التقارير

تقرير خاص: #رؤية_2030.. أي تقدم تحقق ومن يتحمل مسؤولية الفشل؟

 
مالك ضاهر ..

مر ما يقارب السنة والنصف على طرح الحكومة السعودية لرؤية 2030 الواعدة كي تكون المملكة بلدا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة، ويبدو أن هذه الرؤية (أو هكذا يفترض أن تكون) هي المشروع أو خطة العمل أو البرنامج الإساسي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان فيما لو أتيح له الوصول للتربع على عرش المملكة السعودية خلفا لوالده الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، خاصة أن محمد بن سلمان يعتبر هو عراب الخطة دون منازع.

 وقبل الغوص في ما الذي تحقق حتى الساعة من الخطة الموعودة لا بد من التذكير ببعض أو أهم ما ورد فيها من أفكار وأطروحات، فقد تضمنت: رفع نسبة تملك الأسر للمساكن، رفع مستوى الموظفين الحكوميين وتأهيلهم، زيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين إلى 30 مليون معتمر(في العام 2030)، رفع عدد المواقع الأثرية المسجّلة في اليونسكو إلى الضعف على الأقل، رفع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه داخل المملكة، رفع نسبة ممارسي الرياضة، الارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي إلى مراتب متقدمة، تخفيض معدل البطالة، رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي، رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، رفع حجم الاقتصاد وانتقاله إلى مراتب متقدمة عالميا، رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40 % إلى 75 % في العام 2030، رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من (600) مليار إلى ما يزيد على (7) تريليونات ريال سعودي، تقدم ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية، رفع نسبة الصادرات غير النفطية من (16%) إلى (50%)على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، طرح أصول من شركة "أرامكو" للاكتتاب العام، زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من (163) ملياراً إلى (1) تريليون ريال سنويا، وغيرها من الأفكار.
 
هل بدأ العمل الجدي للتطوير؟

 لكن ماذا تحقق حتى الآن من كل هذه الأفكار؟ هل بدأت الخطوات العملية لتنفيذها أو تحقيقها؟ هل شرعت الجهات المعنية بتنفيذ بعض أو كل هذه البنود أو أنها تعمل لتهيئة الظروف كي نصل إلى النتائج المرجوة في الوقت المحدد؟ أم أنه ما زلنا مكاننا نراوح بعد مرور أكثر من 18 شهرا على إعلان الرؤية؟ وماذا عن أحوال الخدمات المختلفة في المملكة اليوم؟ هل تحسنت هذه الخدمات وارتفع مستوى مختلف القطاعات أو بعضها منذ الإعلان عن الرؤية؟ وهل سنستطيع في المواعيد المحددة تنفيذ كل الأفكار المحددة وهل يمكن النجاح في تطبيق الخطة أم أن الأمر مجرد مشاريع للاستهلاك الإعلامي ستغيب مع الوقت عن بال الناس وتسحب من التداول؟

 من جهة ثانية، ما صحت الأنباء التي تتحدث عن إمكانية إجراء تعديلات على الخطة الموعودة؟ وهل الهدف هو إحداث تغييرات أساسية بهدف تغيير الخطة ككل أم أن الأمر يتعلق بتعديلات ضرورية وجذرية قبل أن تصبح الخطة خارج الخدمة كليا؟ علما أن إجراء التعديلات ليس عيبا ولا محرما بل هو واجب يجب التنبه إليه والقيام به عند اكتشاف الخطأ وإصلاح الاعوجاج كي لا تتضرر المصلحة العامة ولا تتكبد الدولة والخزينة العامة الخسائر من دون فائدة، إلا أن ذلك بكل الأحوال يجب أن يترافق مع سلسلة من الإجراءات التي تحدد أطر النجاح أو الفشل وتحمل المسؤوليات لمن تسبب بأي ضرر عام كما توضع الأوسمة وتقام التكريمات وتحفظ المناصب لمن يبدع وينجح في مهامه، والأكيد أن الرؤية المعلنة تتضمن العديد من الأفكار الوازنة كما تتضمن أفكار تحتاج إلى المزيد من البحث والتمحيص قبل فوات الأوان.
 
التعديلات المطروحة.. انتكاسة أم تفعيل؟

 وفي هذا الإطار، تحدثت صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية في تقرير لها قبل أيام أن "المملكة السعودية تعيد النظر في إستراتيجية إصلاحاتها وذلك بعد مرور إكثر من عام على إطلاقها حيث قامت بإلغاء بعض الأهداف ومددت الجدول الزمني لأهداف أخرى"، وتابعت أن "الحكومة بصدد تعديل موعد تطبيق بعض المبادرات وتضيف مبادرات جديدة"، ونقلت الصحيفة عما اسمته مصادر مطلعة قولها إن "تغير الجدول الزمني يسلط الضوء على حجم التحديات الكامنة في المهمة الكبيرة... ويعد هذا اعترافا بأن كثيرا من تلك الأهداف كانت مغامرة أكثر مما ينبغي..".

 والحقيقة أن البحث في بعض المسائل التي لا تحتاج إلى معدلات زمنية طويلة نسبيا يظهر أنه لم يسجل حتى الساعة الكثير من التقدم في مختلف المجالات التي طرحت في الرؤية، فالحديث على سبيل المثال عن البطالة في المملكة يسجل ارتفاعا حيث بلغت (12.7%) خلال الربع الأول من العام الحالي، مرتفعة بذلك عن نسبتها في الربع الأخير من العام 2016 حيث كانت (12.3%)، فهل هذا الأمر يعتبر تقدما أو انتكاسة لرؤية 2030؟
 
أسس التطوير مفقودة..

والحديث عن عدم التقدم في مجال العمالة المحلية والإبقاء على ارتفاع العمالة الوافدة، ينطبق على مختلف القطاعات وفي هذا المجال يتحدث بعض الخبراء عن واقع "بائس" للتعليم جرى تصميمه بعناية لإنشاء مواطنين في المملكة غير قادرين على التفكير باستقلالية، إضافة إلى انعدام الرقابة وتركيز السلطة في أيدي قلة، ومن هنا لا بد من التنبه أن مسألتين لهما التأثير الكبير على التطور الثقافي الاقتصادي في البلاد هما: التعليم والحريات العامة، حيث يجب تطوير مناهج التعليم بما يسمح بمواكبة العصر ورفع مستوى الأفراد من الناحية العلمية وزيادة الكفاءات الموجودة في البلاد بدل استمرار استيرادها من الخارج في مختلف المهن والقطاعات، أي أنه يجب العمل لامتلاك جيش من الموارد البشرية التي هي أساس لتطوير أي شيء في البلد.

 بالإضافة إلى ذلك لا بد من فتح باب الحرية للوصول إلى الإبداع وإظهار القدرات الفردية للإنسان لأنه في ظل الإطباق التام على أنفاس الناس لا يمكن الحديث عن تطوير خاصة أن لا إبداع في ظل الخوف من الاعتقال أو السجن أو الإعدام لأتفه الأسباب، لذلك يجب على القيادة التخلي عن الأساليب البوليسية في التعاطي مع الناس لأنها تطيح بالثقة بين المواطن والسلطة بما ينعكس سلبا على أي مشروع عام أو خطة وطنية كرؤية 2030.

 كما لا بد من التنبه أن الانغماس كثيرا في المشاريع السياسية الإقليمية والحروب المتعددة دون تخطيط أو حاجة لذلك، سيكلفنا خسائر باهظة على أكثر من صعيد وسيرتد سلبا على المشاريع الإنمائية الوطنية لا سيما أن خطة كرؤية 2030 يفترض أن هدفها تطوير الاقتصاد من جهة ومن جهة ثانية زيادة الوعي لدى الناس وبناء مجتمع أكثر تحضرا.

أضيف بتاريخ :2017/09/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد