيرها للدفاع عن نفسها.

الأيام المقبلة ستظهر حقيقة ما يجري وحقيقة ما يطبخ في الكواليس، إلا أن هناك من يجزم أن هذه الأزمة ستنتهي بصيغة "لا غالب ولا مغلوب" لأنه لا مصلحة بأحد أن يكسر الآخر أو بالحد الأدنى هذا ما يريده "الحكم الأمريكي" في الوقت الحالي، ولذلك يسجل لقطر أنها استطاعت "تدويل الأزمة" ما قطع الباب على السعوديين بشكل خاص ومن خلفهم الدول المقاطعة من الانقضاض على الدوحة والتمكن من الحسم السريع للأزمة، ما أغرى ترامب بإمكانية الحصول على المال القطري والخليجي بشكل عام بعد ضمانه الحصول على الأموال السعودية.

أضيف بتاريخ :2017/07/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد