آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خالد الجيوسي
عن الكاتب :
كاتب وصحافي فلسطيني

لماذا يجب على الأردن ألا يُفرط “في المُجاملات” وإنهاء سياسة التعبير عن “التخوّفات” في مُواجهة السعوديّة؟


 خالد الجيوسي

يبدو أن حليف الأردن السعودي، لم يكتفِ “بالطّناش” المُعلن للمُساعدات للخزينة الأردنيّة، بل بدأ فيما يبدو توجيه طعناتٍ في الظهر لحليفه، من خلال تقاربه المُتسارع السرّي والمُعلن مع الكيان الصهيوني، على اعتبار أن الحاجة للمملكة الهاشميّة كوسيط مع تل أبيب، لم تعد ذات أهميّة، وها هي مملكة الحرمين بقيادة أميرها الشاب محمد بن سلمان تتحدّث مُباشرةً مع العدو.

تلعب العربيّة السعوديّة بالنار، وقد تحرق أصابع الأردن هذه المرّة، فلعبها بدأ يتخطّى الخُطوط الحمراء الأردنيّة، فوفق ما كشفه الكاتب البريطاني ديفيد هيرست نقلاً عن مصادر في الديوان الملكي الأردني، فإن السعوديّة ترغب بتقديم تنازلات لتل أبيب على حساب الفلسطينيين، والتنازل عن حق عودتهم، وهو موضوع حسّاس للأردنيين من الضفّة الشرقيّة، وقد يُؤدّي إعطاء المزيد من الحقوق للأردني من أصول فلسطينيّة إلى اضطراباتٍ في الأردن.

السعوديّة، وبحسب المسؤول الأردني في تقرير كتبه هيرست، ونُشر في موقع “ميدل إيست آي”، أن ولي العهد السعودي يتعامل مع الأردن بازدراء ومع السلطة الفلسطينيّة كذلك،  كما لو كانوا عبيداً وهو السيد، وعليهم أتباعه فيما يفعل، كما أنه لا يستشيرهم، ولا يُنصت إليهم.

وفي حال تنازلت الرياض عن حق العودة الفلسطيني، تخشى عمان بحسب المسؤول، على وصايتها ورعايتها للحرم الشريف، من خلال وضع القدس تحت السياسة الدوليّة، كجزء من صفقة سلام في الشرق الأوسط، وكل هذا مُقابل تحالف سعودي- إسرائيلي، لمُواجهة إيران.

ومع كل هذا، يقول المسؤول الأردني، تتعرّض الأردن لضغوط للانضمام إلى الحلف المُعادي لإيران، والأخيرة نجحت في حربها مع نظام الرئيس الأسد، ولها نُفوذها، الذي قد يضع الأردن في مهب رياح الاصطدام معها، والنتائج الوخيمة المُترتّبة على ذلك.

هذه السياسات “المُتهوّرة” التي يقودها الأمير الشاب بن سلمان، لتحقيق طُموحات الوصول إلى العرش، والقضاء على إيران، نعتقد أنه لا يجب أن تمر على حساب الأردنيين، والفلسطينيين، هذا الملف الحسّاس للقضيّة الفلسطينيّة، لا يُعقل أن يأتي “ابن مبارح” ليَفرض على الجميع حُلوله، ويخرج الرابح الوحيد هو وإسرائيل، وفي الأردن وفلسطين من لهم خبرة عتيقة في ملف قضيّة فلسطين، وحُقوق العودة.

أموال السعوديّة وحدها ربّما، من تَضع المسؤولين الأردنيين والفلسطينيين، في مَوضعٍ حَرجْ، ومُجاملات لبن سلمان، وتُعرّضهم لذلك الازدراء في المُعاملة، الذي تحدّث عنه المسؤول، لكن حتى تلك الأموال التي من المَفروض عدم التعويل عليها ورفضها من الأساس، ليست إلا وعود واهية كاذبة، تتمثّل في مشاريع خياليّة (نيوم)، يعلم بها الأردن، شأنه شأن أي صحيفة، أو وسيلة إعلاميّة، ليَخرج ويتحدّث عن تنسيق “عالٍ” بين البلدين.

كأردنيين، وفلسطينيين، لا تعنينا أبداً طُموحات محمد بن سلمان الإقليميّة، وتلك لا يجب أن تتحقّق على حساب أمن وأمان الأردن، وحق عودة الفلسطيني، ولا بُد أن يكون هناك تنسيق عالٍ بين السلطة والأردن، لمُواجهة المشروع السعودي المَشبوه، ونتمنّى على الرئيس محمود عباس تقديم استقالته، إذا كان عاجزاً أمام الأوامر والإملاءات السعوديّة، على الأقل إذا كان غير قادر على المُحاربة، فليَترك دفّة القيادة للشجعان، ولا يكون من رُعاة “صفقة القرن”!

الموقف الأردني، يبدو من حديث المسؤول الذي نقله الكاتب البريطاني، كُلّه خشية وتخوّفات، ويبدو فيما يبدو أن لا خُطط موضوعة، وأوراق يلعبها الأردن، ويلجأ إليها في حال تمادي بن سلمان على حساب الأردنيين والفلسطينيين، للقضاء على إيران.

هذه الجُرأة التي يضرب بها الأمير بن سلمان جبهته الداخليّة والخارجيّة معاً، مبنيّة على قاعدة “يا فرعون مين فرعنك”، والتي لم يجد خلالها من يردعه، وهو أمر ربّما له كامل الحُريّة داخل بلاده لتطبيقه، فهناك شعب له أن يقف بالمرصاد، أما فيما يتعلّق بالجبهة الخارجيّة، فلا نعلم إذا كان الأمير يستطيع اعتقال الجميع على شاكلة الأُمراء في الفندق الشهير، لذلك تنحصر مُواجهته بالخِشية والتخوّفات.

يضرب بن سلمان بفلسطين والأردن عرض الحائط، كُرمى عيون تشكيل تحالف لضرب إيران وذراعها المُقاوم “حزب الله”، والعاقل الطبيعي الذي يخشى على مصالحه، ولا يُفرط بالمُجاملات على حسابها، والحديث عن الأردن، له أن ينضم إلى تحالفٍ مُضاد للسعوديّة، أو على الأقل مُناورة سياسيّة جادّة، تُلوّح بالانضمام إلى الحُضن الإيراني، وهو ما سيكبح جماح بن سلمان، ويَخلط أوراقه، هذا بالإضافة إذا ما أعلن الأردن احتضانه للمُقاومة، وفتح أبواب عاصمته لكوادرها، وضَمِن لها تسهيلاتٍ سريّة، وأُخرى علنيّة، وهي ضربة مُوجعة كذلك للعدو الصهيوني، الذي لم يحترم اتفاقيّة السلام معه، ولن يُحاكم قاتل الأردنيين في حادثة السفارة الشهيرة.

نختم بالقول أن إيران “صاحبة الهلال الشيعي” الذي يخشاه الأردن كما يقول، لن تُشكّل خطراً على الوصاية الأردنيّة على المُقدسات، ولا تطمع مُشاركته فيها، كما أن الجمهورية الإسلاميّة، تحرص على المصالح الفلسطينيّة، ودعمها للمُقاومة ضد العدو الصهيوني واحد من أسباب ذلك الحرص، كما أن لن تتنازل عن حق عودة الفلسطيني إلى دياره، ودائماً ما بشّرتنا بنهاية هذا الكيان، الذي تُعتبر هي التهديد الوجودي الوحيد لبقائه، وحده الأردن سيكون الخاسر، إذا بقي يُعبّر دون أفعال عن تخوّفاته، لأن فلسطين ستكون ضمن معركة إيران، لو اندلعت حرب بن سلمان!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/11/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد