آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طلال القشقري
عن الكاتب :
كاتب سعودي في صحيفة المدينة

ما أخبار الفقر يا تُرى؟!


طلال القشقري

كُنْتُ أتريّض حول سور كليّة الفيصلية في جدّة، المشهور بين الأهالي باسم سور الحوامل، حين وقعت عيناي على مُسِنّة تبيع قوارير الماء للمُشاة!.

وفي الحقيقة ظننْتُها من الوافدين، غير أنّها أخبرتني بلهجة سعودية مُبيَّنة أنّها مواطنة أصيلة، وأنّها فقيرة تحتاج لكلّ ريال أو حتى نصف ريال يدخل عليها من بيع الماء!.

وأثناء حديثي معها زاغ بصري تجاه إحدى قدميها، فرأيْتُ جُرْحًا قد أخّر التئامه مرضُ السكّر، فضلًا عن قتامة لون عينيها بما يُشير لتلفٍ خطيرٍ فيهما قد يُفقدهما نعمة البصر العظيمة!.

هنا تعكّر مزاجي الذي يسمو عادةً لدرجة الصفاء والسكينة والطمأنينة خلال الرياضة، وتابعْتُ المشي وأنا أتساءل مُحتارًا: ما أخبار الفقر لدينا يا تُرى؟ لا يبدو من منظر هذه المُسِنّة المسكينة، أنّه انقرض كما هو مأمول، ويبدو أنّه ما زال حُرًّا وطليقًا، لم يخفُر أحد زنزانته المُفترض أن يُحبس فيها للأبد، لم يقتله أحد كما تمنّى عليّ بن أبي طالب، وها هو للأسف ما زال يرتع ويفترس بعض شرائح مجتمعنا، يعبث فيهم بمخالبه الحادّة بلا رادعٍ يردعه، يُتعسهم، ويُشقِيهم، يُفقدهم العزّة والأنفة والكرامة، يُمرضهم عضويًا ونفسيًا واجتماعيًا، ويصبّ على رؤوسهم من إبريق البُؤس صبّا، ويُفقدهم بهجات الحياة وملذّاتها الكثيرة، ويُشعرهم بالدنوّ والنقص أمام البشر أمثالهم الذين خُلِقوا كلّهم سواء، من نفس المستقر ونفس المستودع!.

أعتقد أنّنا في حاجة ماسّة لإعادة النظر في برامج مكافحة الفقر، سواء الحكومية أو الأهلية أو حتى الفردية؟ وأن نُفعِّل أفضل منها، بحيث يجعله من الماضي السحيق، وبحيث لا يكون هناك فقير يموت ببطء بيننا، وأن نلغي مقولة «الفقر ليس عيبًا» من قواميسنا ومعاجمنا، فو الذي نفسي بيده، إنّه العيب كلّه!.

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/08/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد