آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عبد الحي زلوم
عن الكاتب :
مستشار بارز لشؤون البترول منذ أكثر من 45 سنة. أنهى دراسته الجامعية الاولى والعليا في الهندسة والادارة من جامعات تكساس، لويزيانا، كاليفورنيا، و هارفرد في الولايات المتحدة بعد انهاء دراسته الثانوية في القدس. عمل في الولايات المتحدة واوروبا. كما ساهم في الاعمال التأسيسية للعديد من شركات البترول الوطنية العربية في الخليج والعراق وافريقيا،

بعد استيلاء المحافظين الصهاينة الجدد على إدارة ترامب أصبح العالم على حافة حروب لا تبقي ولا تذر


د. عبد الحي زلوم

بعد تدمير الدول العربية المركزية الثلاثة العراق وسوريا ومصر جاء اليوم دور سُنة أمريكا والخليج  لتدميرهم في حرب مع إيران  يكون سُنة أمريكا وقودها حتى آخر بترودولار، وهم سائرون إلى حتفهم غافلون.

 في مقال لي في رأي اليوم بتاريخ18/1/ 2017 بعنوان
 “هل يستطيع ترامب أن ينفذ وعوده الانتخابية”؟  جاء فيه : ”  ليس سراً بل جاء في كتاب أستاذة في جامعة كولومبيا عن عائلة ترامب بأن جده قد كون ثروته من بيت دعارة وان  ثروة دونالد ترامب  كونها بالتعاون مع المافيا في كازينوهات القمار وبيوت الليل . فليس لمثل هؤلاء مبادئ ثابتة ولكن مصالح ثابتة ….الاحتمال الأكبر هو أن ترامب سيذعن لمطالب الدولة العميقة وإلا فعليه السلام. ” وهذا ما حصل بالضبط .

تبنى ترامب سياسات الصهاينة المحافظين الجدد لاستكمال برامجهم التي بدأها جورج دبليو بوش . لكنهم تعلموا أن تكون هذه الحروب بالوكالة يكون ضحاياها من إتباعهم تماماً كما فعل الانجليز في إمبراطوريتهم حيث خاض 1.2 مليون هندي الحرب العالمية الأولى تحت قيادة الانجليز وكان الكثيرون منهم في جيش احتلال العراق سنة1915.  سُنة أمريكا اليوم سيكونوا هنود أمريكا في  حروبها بل سيدفعون فاتورة خراب بيوتهم.

يقول مؤرخ القرن العشرين اريك هوبساوم بأن الفوضى والبربرية تصاحب عادةً سقوط الإمبراطوريات ويقول أن هذا سينطبق على الإمبراطورية الأمريكية التي هي في حالة الانحدار وأنها ستسبب الحروب والفوضى و البربرية  و لنا ولمنطقتنا نصيب الأسد في ذلك أثناء محاولة الصهاينة الجدد إعادة رسم جغرافيا منطقتنا.

روبرت باري “Robert Parry” هو محقق صحفي مشهور عمل بصفته تلك بوكالة الأسوشيتد برس و مجلة النيوزويك وكان أحد من كشفوا مؤامرة ما تمّ تسميته إيران كونترا أثناء فترة الرئيس ريغان .  كتب روبرت باري مقالاً الأسبوع الماضي عنوانه :”كيف يحرك نتنياهو الدمية ترامب” والذي كتب فيه :”في آخر مناظرة أثناء الانتخابات الرئاسية وصفت هيلاري كلينتون ترامب بأنه مجرد دمية يشد خيوطها الرئيس الروسي بوتين ولكن أصبح من الواضح جداً مؤخراً أن ترامب هو دمية نتنياهو كما هو الحال مع أكثر السياسيين الأمريكان.

منذ 18/9/2017 وبعد أن اجتمع ترامب ونتنياهو أثناء انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أصبح نتنياهو موجهاً للدمية ترامب لكافة السياسات الخارجية الأمريكية تقريباً .

ومن الواضح أن علاقة الدمية ومحركها قد بدأت قبل ذلك بكثير  . ولقد تم إعلامي أن ترامب في البداية لم يرقه دوره كدمية فأبدى شيئاً من التمرد في القرارات بل بثورة على ذلك الدور . ففي البداية خالف ترامب مطالب نتنياهو بالنسبة إلى سوريا للتدخل بشكل أكبر وذلك بأمره إيقاف أعمال الــCIA   في دعم  القوى المعارضة بالإضافة إلى إعلان الإدارة الأمريكية أن تغيير النظام في سوريا لم يعد هدفاً في سياستها الجديدة .

ولكن مباشرةً بعد ذلك نجح نتنياهو بعكس تلك السياسة حيث تمّ إطلاق 59 صاروخ توماهوك على قاعدة ومطار عسكري سوري في 6/4/2017.

وكان الهجوم بحجة استعمال النظام السوري أسلحة كيماوية في حين أخبرني أحد مصادري في المخابرات بأن الهجوم كان مدبراً من القاعدة في منطقة خان شيخون الخاضعة تحت سيطرة في محافظة إدلب  والتي كانت تحت سيطرة المعارضة.”

في مراجعة للسياسات الأمريكية أثناء هذا الصيف اقترح البعض عمل تغيير جذري في سياسات الولايات المتحدة الخارجية.

فمثلاً كان هناك اقتراح بفتح قنوات دبلوماسية مع إيران وكذلك معالجة الأزمة الكورية بعمل نوع من الاتحاد الكونفدرالي بين الشمال والجنوب . بل كان هناك اقتراح أن يقوم ترامب بزيارة إلى إيران لمقابلة الرئيس روحاني كما فعل نيكسون بكسر الجليد مع الصين بزيارته الشهيرة تلك.

وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران مما يسمح بإعطاء الشركات الأمريكية في إيران فرصتها . وكانت تلك الاقتراحات تتماشى مع وعود ترامب لناخبيه أن تكون سياساته هي ( أمريكا أولاً). لكن كل ذلك قد تغيير بعد مقابلة ترامب مع نتنياهو في 18/9/2017 ولكن كيف تمّ  ذلك فما زال سببه غامضاً. علماً بأن  حاكم البيت الأبيض الفعلي جريد كوشنر الصهيوني العتيد و المتبني لسياسات اللكود اليمينية له تأثير كبير في تغيير سياسات ترامب بالإضافة إلى الممولين اليهود لحملة انتخاباته ومنهم Sheldon Adelson صاحب كازينوهات القمار المعروف وناشر جريدة إسرائيل اليوم والتي توزع مجاناً في فلسطين المحتلة والتي هي بوق نتنياهو الإعلامي. علماً بأن أدلسون تبرع ب35 مليون دولار لحملة ترامب . من الجدير ذكره أن أدلسون يدعو إلى استعمال القنبلة النووية ضد إيران لإجبارها للقدوم إلى طاولة المفاوضات !

في 19/9/2017 كان خطاب ترامب في الأمم المتحدة إنذاراً بالحروب النووية حيث استهزئ برئيس كوريا الشمالية وقال أنه على استعداد لأن يمسح كوريا الشمالية عن وجه الأرض. كما أنه كرر كالببغاوات ما يقوله نتنياهو من وجوب تغيير النظام في إيران. جلس أعضاء الجمعية العامة مذهولين مما سمعوه عدا نتنياهو الذي أبدى كل الإعجاب . أما خطاب ترامب الأخير الذي ادعى فيه أن إيران خالفت تعهداتها في الاتفاق النووي مع الدول الكبرى فيعتقد الكاتب من مصادره أن كاتب خطاب ترامب كان جون بولتون أحد كبار الصهاينة الجدد في عهد الرئيس جورج دبليو بوش حيث تم ّ رؤيته خارجاً من البيت الأبيض قبل إلقاء ذلك الخطاب بعدة أيام.

أما وقد استولى المحافظون الصهاينة الجدد على السلطة فسيستأنفون سياسة جورج دبليو بوش العدوانية في حربهم ضد ما اسموه محور الشر وهي دول العراق وإيران وسوريا وكوريا الشمالية وأضيف إليهم اليوم فنزويلا التي تحتوي على أكبر احتياطي للنفط بالعالم قبل السعودية .

  يجلس على كرسي وزارة الدفاع الأمريكية الجنرال ماتيس الذي يحب أن يدعوه الأصدقاء بالكلب المسعور . استقال ماتيس أيام الرئيس أوباما لأنه لم يقبل خطته بالهجوم على إيران والتي أعدها بالتنسيق مع جينرالات تل أبيب. أما (هنود) الإمبراطورية الأمريكية وأسرائيل في حروبها (بالوكالة) الحالية والقادمة فهم سُنة أمريكا في الخليج وحلفائهم وهم الصحوات والأكراد في العراق ، وهم الأكراد وفروع القاعدة في سوريا، وهم جنود الخليج وحلفائهم والقاعدة في اليمن. ومن المحزن أنه في أي حرب قادمة مع إيران ستدفع دول الخليج ثمناً باهظاً في منشآتها النفطية والصناعية بل والماء والكهرباء والبنية التحتية ومدخراتهم البترودولارية وذلك في حروب هي ليست حروبهم  وفي حروب لن تكون حتى في صالح أصحاب تلك الأنظمة وسيدركون ذلك بعد فوات الأوان.

هل يبدو ذلك غير واقعي ؟

أين زين العابدين اليوم وأين حسني مبارك اليوم  وأين شاه إيران بالأمس وأين نوريغا الذي قضى حياته في سجن فلوريدا بعد أن كان تابعاً للـCIA    ورئيساً لبنما.

أما العراق فكان لديه 30 مليار دولار احتياط سنة 1980 قبل أن تزجه أمريكا وحلفائها في حروب مع إيران . أما اليوم فقد اصطف العراق مع طابور المديونين إلى صندوق النقد الدولي في الوقت الذي زاد إنتاج العراق إلى الضعف وزادت الأسعار 4 أو 5 أضعاف فهل ينتظر أخوتنا في الخليج هذا المصير .

أما سوريا فقد تمّ قتل 400 ألف سوري وجرح أضعافهم وتهجير الملايين وتدمير البنية التحتية ليصبح البلد مديناً بمئات بلايين الدولارات في الوقت الذي كان مثالاً للاكتفاء الذاتي بعيداً عن نصابي صندوق النقد الدولي . كل ذلك لتحويل سوريا إلى دولة ديمقراطية على الطريقة الخليجية أو الطريقة الأمريكية والتي وصفتها الكاتبة الهندية أرون هاتي بأنها (سريعة الذوبان اشتري واحدة وخذ أخرى بالمجان ) .

أما مصر فمما يدمي القلب أننا نرى حرباً أهلية سميها إرهاباً أو ما شئت تجتاح شرق البلاد أو غربها ونجد أن الاتصال مع دولة عربية هو تخابرٌ مع عدو وأن التخابر مع عدو والتعاون الاستراتيجي معه هو ( وجهة نظر) وأن نجد الاقتصاد المصري اقرب منه إلى الفشل بالرغم من مليارات المساعدة من هنا وهناك بل وصل هوان الآخرين بمصر إلى حد إمكانية تعطيشها وحرمانها من الماء وبتعاون من الأصدقاء الجدد والقدامى !

سواءً أحببنا ذلك أم لم نحب فإن النجمين الصاعدين في منطقتنا هما تركيا وإيران التي طورت اقتصادها وبنيتها التحتية وقدراتها العسكرية بالرغم من الحصار عليها منذ 1979 وحتى اليوم. .

إذا كانت التبعية للولايات المتحدة تفعل كل هذا للصديق قبل العدو ألم يحن الأوان لتغيير التحالفات  و التخلص من الأعداء الأشباح التي خلقها (الأصدقاء الغربيون) لاستنزاف ونهب مواردنا ولتدمير ثقافتنا وحضارتنا؟

إن زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمنطقة الخليج هذا الأسبوع  هدفها المعلن  مجابهة النفوذ الإيراني في المنطقة وكذلك تزامن التّرتيب لانعقاد مُؤتمر لرؤساء هيئة أركان جُيوش الأردن، السعوديّة، الإمارات، مِصر، في واشنطن في اليَومين القادمين، بدعوةٍ من رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكيّة، لبَحث القَضايا الأمنيّة والعَسكريّة المُشتركة بمشاركة غادي ايزنكوت رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي في هذا المُؤتمر مما يعني أن التحضير للحرب قد وصل ذروته وأنها ستكون أقرب مما يظن  الكثير من الذين سيكونوا وقودها.

لا أدري كيف سيفسر وعاظ السلاطين الأية الكريمة ” ومن يتولهم فهو منهم”.  لكني أعتقد أن فتواهم قد تكون جاهزة بأن دولة اليهود في فلسطين قد أصبحت سنية . واستغفر الله لي ولهم.

قبل حرب الخليج الأولى وعدت الولايات المتحدة بإنشاء صندوق الشرق الأوسط للاستثمار بمليارات الدولارات من دول النفط إلى الدول الأخرى التي ستشارك في عاصفة الصحراء ووعدت بحل القضية الفلسطينية ، فكانت مدريد فإذا بنا بأوسلو! وقبل الحروب القادمة تعد الولايات المتحدة بصفقة القرن الكبرى التي أعدها الصهاينة – كوشنر والمبعوث الجديد الأمريكي للشرق الأوسط . وسينتج عنها وهو خريج كلية التلمود في نيويورك. وسينتج عنها سلام مقابل سلام مع دول النفط  لتكون ورقة توتهم أمام شعوبهم ليهرولوا إلى حتفهم في الحروب القادمة كما سينتج عنها حكم ذاتي للضفة الغربية بسيادة إسرائيلية على الضفة والمستوطنات وهي خطة نتنياهو بل وقرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بحرفيته في 19/6/1967 أسبوعين بعد حرب حزيران .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/10/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد