التقارير

تقرير خاص: الأحكام بحق الشهداء الأربعة.. ومنظومة الحقوق والحريات المنتهكة في #المملكة

 

 مالك ضاهر ..

أعاد تنفيذ أحكام الإعدام بحق الشهداء الأربعة أمجد المعيبد، يوسف المشيخص، زاهر البصري ومهدي الصايغ، مسألة التزام السلطات الحاكمة في المملكة السعودية بمنظومة حقوق الإنسان المعتقل ومدى الحفاظ ومراعاة المبادئ القانونية والقضائية منذ لحظة الاعتقال حتى لحظة إعدامه أو إنهاء محكوميته.

فهل تتم مراعاة حقوق الإنسان المعتقل في المملكة وإتباع مبادئ المحاكمة العادلة المتعلقة بالشفافية والنزاهة والعلانية والسماح للموقوف والمتهم بالدفاع عن النفس؟ هل تمارس الأساليب القانونية المشروعة عند التحقيق مع المتهمين أم أنه تباح كل الأساليب أمام المحققين للوصول إلى اعترافات معينة بغض النظر عن الأفعال التي يكون قد ارتكبها الموقوف؟ وهل تخول للموقوف في المملكة ومن ضمنهم الشهداء قبل إعدامهم حقوق الاستعانة بمحامي والاتصال به بحرية والاتصال بذويهم وعائلاتهم أو الحصول على العلاج الطبي اللازم فيما لو احتاجه؟ هل يحصل المعتقل أو المتهم أو الموقوف أو حتى المحكوم عليه في المملكة على حقوقه الطبيعية في الراحة والخروج للجلوس في الهواء الطلق أو التعرض لنور الشمس أو حيازة مكان لائق للنوم يراعي المكانة الإنسانية للفرد؟ هل يمكن لهذا المعتقل ممارسة الرياضة أو الهوايات التي يريد وغيرها من الحقوق المتوفرة في كثير من دول العالم المتحضر؟ هل كل ذلك متوفر في بلاد الحرمين أم أن العكس هو الصحيح حيث تمارس كل أنواع الانتهاكات المتوقعة وغير المتوقعة؟

 

انتهاكات بالجملة.. وغياب للمعايير القانونية في المحاكمات

وبالعودة إلى الأحكام التي نفذت بحق الشهداء الأربعة هل هذه الأحكام راعت المعايير القانونية والقضائية وحقوق الإنسان والمبادئ الأساسية للتقاضي وحقوق المعتقل أثناء التحقيق أم استخدمت أساليب غير قانونية لانتزاع اعترافات معلبة وجاهزة؟

وكيف يمكن الاستمرار في هذه المحاكمات داخل المملكة في ظل كل هذه الانتهاكات التي ترتكب حيث يدفع الإنسان حياته ثمنا لمطالباته المحقة؟ كيف يمكن تقييم العلاقة القائمة بين السلطة المتجددة في المملكة وعامة الناس وعلاقتها من جهة ثانية مع علماء الدين؟ خاصة مع استمرار اعتقال بعض العلماء ومن ضمنهم الشيخ حسين راضي، وكيف يمكن قراءة تأجيل النطق بالحكم بحق الشيخ راضي؟ وهل لذلك علاقة بكل ما يجري وبالتحديد إعدام الشهداء الأربعة والأوضاع في منطقة العوامية؟ هل هو مقدمة لمزيد من التصعيد بحق المنطقة الشرقية على شاكلة ما يحصل في البحرين؟

حول كل ذلك قال الناشط الحقوقي وعضو المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد إن "الإجراءات المتبعة مع المعتقلين في السعودية تفتقر لمراعاة حقوق الإنسان منذ بدء الاعتقال إلى حين تنفيذ الحكم"، ولفت إلى أن "الشهداء الأربعة تم اعتقالهم بشكل تعسفي ولم يسمح لهم بتوكيل محامي"، وأوضح أن "هذه سياسة عامة تتبع من قبل السلطات مع جميع المعتقلين حيث لا يحق لهم توكيل محام إلا بعد تصديق أقوالهم واعترافاتهم التي انتزعت منهم تحت التعذيب ورفعها للمحكمة واستلام لائحة التهم في الجلسة الأولى من محاكمتهم"، وتابع "المعتقل فور اعتقاله يتم احتجازه في السجن الانفرادي إلى حين المصادقة على الاعترافات التي تنتزع منه تحت التعذيب الممنهج".

 

الشهيد مشيخص أكد تعرضه للتعذيب

وأكد السعيد في حديث خاص لـ"خبير" أن " المملكة السعودية لا تكترث لتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين وإلا لما استمرت في المصادقة على اعترافات المعتقلين المنتزعة تحت التعذيب والإكراه بخلاف اتفاقية مناهضة التعذيب التي انضمت لها 1979 والتي تمنع الأخذ بالاعترافات المنتزعة بالتعذيب"، مشيرا إلى أن "المادة 14 من هذه الاتفاقية تنص على أن كل دولة طرف تضمن عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة التعذيب كدليل في أية إجراءات".

ولفت السعيد إلى أن "السلطات السعودية ترتكز في تضليل الرأي العام ومحاكماتها المسيّسة على جعل المحاكمات سرية كونها تضمن لها عدم خروج ما يدور فيها من خروقات فاضحة لحقوق الإنسان"، وأوضح الناشط الحقوقي على سبيل المثال لا الحصر أن "الشهيد يوسف المشيخص ذكر للقاضي أنه تعرض للتعذيب الشديد وأن اعترافاته انتزعت منه بالإكراه كما قام برفع جزء من ملابسه وأطلعه على آثار الاعتداءات داخل السجن وطلب منه الإطلاع على ملفه الطبي كونه راجع المستشفى الحكومي الموجود داخل المباحث ولكن الطبيب ذكر للقاضي أنه يتمارض".

 

إعدام الشهداء والعلاقة مع ما يجري بالقطيف

ورأى السعيد أن "تنفيذ هذه الأحكام المسيسة والجائرة بحق الشهداء الأربعة هو ترجمة للتهديدات التي ترتفع وتيرتها مع الأحداث في منطقة القطيف"، وأشار إلى أن "أحد الأمراء السعوديين هدد قبل عدة أيام من تنفيذ الإعدامات في تغريدة له على موقع تويتر بأن القصاص قريب جدا"، وشدد على أن "الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية المتخصصة بشكل خاص لا تخرج عن إرادة وزارة الداخلية والنيابة العامة"، وأكد أن "القضاة غير مستقلين ولا توجد ضمانات لتوفير حق التقاضي".

وحول العلاقة بين السلطة والناس من جهة والسلطة وعلماء الدين من جهة أخرى، أكد السعيد أن "وجوه المسؤولين في المملكة قد تختلف ولكن السياسة المتبعة ثابتة لا تتغير"، وأوضح أن "السعودية يسود فيها الاستبداد الذي بطبيعة الحال يرفض الاعتراف بالآخر سواء كان من علماء الدين أو مؤسسات المجتمع المدني أو من بقية الشعب"، ولفت إلى أن "علماء الدين في السعودية يعطون المكانة بقدر ما يتوافقون مع السياسات الحكومية".

وفي هذا السياق تطرق السعيد إلى أن مسألة توقيف الشيخ حسين راضي الذي "طالب علنا بإيقاف الحرب على اليمن التي تتسبب في كل يوم بإراقة أرواح المدنيين"، ورأى السعيد أن "تأجيل النطق بالحكم بحق الشيخ راضي سببه مجهولا كون المحاكمات سرية والقضايا لا يعلن عنها إلا عندما تصبح في الخواتيم"، وتابع "لا أعتقد أن التأجيل هو مؤشر إيجابي أو سلبي ولكن يبقى من المتوقع صدور حكم قاس على الشيخ المعتقل بحسب وتيرة الأحكام على خلفية حرية التعبير".

يبقى الأمل قائما أن تتوقف الاعتداءات على الإنسان وحقوقه في المملكة لأن هذه الأمور أن استمرت على هذا المنوال ستوصل البلاد إلى ما لا يحمد عقباه، ويجب على السلطة الحاكمة في المملكة الاستماع للأصوات الحكيمة التي تدعو للتهدئة والعمل على تخفيض حدة التوتر التي تتسبب بها السياسات اللاعقلانية المتبعة.

أضيف بتاريخ :2017/07/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد