التقارير

تقربر خاص: كلام بن جاسم.. يضع النقاط على الحروف ويعري الأنظمة الداعمة للإرهاب

 

مالك ظاهر ..

"وشهد شاهد من أهله"، هكذا يمكن اختصار كلام رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم عن الدعم القطري السعودي الأمريكي للجماعات الإرهابية في سوريا عبر تركيا، بالإضافة إلى الدور الخليجي المشبوه في تدمير سوريا وغيرها من الدول.

وأسهب بن جاسم في الحديث عن الأدوار القطرية والسعودية في دفع المال لتأجيج الوضع في سوريا تحديدا وكيف أن الدوحة حصلت على إذن بإدارة الملف السوري بموافقة سعودية أمريكية، هذا الدور السعودي القطري يؤكد التعاون مع الكيان الإسرائيلي لتخريب المنطقة ككل وبالتحديد سوريا، وأحد وجوه هذا التعاون هو ما أشار إليه بن جاسم عن غرفة عمليات مشتركة أقيمت في الأردن لإشعال النار السورية، كل ذلك يؤكد التورط الفاضح بالأزمة السورية من قبل عدة أطراف عربية من بينها الدوحة، الرياض وأبوظبي.

 

قطع الشك باليقين.. تورط سعودي بدعم الإرهاب

كلام بن جاسم قطع الشك باليقين حول تورط بعض الأنظمة العربية في سفك الدم السوري، فالأنظمة في المملكة السعودية، وقطر والامارات دعموا مجتمعين متضامين متكافلين الجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها من "داعش وجبهة النصرة" إلى غيرهما من الفصائل تحت مسميات الثورة والاستقلال والسعي إلى الحرية لكن في الحقيقة هو دعم صريح للإرهاب بناء على خطة معدة مسبقا للانتقام من سوريا الحليفة للمقاومة وإيران ولأنها رفضت فك الارتباط معهما وخدمة المصالح الإسرائيلية في المنطقة، أي أن كل وعود الثورة والحرية والاستقلال وغيرها من الشعارات الرنانة الفضفاضة التي كانت تستخدم في الإعلام السعودي والقطري ما هي إلا تنفيذ للأوامر الأمريكية.

 

أي أن كلام المسؤول القطري يدلل على عدة نقاط:

-التورط القطري السعودي المشترك في دعم الإرهاب من سوريا إلى غيرها، ولا حجج بعد اليوم لالصاق التهم بدعم الإرهاب وتمويله إلى قطر حصرا لأن الدلائل واضحة بالشراكة السعودية القطرية في ذلك.

-العمل وفق الأجندة الأمريكية تنفيذا لغايات ومصالح إدارة البيت الأبيض التي تحسب أولا وأخيرا مصالحها ومصالح "إسرائيل" دون أي اهتمام بمصالح الدول أو الأنظمة أو حتى الشعوب العربية، لذلك فلا يخرج بعد اليوم أي أحد ليدعي أنه دعم الشعب السوري للحصول على حقوق وحرية مزعومة أودت بكثير من مكتسبات الشعب السوري خدمة لاجندات سياسية قطرية سعودية أمريكية.

-التعاون المباشر والصريح مع العدو الإسرائيلي، عبر غرف عمليات في الأردن وتركيا، ناهيك عن كثير من الدلائل التي تشير إلى حصول هذا التعاون في السر والعلن، ما يؤكد أن كل التسريبات عن زيارات وتطبيع علاقات بين أنظمة الخليج وتحديدا السعودي منها والكيان الإسرائيلي ليست دخان من دون نار.

-تحدث بن جاسم عن وجود أدلة تؤكد التورط في الأزمة السورية، سواء عبر الدعم المالي أو العسكري ناهيك عن الدعم الإعلامي والسياسي ولا يمكن بعد اليوم التنصل من المسؤولية الثابتة لأنظمة الخليج ما يعني امكانية ملاحقة المسؤولين السعوديين والقطريين وغيرهم عن الجرائم التي ارتكبت في سوريا على مدى سنوات الأزمة، وهي جرائم ينطبق عليها بشكل واضح وصف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ومن دلالات كلام المسؤول القطري هو المزيد من التأزم على مستوى الأزمة الخليجية، فقطر طالما كانت تحاول المهادنة والدعوة إلى الحوار لحل الأزمة وأخر هذه الدعوات كانت على لسان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي جدد الدعوة للحوار لحل الأزمة تحت مظلة الرعاية الأمريكية  وضمن شروط الحفاظ على سيادة قطر، إلاأنزبن حمد ذهب بعيدا في التصويب على المملكة السعودية وتورطها في دعم الإرهاب ما يعني إمكانية عدم العودة لأي تحاور بين الطرفين فيما لو أصرت السلطة السعودية على موقفها أن الدوحة دعمت وتدعم الإرهاب، كل ذلك قد ينذر بتفاقم الأزمة الخليجية ما يؤدي إلى توتر إضافي بين دول مجلس التعاون.

 

سقوط المشروع في سوريا.. يوقع الخلاف بين الأنظمة الخليجية

وهناك من يشير إلى أن حديث بن جاسم عن وجود تفويض أمريكي سعودي لقطر بإدارة الأزمة السورية أو بالأحرى  بتأجيج الأزمة، لا يخلو من احتمالات أن السعوديين نصبوا فخا للقطريين، بمعنى أن المملكة ستحصد النتائج الايجابية برأيها فيما لو نجحت قطر في إسقاط النظام السوري وتفتيت الدولة هناك، كما أن الرياض تستطيع أن تنفض يدها في أي لحظة من تورطها بالأزمة السورية وسفك دم الشعب السوري عبر اتهام قطر أنها صاحبة المشروع بدعم الإرهاب وتدمير سوريا، واليوم عندما دقت مصالح المملكة أمام الادارة الأمريكية والغرب سرعان ما تبرأت من أفعال قطر وحاولت إلصاق كل التهم بدعم الإرهاب بها وبجماعة الإخوان المسلمين وكل من يدور في فلكهم.

وهذا ما يؤدي إلى فهم كلام بن جاسم حول "احنا تهاوشنا على الصيدة، وفلتت الصيدة واحنا قاعدين نتهاوش عليها"، وهذا يظهر أن المشكل الاساس بين المملكة السعودية وقطر ليس على محاربة أو دعم الإرهاب إنما هو على الإطاحة بسوريا الدولة والجيش وحلقة الوصل والعامود الفقري في محور يمتد من إيران وروسيا إلى لبنان وفلسطين، وكلام بن جاسم يفسر أن سوريا اليوم باتت قاب قوسين أو أدنى على كسر المشروع الهادف لسحقها بواسطة الإدوات الإرهابية.

الأكيد أن كلام رجل كحمد بن جاسم كان في منصب حساس في دولة نشطت على خط الأزمات في المنطقة في مرحلة حساسة ودقيقة، لا يمكن أن يمر مرور الكرام أنما هو سيوضح الكثير من الوقائع لا سيما أمام الشعوب العربية التي انخدعت أو ما زالت تنخدع بالمشاريع والنظريات حول الانفتاح والاعتدال ومحاربة التطرف في المنطقة أو في داخل بعض الدول، لأن الوقائع تؤكد أن الحديث عن "ربيع عربي" ما هو إلا ضرب من ضروب الخيال وأنه مجرد فيلم فيه الكثير من الممثلين تحت الإمرة الأمريكية تأليفا وإخراجا، كل ذلك يؤكد تورط الأنظمة الخليجية بما تتهم اليوم قطر به من دعم  للإرهاب، لا سيما أن دول كالمملكة السعودية ستبقى متهمة أصيلة أنها المنبع الفكري للجماعات الإرهابية عبر تصدير المذهب الوهابي لكل الجماعات التي قاتلت وتقاتل في سوريا.

كل هذه الأمور تدعو إلى التنبه من المشاريع التي تطرح كل يوم في الساحة السعودية الداخلية سواء على مستوى الخدمات والاستثمار أو حتى على مستوى الانتقال بالبلاد إلى الانفتاح والاعتدال لأن من يدعم لسنوات الإرهاب في بلد عربي شقيق ويتنصل من ذلك في لحظة واحدة لن يكون صعبا عليه التلاعب بمصير الشعب وإضاعة حقوقه وثرواته خدمة لمشاريع مشبوهة تضر بمصالح الوطن والمواطن.

أضيف بتاريخ :2017/11/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد