التقارير

تقرير خاص: لماذا الإمعان في إهانة #الحريري وفريقه السياسي؟!

 

مالك ضاهر ..
 
تتواصل تداعيات تقديم سعد الدين الحريري استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية بشكل مريب في تسجيل مصور من مكان ما في المملكة السعودية، وما يزال الحريري المستقيل غائبا عن السمع واخباره منقطعة عن العالم الخارجي باستثناء ما تعمدت السلطات السعودية ببثه إلى العلن من صور محدودة جدا يبدو انها رُتبت بشكل خاص بأمر مباشر من صاحب القرار في احتجاز الرجل أي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
 
وبعد عدة أيام على تغييب الحريري بدأت تكثر التحليلات عن أسباب ما يجري وحقيقته وهل فعلا الرجل غائب بفعل الاحتجاز والاعتقال والإقامة الجبرية أم أنه غائب بإرادته المنفردة وبكامل رضاه ورغبته؟ بكل الأحوال بدأت تداعيات الاختفاء المشبوه للحريري تثير ردات فعل على الساحة اللبنانية بشكل عام وأيضا في الساحة السنية التي كان يفترض بالحريري أنه أبرز قياداتها في لبنان بل أن الفريق السياسي له والمتمثل بتيار المستقبل بدأ برفع الصوت للمطالبة بكشف مصيره وعودته سريعا وإلى وطنه بغض النظر عن أسباب الاعتقال وأيا كانت الدوافع التي جعلت ولي العهد السعودي يأمر بتوقيفه، حتى أن البعض تحدث أن الحريري عندما أُخذ إلى الإمارات لزيارة ولي عهد أبوظبي تم "سوقه" إلى هناك مخفورا بواسطة الأمن السعودي، فهل يعقل أن يتم التعاطي مع رئيس حكومة بلد ذات سيادة بهذه الطريقة؟
 
"المستقبل" يرفع الصوت..
 
هذه المجريات وما لفهما من غموض مريب دفع بكتلة "المستقبل" والمكتب السياسي لتيار "المستقبل"، إلى عقد اجتماع مشترك برئاسة فؤاد السنيورة، للبحث في "الأزمة الوطنية التي يمر بها لبنان في غياب الرئيس سعد الحريري"، حيث شددا على أن "عودة الحريري ضرورة لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان، وذلك في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية المتمثلة بالدستور واتفاق الطائف وللاحترام للشرعيتين العربية والدولية"، وأكدا على "الوقوف مع الرئيس سعد الحريري ووراء قيادته قلبا وقالبا، ومواكبته في كل ما يقرره، تحت أي ظرف من الظروف"، هذه اللجهة الجديدة التي يعتمدها فريق الحريري السياسي كرد فعل على الطريقة التي يجري التعاطي بها مع زعيمه، جاءت بعد تمادي السلطات السعودية في "إهانة" الحريري وكل من يؤيده في لبنان وبالأخص الطائفة السنية ومن خلفه كل اللبنانيين الذين أكدوا تضامنهم(عبر مواقفهم وتصرفاتهم) في مطلبهم بضرورة كشف مصير الحريري وعودته باحترام إلى بلده وناسه.
 
كما أن فريق المستقبل ما زال يخشى التصعيد تجاه السلطة السعودية نتيجة الخوف على مصير الحريري وعائلته من قبل من يحتجزهم في المملكة، ناهيك أن الأخبار بدأت بالتسرب أن شروطا قاسية تفرض على رئيس الحكومة المستقيل أبرزها أنه سيتم سحب الزعامة السياسية للسنة في لبنان منه وتسليمها إلى أخيه بهاء الدين الحريري، بعد أن يعتزل سعد السياسة، وتصوير الأمر بهذه الطريقة يثير الاستغراب والدهشة من أن صاحب القرار في السلطة السعودية يعتقد أن الزعامات السياسية(بغض النظر عن الشخص ونجاحاته ومسيرته العملية) لا تشطب أو تنقل بقرار من هنا أو بأمر من هناك بل هي عمل إنساني يحتاج الى تجربة عملية وعلاقات مع الناس لأنه لا يرتبط بفرد بعينه إنما يتعلق باحترام عقول المواطنين وإرادتهم نزولا عند أبسط صور الديمقراطية ولو كانت شكلية، الأمر الذي لا يبدو أن الحاكم الجديد في المملكة يفهم معناه أو يعرفه فعلا وعملا لغيابه بشكل تام عن بلاده وثقافته وفكره.
 
كلام المشنوق.. والأداء السعودي
 
وهنا برز موقف آخر أطلقه وزير الداخلية اللبنانية نهاد المشنوق(وأحد الشخصيات البارزة في تيار الحريري)، حيث قال من "دار الفتوى" بعد زيارته "مفتي الجمهورية اللبنانية" الشيخ عبد اللطيف دريان إن "اللبنانيين ليسوا قطيع غنم ولا قطعة أرض تنتقل ملكيتها من شخص إلى آخر"، وأضاف "السياسة في لبنان تحكمها الانتخابات لا المبايعات"، كما رفض المشنوق الحديث عن نقل "الزعامة الحريرية" إلى بهاء رفيق الحريري، ولفت إلى أن "هذا الكلام دليل على جهل وتخلف بطبيعة لبنان وطبيعة السياسة فيه..".
 
والحقيقة أن كلام المشنوق وضع الأصبع على الجرح لأن من يأخذ القرار في المملكة السعودية لا يفقه شيئا في السياسة سواء في لبنان أو في غيرها والدليل كل الخسائر التي يجنيها في مختلف الملفات التي يخوض بها من اليمن إلى لبنان مرورا بالأزمة مع قطر والعراق بما فيها كردستان وسوريا وخسارة الإرهاب هناك، وغيرها من الملفات اأخرى، وإلا كيف يمكن تفسير خسران وتدمير "الحريرية السياسية" التي عملت السلطة السعودية على تأسيسها ودعمها لسنوات طويلة واليوم يجري القضاء عليها بقرار متسرع غير مفهوم الابعاد والنتائج.

عون يتريث.. ولكن!!

وبالسياق، تحدثت الأوساط الرئاسية اللبنانية أن "لبنان يعتقد أن السلطات السعودية تحتجز الحريري ولهذا السبب ستتم دعوة دول عربية وأجنبية للضغط على الرياض لإعادته"، وأشارت إلى أن
"الرئيس ميشال عون يعتبر أنه لم يتسلم الاستقالة بعد وسعد الحريري ما يزال رئيس حكومتنا"، والرئيس عون يصر على ضرورة إتضاح الصورة حول استقالة الحريري وأسبابها الحقيقة وخلفياتها ولذلك هو تريث باتخاذ أي قرار أو خطوة على صعيد قبول الاستقالة أو البدء بالاستشارات النيابية بهدف تكليف شخصية جديدة لتشكيل الحكومة، وقد أبلغ عون خلال استقباله القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد بخاري أنه "من غير المقبول الطريقة التي حصلت فيها استقالة الرئيس سعد الحريري"، مطالبا "بعودة الرئيس الحريري إلى لبنان".

علما أن كل المؤشرات تدلل أن الحريري معتقل وهذا ما يفسر عدم قدرته على التواصل مع أحد في لبنان سواء من فريقه السياسي أو عائلته أو الرئيس عون نفسه، وهنا المقصود بالتواصل ليس إجراء اتصال عابر وسريع كما لو أن شخصا يتكلم من هاتف في أحد المعتقلات أو السجون السرية، إنما الحديث عن التواصل هو العودة إلى لبنان أو إجراء اتصالات هاتفية مع المعنيين في الدولة اللبنانية للاسهاب في توضيح ما حصل ويحصل معه وهل هو أسير ما يجري في المملكة من اعتقالات لسلسلة من الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال في إطار تصفية حسابات أو التمهيد لوصول محمد بن سلمان لخلافة والده الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز.

أضيف بتاريخ :2017/11/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد