آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

التقارب القطري – الإيراني.. استراتيجي أم تكتيكي؟


صالح السيد باقر

لا يراودني أدنى شك، أن إيران تبذل مساعي حثيثة للارتقاء بعلاقاتها مع الدول المجاورة لها والدول الإسلامية وكافة الدول التي لا تضمر الشر لها إلى المستوى الاستراتيجي.

وهناك أسباب عديدة تدفع إيران للارتقاء بعلاقاتها مع الدول الصديقة إلى المستوى الاستراتيجي، ولكن بما أن المقام سيطول بنا لو تحدثنا عن كل الأسباب، لذلك سأكتفي بالتطرق إلى سبب واحد، وربما يكون هذا السبب هو الرئيسي في سعي إيران إلى تطوير وتعزيز علاقاتها مع أشقائها وأصدقائها.

السبب هو الصراع المزمن بين إيران وإسرائيل، الذي لا يزال هناك من يشكك بوجوده رغم الأدلة الدامغة على احتدامه، ولعل السبب الرئيسي في التشكيك بوجوده يعود إلى أن المشككين لا يجدون ما يبررون به عدائهم لإيران سوى أن عدائها لإسرائيل كاذب ومجرد سيناريو.

لسنا هنا بصدد سرد أسباب العداء والصراع المزمن بين إيران وإسرائيل، وماهي الأهداف التي تسعى طهران إلى تحقيقها من قطيعتها مع إسرائيل ورفضها لأي نوع من أنواع التطبيع معها، ولكن ينبغي القول أن إيران دفعت ولا تزال تدفع ثمنا باهضا لهذا الصراع، بل أن أغلب المشاكل التي تعاني منها جاءت نتيجة هذا الصراع، وعلى الرغم من كل ذلك فأنها لم تعلن يوما بأنها توقفت عن صراعها مع إسرائيل، ولا يبدو أنها ستعلن في المستقبل عن ذلك.

طهران تدرك جيدا أن وجود أصدقاء وحلفاء وعلاقات إستراتيجية مع سائر الدول يساعدها في صراعها مع إسرائيل، خاصة أن هذا الصراع لا يقتصر مع تل أبيب بل مع قائمة طويلة من أصدقائها وحلفائها وتأتي الولايات المتحدة الأميركية في مقدمتها، بل يمكن القول أن الصراع الإيراني – الإسرائيلي تشعب إلى صراع مع العديد من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة نتيجة دعمها المستميت لإسرائيل.

من المؤكد أن العلاقات لو تطورت ووصلت إلى المستوى الاستراتيجي فبها ونعمت، ولكن مع ذلك فأن طهران تأمل تحقيق أدنى المكاسب من هذه العلاقات وهو تحييد هذه الدول لكي تصطف إلى جانب الدول المعادية لإيران.

ومما لاشك فيه أن إيران تدرك جيدا أن الطريق الذي تسلكه خطير جدا ومليء بالتحديات والتهديدات والإخطار لذلك فإنها لا تراهن بتاتا على بقاء حكومات إلى جانبها للأبد بل أخذت على عاتقها الاستمرار في هذا الصراع حتى لو خذلها أقرب المقربين، ولكن هذا لا يعني أنها لا تصافح اليد التي تمتد إليها، بل على العكس تماما فقد أثبتت على مدى عقود أنها ترد التحية بأحسن منها ولا تكتفي بردها.

لقد أثبتت السنوات الماضية أن إيران تصفح حتى عمن يسيء إليها ويتسبب بالكوارث لها، بل أنها لا تطالب المسيئين بالاعتذار، وإنما هي التي تبادر إلى الإعلان عن فتح صفحة جديدة معهم، لا لشيء سوى لأنها تعتقد أن صراعها مع إسرائيل والولايات المتحدة يستدعي منها تجنب إثارة صراعات أخرى.

فيما يتعلق بالتقارب الإيراني – القطري الذي بدأت تظهر مؤشراته بعد الحصار الذي فرضته السعودية ومصر والإمارات والبحرين ضد الدوحة، فقد توج بعودة السفير القطري إلى طهران، ولا نبالغ إذا قلنا أنه لم يكن هناك مشكلة حقيقية بين طهران والدوحة، بل وحتى خفض العلاقات وسحب السفير القطري لم يأت نتيجة دوافع قطرية ذاتية، وإنما احتراما لإرادة سعودية وامتثالا للقرار الذي أصدره مجلس التعاون الخليجي عقب هجوم مجموعة من الإيرانيين على السفارة الإيرانية في طهران وقنصليتها في مشهد وإحراقهما، احتجاجا على إعدام الرياض الشيخ نمر النمر.

ربما اختلفت طهران والدوحة على الأزمة السورية، بل وحتى هذا الخلاف كان يتخلله أحيانا اتفاقيات بين الموالين لإيران والموالين لقطر في سوريا، كالاتفاق الذي جرى بين حزب الله وجبهة النصرة فيما يتعلق بالفوعة وكفريا من جهة ومضايا والزبداني والحجر الأسود ومخيم اليرموك من جهة أخرى، وكذلك الاتفاق بين الحزب والنصرة بخصوص إجلائهم من بلدتي عرسال والقاع اللبنانيتين.

من هنا يمكن القول أن قطر شأنها شأن الكويت والإمارات استجابت على مضض للطلب السعودي بخفض علاقاتها مع إيران فسحبت سفيرها، ولو كانت تعلم أن الرياض ستكافئها بهذا الشكل لما كانت استجابت لها بل اتخذت القرار الذي اتخذته سلطنة عمان.

من المؤكد أن العلاقات بين البلدين ستتطور وتتعزز ما دامت القطيعة مستمرة بين الدوحة والرياض، إلا أن ارتقائها إلى المستوى الاستراتيجي يتوقف على قرار تتخذه الحكومة القطرية في هذا الصدد، غير أن السياسة التي انتهجتها الحكومة القطرية منذ تولي الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحكم وحتى اليوم تبين أن قطر ملتزمة بسياسة متوازنة مع الجميع.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/09/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد