آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
ثروت قاسم
عن الكاتب :
كاتب من السودان

الرئيس البشير وسيزيف الأغريقي؟


ثروت قاسم
1- تقرير صحيفة الواشنطن بوست ؟
في يوم الاثنين 17 يوليو 2017، نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريراً، نقلت فيه عن بعض وكالات الاستخبارات الأمريكية أن الإمارات العربية المتحدة عملت، في يوم الأربعاء 24 مايو 2017، على قرصنة المواقع الإخبارية الحكومية القطرية، وصفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرت تصريحات مثيرة منسوبة لأمير قطر، تدعي كذباً، تطبيع قطر مع إيران، ودعمها لحماس والربائع العربية .
نفت السلطات القطرية هذه التصريحات المفبركة، بعد 45 دقيقة فقط من نشرها.

ولكن رغم هذا النفي الفوري، وفي نفس يوم الأربعاء 24 مايو، وحار حار، شنت دول الحصار الأربع هجوماً شديداً ضد قطر وعائلتها الحاكمة، مبررة ذلك بالتصريحات الكاذبة المذكورة أعلاه، ودون الإشارة لنفي السلطات القطرية لهكذا تصريحات مفبركة .

نشير في هذا السياق، إنه في يوم الأحد 21 مايو 2017، وبعد نهاية إجتماع قمة الرياض، أشار ترامب من طرف خفي لدعم قطر للإرهاب، وتمويلها لبعض المنظمات الإرهابية، محدداً حماس، كما دعم مواقف السعودية في مكافحة الإرهاب، ربما كانت تصريحات ترامب من الأسباب التي دفعت دول الحصار لشن هجومها ضد قطر.

 في يوم الخميس 25 مايو، صب ترامب بعض الزيت على نار الأزمة الخليجية الوليدة، بتكرار اتهامه لقطر على أعلى المستويات، بتمويل بعض المنظمات الإرهابية، وبالأخص حماس.
دفعت تصريحات ترامب المدينة لقطر، دول الحصار الأربع، أن تزيد من وتيرة خلافها ونزاعها ضد قطر.

 في يوم الاثنين 5 يونيو، قطعت دول الحصار الأربع علاقاتها مع قطر، وبدأت في محاصرتها، وانتظرت 17 يوماً قبل أن تقدم لقطر في يوم الخميس 22 يونيو قائمة تحتوي على 13 طلباً تعجيزيا، يجب على قطر إنفاذ كل مطلب من هذه المطالب في ظرف 12 يوم، وإلا وقعت الفأس، على رأس قطر.
 مرت المهلة دون أن تفعل الدول المحاصرة تهديدها.

 فشلت مبادرة أمير الكويت في تطويق الأزمة، كما فشلت زيارات وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وأمريكا في جمع دول الحصار الأربع حول طاولة حوارية واحدة مع قطر.

 بعد زيارته المكوكية للكويت والدوحة وجدة، ومحادثاته التي استمرت أربع أيام مع وزراء خارجية دول الحصار الأربع، وخادم الحرمين الشريفين، وأمير الكويت، وأمير قطر، و في يوم السبت 15 يوليو، أكد السيد ركس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي، وهو أدرى، بأن الأزمة الخليجية سوف تزداد سؤاً في مقبل الأيام، قبل أن تهدأ عجاجاتها.

في هذا الجو الملبد بالغيوم، وفي يوم الاثنين 17 يوليو، بدأ الرئيس البشير، زيارة للكويت والإمارات، بقصد إعادة الحياة لمبادرة أمير الكويت، وهي رميم.

هل ينجح الرئيس البشير فيما فشل فيه أمير الكويت ووزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وأمريكا، أم يكون نصيبه مثل سيزيف الأغريقي؟
وهل حلحل الرئيس البشير مشاكل بلده ليفكر في حلحلة مشاكل الآخرين؟

ولماذا لم يتعظ الرئيس البشير بالكتف البارد الذي أعطاه إياه خادم الحرمين الشريفين، وابنه الأمير محمد، كما سوف نفصل في النقاط أدناه:

2- وساطة الرئيس البشير؟
يحاكي الرئيس البشير الطهارة الشايلة موسها تطهر وهي تحتاج للطهارة، فبلده يغرق في مشاكل ومحن ما أنزل الله بها من سلطان، من كوليرا ودولار مجنون وظهر مجن أمريكي، ومع ذلك وفي هروب عبثي إلى الأمام، يواصل الرئيس البشير وساطته، التي يرد عليها المتخاصمون ب ( الحجاز ادوهو عكاز)؟

وساطة الرئيس البشير المرفوضة من دول الحصار إنما هي محاولة فاشلة للتسلل من خلال الفراغات الإستراتيجية والأيدولوجية والسياسية والعسكرية التي يعاني منها الجسم الخليجي.

نستعرض في النقاط أدناه خلفيات وتداعيات وساطة الرئيس البشير في الأزمة الخليجية، آيات لقوم يتفكرون: أولاً: + الرئيس البشير والملك سلمان ؟

في يوم الاثنين 19 يونيو، وصل الرئيس البشير مطار جدة لتمضية الست الأواخر في رمضان مجاوراً، ولشرح ملابسات قراره بالحياد في مسألة قطر لشقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان … القرار الذي أزعج قادة دول الحصار الأربع .

أيقن الرئيس البشير إن الأمر جلل لأنه وجد في استقباله في مطار جدة نائب أمير منطقة مكة الأمير عبد الله آل بندر، بينما جلالة الملك وكبار الأمراء موجودين في جدة، وهو البشير الذي كان يخف لمقابلته في المطار جلالة الملك بنفسه.
قابل الرئيس البشير الملك سلمان في جدة.
حسب واتسابات المستشار السعودي طه بن عثمان، شكر الملك الرئيس البشير على جهوده في حماية الحرمين الشريفين، بمقاطعته لإيران ومشاركته في عاصفة الحزم . ثم شرح جلالة الملك خلفيات الخلاف مع قطر وملابساته، وعدد المطالب ال 13 التي قدمتها الدول العربية، والتي تمنى أن تلبيها قطر، طواعية .

وانتهى الإجتماع على ذلك، وكأنه مونولوج من طرف واحد، وبدون أن يسمع جلالة الملك اقتراح الرئيس البشير بالصلح مع قطر .

ثانياً : + الرئيس البشير و MBS ؟
في يوم الخميس 22 يونيو قابل الرئيس البشير صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان … MBS … وكرر التهنئة له بتعيينه ولياً للعهد . شكر MBS الرئيس البشير على التهنئة، وعلى مشاركته في عاصفة الحزم ومقاطعة إيران لحماية الحرمين الشريفين . وكرر على مسامع الرئيس البشير خلفيات وملابسات الخلاف مع قطر، وأكد أن لا تفاوض ولا إجتماع مع قطر حول الطلبات ال 13 التي يجب على قطر إنفاذها، وإلا فسوف تستمر مقاطعة الرباعية لها، حتى يوم التغابن ؟

انتهى الإجتماع على ذلك، وكأنه مونولوج من طرف واحد، وبدون أن يسمع MBS اقتراح الرئيس البشير بالصلح مع قطر . كما لم يخطر MBS الرئيس البشير بتعيينه للفريق طه عثمان مستشاراً في البلاط الملكي، ومسؤولاً عن الشؤون الأفريقية .

ثالثاً : + من يهن يسهل الهوان عليه ؟

في يوم الأحد 25 يونيو وفي رسالته من الخرطوم بخصوص العيد، كرر الرئيس البشير دعوته لدعم مبادرة أمير الكويت للمصالحة بين قطر وأخواتها بالتي هي أحسن . الأمر الذي يؤكد فشل زيارة الرئيس للسعودية التي امتدت من الاثنين 19 إلى السبت 24 يونيو 2017.

 ببساطة لأن أخوات قطر دول الحصار يكررن: أما معنا وضد قطر، أو مع قطر وضدنا، ولا منطقة وسطى بين جنتنا ونار قطر.

ولكن إدارة ترامب، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة التعاون الإسلامي، والكويت وعُمان، بالإضافة لمعظم الدول العربية والأوروبية يقفون على الحياد كما الرئيس البشير … ولكن لم يتجاسر أحد بالطلب إليهم تحديد مواقفهم كما فعلت دول الحصار مع الرئيس البشير ؟

ولكن وكما قال القس مارتن لوثر كنق، لا يتجاسر الآخرون عليك ولا يركبون ظهرك، إلا إذا أحنيت ظهرك لهم … وقد أحنى الرئيس البشير ظهره لهم بمقاطعته لإيران مجاملة لهم، وبمشاركته في عاصفة الحزم لينبسطوا منه ؟

إذن لدول الحصار الحق كل الحق في عدم قبول حياد الرئيس البشير في قطر، وهو الذي وقف معهم بدون تحفظ، وبدون غبينة، في إيران واليمن .ومن يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت ايلام … أو هكذا تؤمن دول حصار قطر .

رابعاً : + فشل وساطات الدول العظمى ؟

فشلت وساطة أمير الكويت، كما فشلت وساطة وزير الخارجية الألماني، ووزير الخارجية البريطاني، ووزير الخارجية الفرنسي، ومؤخراً وساطة وزير الخارجية الأمريكي المكوكية .

يمكن تبرير هذا الجمود، ببساطة وبالواضح الفاضح، بأن ترامب يريد ذلك، لتستمر الجوطة الخليجية، فيستمر هو في الإبتزاز وحلب الأبقار الخليجية .

زجرة واحدة من ترامب، كانت كفيلة بإلحاق المتخاصمين بالساهرة، كما فعل ايزنهاور في عام 1956 مع دول العدوان الثلاثي ؟

ولكن ورغم فشل مبادرة الرئيس البشير التصالحية في زيارته للسعودية التي انتهت يوم وقفة عيد الأضحى في يوم السبت 24 يونيو 2017، وفشل وساطات بريطانيا و ألمانيا وفرنسا وإدارة ترامب، شد الرئيس البشير الرحال للكويت والإمارات في يوم الاثنين 17 يوليو 2017 .
هل يسعى الرئيس البشير ليستنسخ الميثولوجيا الأغريقية، ويحمل صخرة سيزيف إلى أعلى الجبل ؟

خامساً: + إبتزاز ترامب لقطر ودول الحصار ؟

في يوم السبت 15 يوليو 2017، بعد رجوعه من باريس، وفي حوار أجرته معه محطّة
 ( Christian Broadcasting Network )
الأمريكية، تبجح ترامب بأنه عقد صفقة مع MBS يقوم بمقتضاها ترامب بزيارة الرياض كأول محطة خارجية، على أن يتعهد MBS بإبرام صفقات أسلحة مليارية، واستثمارات مليارية في الولايات المُتّحدة .

إذن لم يزر ترامب الرياض كأول محطة خارجية لأهمية السعودية الإستراتيجية السياسية والدينية، وإنما من أجل الدولار الأخضر، والدولار الأخضر حصرياً، الذي يمكنه من خلق وظائف للعاطلين في أمريكا، حسب وعوده الانتخابية .

كما أكد ترامب في نفس حواره بأن 10 دول ( كضبة قدر الضربة ) قد عرضت عليه استضافة القاعدة الجوية الأمريكية في العيديد، وتحمل كامل مصروفات نقلها من قطر، بالإضافة لمصاريف تشغيلها، وإنه بصدد دراسة هذه العروض، وما يمكن أن تقدمه قطر في المقابل.
إذا لم يكن هذا إبتزازاً ترامبياً لقطر ولدول الحصار الأربع، فما هو؟

سادساً: + سواطة المستشار طه بن عثمان ؟

في يوم الاثنين 10 يوليو 2017، وحسب تغريدة على الفيسبوك للصحفي الأمريكي بول برانديس، اتصل المستشار السعودي طه بن عثمان بصديقه راينس بريبوس، مدير مكتب ترامب، وافهمه أنهم في السعودية غير معنيين بشطب العقوبات نهائياً عن نظام البشير .

ومن ثم قرار راينس بريبوس ( ترامب ) تمديد مهلة البت في عقوبات السودان لثلاث أشهر إضافية تنتهي في 12 أكتوبر 2017 ؟

يركز ترامب على أموره الشخصية، خصوصاً وفرص عزله تزداد كل يوم، كما أكدت دراسة لمجلة نيوزويك تم نشرها في يوم السبت 15 يوليو 2017 . وعليه يترك ترامب لمستشاريه وأهمهم راينس بريبوس الذي آخر من يتكلم في أذن ترامب، اتخاذ القرارات المناسبة في المسائل الهامشية، كالمسالة السودانية ؟

سابعاً: + جعولية الرئيس البشير ؟

في يوم الأربعاء 12 يوليو 2017، قرر الرئيس البشير تجميد عمل لجنة التفاوض السودانية مع إدارة ترامب حتى 12 أكتوبر 2017م، كأول ردة فعل على قرار إدارة ترامب تجميد الوضع حتى 12 أكتوبر 2017 .

المرجعية الحصرية في التعامل بين الدول هي المصالح المبنية على العقل والمنطق وليس على الوجدان والمشاعر والانفعالات ولذلك قرار الرئيس البشير بتجميد المفاوضات مع إدارة ترامب لم يكن موفقاً وسوف يوجه الرياح لا شرعة سفن لوبيات واشنطون، وربما عادت العقوبات في 12 أكتوبر، وهو الأمر الذي يرفضه السيد الإمام لأن المتضرر هو الشعب وليس حيتان الإنقاذ الذين آلت إليهم حقوق الناس لكي يديرونها ويصونونها فما رعوها حق رعايتها، مما يناى بهم عن الذين جاء عنهم في التنزيل في 8 المؤمنون :
والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد