آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبده خال
عن الكاتب :
روائي وكاتب سعودي

مؤسسة مت... قاعد


عبده خال

هل نتذكر تقطيع كلمة متقاعد (مت... قاعد)... هذا التقطيع لا يتذكره سوى المتقاعدين، إذ إن حياتهم المعيشية غدت رهن الاعتقال.. اعتقال الدخل المتواضع أمام الأسعار الجنونية وأمام تحول الكماليات إلى ضروريات.. لذلك يصح أن نقول (مت... قاعد) لكل من تقاصر دخله عما يجب أن يتقاضاه في مواجهة الحياة المكلفة.

ولأن المتقاعدين يقفون في آخر الاهتمامات كونهم لم يعد فيهم لحم ولا عظم، ينتظرون أصحاب القرار للنظر لحياتهم بمعيار الزمن الراهن وليس وفق ما وصل إليه راتبهم التقاعدي.

هذه النظرة تبناها البعض وطالبوا من خلال مجلس الشورى تعديل الحد الأدنى من الرواتب التقاعدية من 3 إلى 4 آلاف ريال وكانت الفجيعة، وسوف أذكرها كما وردت على ألسنة عدة من مسؤولين في معنيين بتسيير المؤسسة العامة للتقاعد:

* إن المؤسسة العامة للتقاعد تعاني من نقص اكتواري كبير في فرع معاشات التقاعد للقطاع العسكري..

* هذا النقص دفعها إلى اللجوء إلى أموال استثماراتها..

*وإن المؤسسة تعاني من عجز مالي قدره 80 مليار ريال، وإزاء هذا العجز طلبت من وزارة المالية دعمها، فلم يصل إليها من المالية سوى خمسة مليارات ريال.

ولم تقف هذه الفجيعة عند هذا الحد فالمحافظ السابق للمؤسسة التأمينات الاجتماعية ينذر من نفاد كامل احتياطات نظام التقاعد العسكري بعد سبع سنوات، والمدني بعد 23 سنة، مع العجز الاكتواري (الاكتواري هو المخمن صاحب مهنة تجارية تتعامل مع الأثر الاقتصادي للخطر وعدم اليقين بما يمكن أن تحدثه الإصلاحات لتلافي الأخطار المترتبة لأي عجز مالي).

وثمة نذير ينص على عدم استطاعة الأنظمة التقاعدية من الوفاء بالتزاماتها ليصل العجز الحقيقي عام 1459 إلى 191 مليار ريال في النظامين المدني والعسكري.

لو أردنا الوقوف مع المؤسسة العامة للتقاعد متسائلين:

- أين كنتم قبل وصولكم إلى العجز المالي؟ وأين هي الاستثمارات التي يمكن الارتهان لها في ظل هذا العجز.. وهل تظل مطالبتكم قائمة لوزارة المالية من أجل الدعم.. وإلى متى يستمر الدعم؟

وإذا كان المتقاعد عمره الافتراضي بين 60 - 65 سنة فماذا تفعلون عندما يرتفع معدل الأعمار اإلى 70 - 80 سنة.

وبالبلدي القح هل يعقل أن تتبخر كل الأموال التي تم استقطاعها من الموظفين (عسكريين ومدنيين) من غير وجود خبراء يتوقعون تغير نمط الحياة اقتصاديا وصحيا واجتماعيا، مما يعني إيجاد البدائل الاستثمارية وتنوعها في ذلك الحين...

الكارثة الآن أن بعض المواطنين يتقاضى راتبا أدنى من احتياجاته بكثير جدا، فكيف نطلب أن يعيش منعما في آخر حياته بدخل لا يصل إلى الكفاف ومن غير تأمين صحي ومن غير سكن ومن غير مواصلات...

فأي نعيم يعيشه هذا الميت قاعدا؟

وماهو مستقبل هذه المؤسسة المعنية بكل (المت...قاعدين) وهي أقرب للموت من الحياة؟

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2017/08/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد