آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طلال سلمان
عن الكاتب :
طلال سلمان (مواليد 1938) هو صحافي لبناني كبير مؤسس جريدة السفير اللبنانية اليومية. شكل منذ عقود مرجعية إعلامية في الشؤون العربية واللبنانية تحظى بالتقدير، وبالتأثير في الرأي العام.

الأكراد ينتحرون وينحرون العراق؟


طلال سلمان

يمضي رئيس إقليم كردستان العراق السيد مسعود برازاني في مشروعه التقسيمي بإعلان انفصال هذا الإقليم عن دولة العراق، وهو بعضها، ليكون “دولة ذات سيادة” برغم الإشكالات والتعقيدات الكثيرة التي تعترض هذه الخطوة المتسرعة والتي ستنعكس سلباً على العراقيين جميعاً، عرباً وكرداً، كما على جوار العراق، وبالذات على كل من إيران وتركيا وسوريا، وان بنسبة أقل.

صحيح أن حلم “الدولة” يعيش في وجدان الأكراد، الذين كانوا دائماً أشقاء حقيقيين للعرب، تاريخهم مشترك، وبعض أبرز الأبطال في التاريخ العربي ـ الإسلامي هم من الأكراد، ولهم موقعهم المميز في الوجدان العربي.

ومن حق الأكراد، من حيث المبدأ، أن يتطلعوا إلى “كيان” سياسي لهم، لكن الصحيح أيضا أن العراق وحده قد لبى هذه الرغبة، فقرر العهد الجديد ـ ما بعد الاحتلال الأميركي وإسقاط صدام حسين ـ أن يكون للأكراد في الشمال العراقي استقلالهم الذاتي داخل الجمهورية العراقية… وتجسد القرار باختيار رئيس كردي للدولة العراقية (جلال طالباني ثم معصوم) وتولية العديد من الأكراد مناصب سامية في الحكومة أبرزهم وزير الخارجية لفترة طويلة ثم وزير المالية هوشيار زيباري (وهو خال البرازاني).

على أن التطلع إلى الدولة يصدم برفض يتجاوز العراق إلى دول الجوار، تركيا وإيران، أساساً، ثم سوريا.. هذا قبل الحديث عن الدول الكبرى، التي لم ترحب أي منها، حتى الولايات المتحدة الأميركية، بهذا القرار.

ومما يعقد الأمر أن مسعود برازاني قد وضع يده على كركوك، وأجلت قواته عنها الآلاف من سكانها العرب، وقرر اعتبارها كردية طمعاً بثروتها النفطية التي قد تخفف عنه حدة العوز.

أن إعلان استقلال كردستان، في هذه اللحظة، هو بمثابة إعلان حرب على بغداد، المنهكة بتركة صدام وبحربها ضد داعش وبفساد الحكومات التي تعاقبت على السلطة فيها في الأعوام الأخيرة.

وليس من بشائر الأخوة أن يقرر البرازاني، من طرف واحد، قراره بالاستقلال عن عراق يحاول إعادة بناء دولته المتصدعة والتي تتآمر عليها أطراف عديدة، عربية وأجنبية، لتمنع عودتها إلى الحياة والى دورها الحيوي بل والضروري الذي يحتاجه العرب كما الكرد وسائر أطياف الشعب العراقي.

أن قرار البرازاني، إذا ما تم تنفيذه، سيفتح جبهات حروب عدة على الأكراد، ليس في العراق وحده، بل من مجمل جيران العراق الذين طالما تعاملوا مع الكرد بعنصرية وفوقية، أولهم وأخطرهم تركيا.

كذلك فأن إيران لن ترحب بمثل هذه الخطوة التي قد تحرك أكرادها..

أما الأميركيون الذين لم يرحبوا بقيام مثل هذه “الدولة” فأنهم قد يستفيدون منها بقدر ما تضعف دولة العراق الطامحة إلى السيادة والاستقلال وإيران ذات الدور الخطير في المنطقة، فضلاً عن تركيا التي تقتل الأكراد كل يوم.

مع التمني بأن يراجع مسعود البرازاني حساباته…
يكفي العراق المصائب التي ضربته فكادت تدمر وحدة شعبه وتهدد دولته بأن تصبح دول الطوائف، ولا دولة!

كاتب عربي ومؤسس صحيفة “السفير” ورئيس تحريرها

صحيفة الأخبار اللبنانية

أضيف بتاريخ :2017/09/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد