آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

هل يتجرّع أردوغان “معاوية العصر” من ذات كأس السم الزعاف؟


نبيل نايلي

إن “استفتاء كردستان غير شرعي ونعتبره لاغياً..سنتخذ تدابير أخرى وسنغلق المعابر بشكل كامل مع كردستان وسنغلق تصدير النفط وسنمنع تصديره من الإقليم”. الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

خلال حفل تخريجِ دُفعة من ضُبّاط الشرطة، وبعد استفتاء إقليم كردستان، خرج علينا رئيس تركيا رجب طيب أردوغان ليقول “إن بلاده مُستهدفة بـ”مؤامرة”، وأن “الأحداث التي تَشهدها سورية –التي ضلع فيها هو وعسكره وشذّاذ الآفاق ممّن مروا عبر تركيا – والعراق والمُخطّطات التي تُنفّذ عَبرها ليست بمَعزل عن تركيا”!! يا سلام! ليعلن بعدها إن “الهَدف من إنشاء دولة مُستقلّة في كردستان العراق هو تقديم العون لمن يريدون تمزيق وحدة الشعوب وإحداث صراعات لا نهاية لها في المنطقة بأسرها”!

وتشظية سورية العراق وانتهاك حرمة سيادة سوريا بتعلة وجود رفاة وقبر، يمكن نقلهما متى شاء؟! أ ليس ذلك من “تمزيق وحدة الشعوب” ولا من “إحداث الصراعات”؟ مطلقا بالمنطق الأردوغاني الذي هلّل له عرب كثير !

ألم يكن يعلم ومنذ 6 سنوات تقريبا غيّر فيها استراتيجيات وسياسات تركيا رأسا على عقب، وأوهموه بحلم إبليس في الجنة الأوروبية وتنكّر أولا لمصالح تركيا، قبل مصالح سوريا والعراق، وأن هدف “حلفاء”ه هو إقامة “دولة كردستان كأمر وقع وأنها “ذات حدود مفتوحة، وقابلة للتمدّد تركيا وإيرانيا، تمامًا مثل حدود الكيان الصهيوني، الكيان الوحيد الذي يجاهر علنًا بتأييده ويعمل من أجل إقامتها عاجلا، سرّا وعلانية، وأن الأراضي التركيّة هي “الجائزة الكبرى” التي يعمل على قضمها؟

ألم يكن يعلم “معاوية العصر”، على حد وصف أحد “فلاسفة” تونس له، أن مخاطر المُؤامرة التي ساهم بفاعلية في نسج خيوطها منذ سنوات، ستورّط بلاده وإن بعد حين، والمَنطقة بأسرها، فتركيا والعراق وإيران كلها كانت ولا تزال مرشّحة جدا لتكون ساحة أحدث فُصولها وامتداداتها الجديدة، والكيان الذي وقف خلف “الدويلة” بقوّة، مِثلما وَقفت خلف تقسيم وتشظية السودان، ودَعم سد النهضة الأثيوبي لتعطيش مصر وتجويعها، لا يُمكن أبدا أن يتناسى تركيا الدولة المسلمة، ولو بعد حين؟!!

ألم يسمع بعد أكراد تركيا بأصداء نبأ استفتاء كردستان العراق؟  ومع يعني ذلك من تداعيات وطنيا وإقليميا ودوليا؟

هل يجديه الآن نفعا دمار سوريا والتطاول على سيادة العراق الجريح واعتبار تركيا القوة الإقليمية التي تأمر وتنهى بمجرّد حشرها عنوة على الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي لغايات لا يعلمها إلاّ الراسخون في فكّ شفرات استراتيجيات واشنطن، التي لا حليف لها إلاّ التُبّع الذين ترميهم رمي العير المعبّدة متى انتهت مدة صلاحيتهم؟

هل تجدي الآن منظومة الأس400 الروسية أو السماح الآن للمقاتلات الروسيّة لتشنّ أكثر من 70 غارةً جويّة على مُحافظتي حلب وإدلب، مُستخدمةً الأجواء التركيّة للوصول إلى المناطق التي يتمركز فيها المُقاتلون السّلفيون على الشّريط الحُدودي مع تركيا؟ أ لم يكن تسونامي وخارطة جديدة كانت ترتسم ملامحها منذ دهر، إلاّ لمن ركب عنجهيته واستبدّ برأيه أو مارس حالة إنكار!

ألم يبلغه نبأ “نعي” مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، Bernard Bajolet، و مدير الأستخبارات الأمريكية، الـ «سي آي ايه، CIA» جون برينان، John Brennan ، المنطقة بتصريح، لا مواربة فيه، مفاده أنّ: « الشرق الأوسط الذي نعرفه، انتهى إلى غير رجعة»، وأنّ دولا مثل سوريا والعراق- وتركيا لاحقا-، “لن تستعيد أبداً حدودها السابقة”! مشدّدين على إضافة لا تقلّ دلالة ولا خطورة عن نعيهما لدولتين محوريتين، وهي أنّ المنطقة “لن تستعيد شعوبها أيضاً؟!

ماذا يعني أن يقوم الجيش التركي الآن بإرسال “تعزيزات إضافية إلى وحداته قرب الحدود مع سورية، في منطقة جيلفا جوزو، بقضاء الريحانية، التابع لولاية هطاي جنوبي البلاد؟

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، هو الآخر، نحا منحى رئيسه قائلا، خلال مراسم افتتاح العام الدراسي الأكاديمي في جامعة ”أونسكيز مارت“ ، في ولاية جناق قلعة: “إن قيادات إقليم شمال العراق لم تتردد في زج ملايين الناس في المغامرة من أجل تحقيق أطماعها واستمرار حكمها”! زجت بملايين الناس في مغامرة؟؟ أ لم يساهما فيها كلّ بمقدار؟ أ كان الأمريكيون يسلّحون الأكراد لله وفي سبيله؟ أ كانوا يقصفون الجيش العربي السوري من حتى يصل متأخرا إلى حقول النفط ويتغاضون عن شاحنات أردوغان الموثقة صوتا وصورة وقصفتها مقاتلات روسيا؟

ألا يصدق في “معاوية العصر” نفس المآل الذي حظيت به براقش؟؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/10/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد