آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الوهاب الشرفي
عن الكاتب :
‏‏‏محاسب قانوني معتمد ، رئيس مركز الرصد الديمقراطي (اليمن) ، كاتب ومحلل سياسي .

بعد الزيارة الفارقة لصّباح إلى واشنطن: ما الذي سيعمل عليه أمير قطر في جولته الخارجية..؟


عبدالوهاب الشرفي

ساعات فقط من التفاؤل سادت أثناء زيارة أمير الكويت للولايات المتحدة و التي كان واضحا أن الهدف الأول لها هو طلب التدخل الأمريكي لحل الأزمة الخليجية وهو أمر تحدث عنه الرئيس الأمريكي بصورة إغرائية لأمير الكويت بأنه عندما تفشل الجهود في حل الأزمة الخليجية فأن الولايات المتحدة ستتدخل وهو منطق “عندما يفشل الآخرون سننجح نحن”.

كعادته ترامب في اللعب على موجات الأزمة الخليجية لتحقيق مكاسب مالية للولايات المتحدة قام بالاتصال بأمراء الخليج في السعودية والإمارات وقطر ووقعت الكويت صفقة أسلحة بخمسة مليارات دولار قدرها ترامب ثمن لذلك الاتصال لكنه لم يحاول أن يفعل أكثر لتلافي انهيار إثر اتصاله الذي حدث بعد ساعات التفاؤل تلك ببدء تحلحل الأزمة الخليجية باتجاه الحل باتصال أمير قطر بولي عهد السعودية والتي انقلبت إلى نقطة إضافية للخلاف لأسباب غير جوهرية كان بإمكان ترامب أن يفرض مجاوزتها لو كان اتصاله وتدخله جادا في الدفع باتجاه الحل وليس باتجاه بيع الموقف بمقابل مالي انتهى أثره بالحصول على المقابل .

أمير الكويت تحدث في مؤتمره الصحفي مع ترامب عن نجاحه في إيقاف عمل عسكري كان خصوم قطر سيقومون به ضد قطر ، وبعيدا عن مسألة جديتهم في ذلك من كونه مناورة لخصوم قطر لإثارة مخاوف أمير الكويت ليقوم بدوره بنقله لقطر لتخويفها علها تنصاع لهم  يضل تحدث أمير الكويت بأمر كهذا غاية في الإزعاج لخصوم قطر لاعتبار أن ” رئيس دولة ” وبصفة رسمية و أمام الإعلام ومن العاصمة الأمريكية وفي مؤتمر مشترك مع رئيس الولايات المتحدة  قدم خصوم قطر كدول كانت تبيت الإقدام على خطوة تنتهك القانون الدولي و تعرض الأمن و السلم الدوليين لتهديد غير عادي .

رسائل خصوم قطر باتجاه الكويت تكررت بشكل ملحوظ فمن حديث ولي عهد الإمارات بأن سلطنة عمان والكويت يتبنيان سياسات غير منسجمة مع مجلس التعاون الخليجي في الأيام الأولى للأزمة الخليجية إلى فتح الحديث عن أن المياه الإقليمية الكويتية استخدمت لتهريب الأسلحة ” للحوثيين ” في اليمن وهو حديث – بعيدا عن صدقه من اختلاقه –  يعني أن الكويت أدت دورا عمدا أو تساهلا في انتهاك القرار الأممي بشأن اليمن الذي يفرض على الدول الأعضاء العمل على منع تزويد ” الحوثيين ” بالسلاح ، و حديث أمير الكويت بما كان يعتزمه خصوم قطر هو حديث بطبيعته لايمكن أن يدلي به الأمير الكويتي إلا لقناعة بالنوايا العدائية لخصوم قطر تجاه الكويت أيضا ، و هو أمر له علاقة بإبرام صفقة تسلح أثناء الزيارة للولايات المتحدة و بالتوجه الكويتي الرسمي للدخول في اتفاقيات دفاع مشترك مع تركيا .

حديث أمير الكويت عن نوايا خصوم قطر العسكرية كان نقطة تصعيد خطيرة في الأزمة الخليجية وسواء كان اعتزاما جديا أو تمويها بهدف إرسال رسالة تخويف لقطر فطرح هكذا حديث نقل الأزمة الخليجية لمرحلة التحوطات العسكرية وليس فقط السجال السياسي و الإقتصادي و الإعلامي الذي ساد خلال المئة يوم المنقضية من الأزمة الخليجية ،  وعلى خلفيته كانت أول زيارة معلنة من نوعها لأمير قطر لقواته الجوية و قيادة القوات الجوية الأمريكية في بلده كرد عملي على الرسالة التي حملها لقطر حديث الأمير الكويتي .

كان أمير قطر قد رفض دعوة البيت الأبيض بمبرر عدم إمكانية مغادرته لبلده وهي تحت الحصار في بداية الأزمة و كان موفقا تمكن من تحاشي مصيدة ” الحلب ” التي كان ينصبها له ترامب من جهه كما أن مغادرته لبلده في تلك الفترة كان يمثل خطورة بالغة باعتبار أن المنطق العملي الممكن هو باتجاه إنقلاب يغير الحاكم القطري بشكل أو بأخر وليس باتجاه عمل عسكري لتحقيق ذات النتيجة من جهة ثانية ، و لاشك أن ترتيبات الحيلولة دون الزعزعة من الداخل قد تمت في الداخل القطري ما سمح للأمير القطري ببدء زيارات خارجية أول محطاتها هي تركيا التي كانت المحطة الأولى في التوجه الدبلوماسي والأمني لقطر عند تفجير الأزمة ، وألمانيا هي محطته التالية وكانت كذلك عند تفجير الأزمة محطة تالية للدبلوماسية القطرية ولعبت ألمانيا دورا مهما في كبح جماح ” التكالب ” الأمريكي و البريطاني و الفرنسي على قطر إلى جانب خصوم قطر ، وليس هناك مايمنع من أن تكون روسيا محطة ثالثة له كما كان ترتيبها عند بداية الأزمة محطة ثالثة للدبلوماسية القطرية تمكنت من وقف موقف الإدارة الأمريكية عند حده بالتعهد للروس بالحل عبر الحوار للازمة الخليجية .

الولايات المتحدة الأمريكية هي أيضا على قائمة الزيارات المحتملة للأمير القطري فالمفارقة بين موقف الإدارة الأمريكية و بين مواقف ” ترامب ” تجاه الأزمة الخليجية و كذلك المنطق السياسي بخلق توائم بين اتصال قطر واتصال خصومها بالولايات المتحدة و أيضا كبح جماح مكر ” ترامب ” على تفويت قطر عليه فرصة ” الحلب ” كلها عوامل تجعل الولايات المتحدة مرشحة لزيارة من أمير قطر .

ما سيميز زيارات أمير قطر التي تأكدت – تركيا و ألمانيا – و المحتملة سواء في جولته الحالية أو في اللاحق القريب – روسيا و أمريكا – هو أن جانب السجال العسكري هو الذي سيكون محورها ، فما تحدث عنه أمير الكويت من نوايا كانت مبيته لخصوم قطر تجاه بلده سيمنحه قوة في تحقيق نتائج إيجابية لصالح موقف بلده لم تكن لتتيسر قبل ذلك الحديث ، فما سيطلبه أو ينسق له الأمير القطري على خلفية تهديدات عسكرية تواجهها بلده بانتهاك القانون الدولي و تهديد الأمن والسلم الدوليين هو غير ما سيطلبه أو سينسق له على خلفية أزمة سياسية أمنية إعلامية .

زيارة وزير الدفاع القطري لتركيا في بداية الأزمة كانت على خلفية تهديدات أمنية تحتمل الزعزعة الداخلية لكن زيارة أمير قطر على خلفية تهديدات عسكرية ستكون ضمن خطوات الرد التي بدئها بزيارة قواته الجوية فلا يستبعد بل من المرجح أن يسعى الأمير القطري لتحفيز أو لإبرام علاقات دفاعية عسكرية لتعزيز درع التحالفات الذي تعتمد عليه قطر في مواجهة خصومها ، كما قد يعمل على أن تحصل بلاده بصورة عاجلة على قدرات عسكرية نوعية تحقق لبلده قدرا أكبر من توازن ” قوة ردع ” مع خصومه كصواريخ متطورة و منظومات دفاع فاعلة .

تزامن حديث أمير الكويت من الولايات المتحدة مع ” المئوية ” الأولى للازمة الخليجية ولتكون الفترة القادمة مختلفة عن مامضى منها وستكون أكثر احتداما و أكثر سجالا وما سجال وزير الشئون الخارجية القطري مع مندوب السعودية في إجتماع الجامعة العربية إلا نموذج مصغر لما هو قادم و الذي عنوانه ” إيران دولة شريفة ” و ” المملكة قدها وقدود ”  ، كما ستكون أكثر اتساعا وما نيل ” نخب ” سعودية وإماراتية لشخص أمير الكويت و السعي الكويتي الرسمي لتحالف مع تركيا إلا بداية لشمول أوسع لتلك الأزمة .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/09/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد