آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الوهاب الشرفي
عن الكاتب :
‏‏‏محاسب قانوني معتمد ، رئيس مركز الرصد الديمقراطي (اليمن) ، كاتب ومحلل سياسي .

ما وراء استقالة الحريري؟ وما يجمع الملف اللبناني بغيره من الملفات المستحدثة في المنطقة؟

 

عبدالوهاب الشرفي

قدم سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية وألقى خطابا صب فيه جام غضبه على إيران و حزب الله و اصفا إيران بأن الخراب يحل حيثما حلت وأن حزب الله يفرض واقعا على الجميع في لبنان.

الحديث عن التدخل الإيراني ليس بالجديد و الحديث عن أن حزب الله أو بالأصح سلاح حزب الله أمر واقع يفرض نفسه على الجميع كلاهما ليسا بالحديث الجديد كما أنهما حديثان دخل الحريري الحكومة و هو يحمل ذات التصور تجاه إيران وتجاه حزب الله بل كان له حديث أنه لا يتفق مع حزب الله و أن حزب الله لايتفق معه لكنه يغلب المصلحة العليا للبلد وقبل برئاسة الحكومة من هذا المنطلق.

على مدى فترة رئاسة الحريري للحكومة لم تشهد البلد أزمات حادة أو اختناقات سياسية يمكن أن تمثل عوائق مستجدة أمام الحريري يمكن أن تكون مبرر لإعلان استقالته، وبالتالي ليس هناك جديد يمكن أن يبنى عليه وصول الحال لاحتياج الحريري لتقديم استقالته فالوضع هو ذاته ماقبل بالحكومة وهو يحمل عنه ذات التصور و لا تعارض حاد أثناء ممارسته لمهامة.

استقالة الحريري كانت بالفعل مفاجأة فلا حيثيات سياسية في مستواها يمكن أن نعتبرها مقدمات سياسية أفضت إلى استقالة رئيس الحكومة، وبما أنها كذلك فالاستقالة ليست مترتبا على ماض وإنما تأسيس إلى آتي. ليست استقالة الحريري هي المفاجأة الوحيدة وأنما إعلانها من العاصمة السعودية الرياض هي مفاجأة أخرى لكنها مفاجأة فيها حل لغز المفاجأة الأولى.

كان مما تحدث عنه الحريري في خطاب استقالته أنه وقف على معلومات أنه كان سيستهدف و أن لبنان يعيش ضروفا تشبه تماما تلك التي سبقت مقتل والدة، وهذا الحديث هو أيضا لامحل له فقد كان الحريري في لبنان أثناء أزمة أشد من الأزمة التي ستوجد في حال تقديمه استقالته من بلدة وأشد مخاطر من وجوده في لبنان أثناء توليه الحكومة، وبالتالي فالحديث عن أن هناك مخططات تستهدفه هو حديث لتبرير تقديم استقالته من الرياض وليس من بيروت كما هو الوضع الطبيعي.
كان الرئيس الأمريكي ترامب قد استغل فرصة تقييم الألتزام بالاتفاق النووي الإيراني لإعلان  بدء مرحلة جديدة من السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط تجاه إيران واعلن عن ما اسماه بالاستراتيجية الجديدة للتعامل مع إيران وحزب الله في المنطقة و بالطبع هذا الإعلان ليس إلا إخراج النوايا إلى العلن. قبلها كان ترامب يترأس قمة أمريكية  عربية إسلامية في الرياض خرجت بإعلان غاية في الخطورة فيما يتعلق بالسياسات في المنطقة و جوهر ذلك الإعلان هو التوجه للتطبيع مع الكيان الصهيوني وفق برامج مخططة يكون مركز إدارتها هي العاصمة السعودية الرياض – التحالف الشرق أوسطي الاستراتيجي من الرياض – و على ذلك فإعلان ترامب لاستراتيجيته للتعامل مع إيران وحزب الله لم يكن إلا إطلاق تنفيذ البرامج في اتجاه حزب الله تحديدا.

كان الحريري قد اجتمع قبل مغادرته لعاصمته مع القائم بالأعمال السعودي الذي لا يجيد حفظ السر و غرد مرارا بما يعني أن هناك برنامج عمل باتجاه لبنان بالفعل، و عندما غادر الحرير للرياض وأعلن استقالته منها أكد أو بدء خطوات البرنامج الذي حامت تغريدات السبهان حوله.
قبل مايقارب الثلاثة أعوام استجلبت السعودية عبدربه منصور هادي إليها ليقيم في عاصمتها بينما أمسكت هي – قبل أن تشاركها الأمارات – بكل تفاصيل الملف اليمني وهذا الأمر يبدو أنه هو ذاته ماسيحدث فالحريري سيقيم في الرياض و السعودية ستتولى الملف اللبناني بشكل مباشر ولكن يكون الحريري إلا ”حامل” للخطوات التي ستتخذ باتجاه الملف اللبناني كما هو هادي ”حامل” للخطوات التي تمت وتتم باتجاه الملف اليمني .

ما أن انتهت قمة الرياض التي شاركت فيها قطر ووصل الأمير القطري تميم إلى بلده إلا وبدء تحريك ملف لقطري ونسبة من الملف القطري هي ذاتها التي تتواجد في الملفات المختلفة اليمني و السوري و اللبناني مؤخرا وهو العلاقة مع إيران أو – فرص العلاقة معها – وقد بدء الملف القطري بتأزيم مفاجئ تماما كما هي  استقالة الحريري المفاجأة.

برزاني كردستان هو الأخر كان يعيش حالة اريحية فوق مستوى التزامات الدستور العراقي المستحقة له وفجأة دون مقدمات يقرر أن يقدم على خطوة عبثية قفز فيها على رغبات التيارات السياسية المشاركة له في الإقليم و قفز فيها على تحذيرات الجميع عراقيا و دوليا  و ليخلق حالة تأزيم في العراق هي المرادة ما يوحي بصفقة من نوع ما أنهاء بها برزاني تاريخه السياسي تركت للعراق ثغرة يمكن من خلالها فعل شيئ تجاه الملف العراقي و اللاعبون هناك هي أطراف ذات علاقة بقمة الرياض منها من هو حاضر  ومنها الغائب الحاضر وهو الكيان الصهيوني الذي قد يستكمل اللعب في هذا الملف على طريقته ولو بعيدا عن البرزاني .

ما أن اختلقت الأزمة مع قطر إلا وبدء تدوير البرنامج المعد لها وأول إعلان له تم من البحرين ليتبعها باقي الدول الشريكة في فرض التطبيع مع الكيان الصهيوني في المنطقة، و ما أن استقال الحريري واختلقت أزمة حكومية في لبنان حتى بدءت البحرين بخطوات تدوير البرنامج بإعلان منع رعايها من السفر إلى لبنان.

فتح ملف للبنان هو آخر عنقود الملفات المفتوحة في المنطقة – حتى الآن – اعتبارا من نقطة قمة الرياض و استجابة تنفيذية لاستراتيجية ترامب تجاه إيران و ”اذرعها  في المنطقة وما يجمع تلك الملفات – القطري الكردستاني واللبناني – هو خلق أزمات سياسية مفتعلة ومفاجأة ويمكن البناء عليها، و السؤال الباقي هو فقط ماهي صور تدوير البرنامج في لبنان. هل سياخذ سيناريو يشبه سيناريو الملف القطري كتأزيم سياسي و اقتصادي سيرتب على أزمة الحكومة في لبنان التي ”يداوم  رئيسها في الرياض ؟

أم ستاخذ منحى التأزيم الأمني باختلاق مشكلات أمنية تشبه تلك التي تم تجريبها من قبل في بداية تدخل حزب الله في سوريا ؟، أم هناك صور مبتكرة سنشهدها الأيام القادمة ؟.

على كل حال ما يمكن التقرير به الآن أن الملف اللبناني أو بالتحديد ملف حزب الله قد تم تدويره و صور برنامجه ستتكشف مع الأيام و الحماس الأمريكي و السعودي والإماراتي ومن قبلهم الصهيوني  باد لهذا الملف كما هي تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني، ويظل هناك الفشل لهذا الحلف في مختلف الملفات التي تعامل معها في المنطقة في سوريا وفي العراق وفي اليمن وحتى الملف القطري حتى الآن على الأقل، و بالطبع التداخل بين هذه الملفات هو تداخل عميق واستخدام الملف اللبناني للتاثير على النتيجة الثقيلة التي ترتسم في سوريا وفي العراق أمر قائم  وفتح الملف اللبناني لسيناريو أوسع كذلك أمر قائم و المستقبل القريب هو الكفيل بتقديم الإجابات  ورسم الصورة بالكامل.

رأي اليوم.

أضيف بتاريخ :2017/11/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد