آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد النوباني
عن الكاتب :
كاتب سعودي

بعد أن تهاوت قوى التضليل المذهبي والطائفي على أبواب القدس شعبية السيد حسن نصر الله تتصدر المشهد الفلسطيني


محمد النوباني

قبل اندلاع الحرب في سوريا وعلى سوريا عام 2011 وتدخل حزب الله اللبناني فيها لمنع سقوط الدولة السورية في يد العصابات التكفيرية المدعومة من قبل أمريكا وإسرائيل ونظم الرجعية العربية ، كانت شعبية حزب الله اللبناني بقيادة أمينه العام، السيد حسن نصر الله في فلسطين المحتلة كاسحة في أوساط الجماهير الشعبية الواسعة التي رأت في تجربته الكفاحية ضد الاحتلال الإسرائيلي وتحريره لجنوب لبنان عام 2000، وفي انتصاره على إسرائيل في حرب 2006  دليلا ساطعا على إمكانية إلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي الذي كان يوصف بأنه لا يقهر دحضا بذلك  أكاذيب النظام الرسمي العربي عن استحالة محاربة إسرائيل والانتصار عليها بسبب قوتها العسكرية الهائلة ودعم الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لها  ولذلك لا بديل عن طريق وخيار المفاوضات لاستعادة ما يمكن استعادته من الحقوق .

ولكن وبفعل ماكينة التضليل الإعلامي الهائلة والتحريض الموجه على مدار الساعة ، تسنى لتلك القوى المعادية أن تستغل دور حزب الله المشرف في منع إسقاط الدولة السورية وحماية لبنان من مصير مظلم كان يتهدده فيما لو تسنى للعصابات التكفيرية السيطرة على لبنان، لتضليل قطاعات لا يستهان بها من الرأي العام العربي والفلسطيني وإيهامها بان ما قام به الحزب ليس دفاعا عن العروبة والقضية الفلسطينية وإنما من أجل محاربة أهل السنة والجماعة ونشر التشيع وغير ذلك من الأكاذيب المذهبية والطائفية .

ولكن بعد الانتصارات الإستراتيجية التي أحرزها محور المقاومة في سوريا و العراق وفشل مؤامرة إسقاط لبنان في أتون فتنة طائفية ومذهبية في أعقاب احتجاز سعد الحريري في الرياض وأخيرا وليس آخرا صدور قرار ترامب في السادس من الشهر الجاري باعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها ، واتضاح الصورة أمام الجماهير الفلسطينية والعربية ، بأن حزب الله وإيران الذين ساهما مساهمة فعالة في تحقيق تلك  الانتصارات هما في مقدمة وطليعة المؤيدين والمدافعين عن القدس والقضية الفلسطينية وخاضا تلك الحرب من أجلها في المقام الأول في حين أن الدول والقوى التي ناصبتهما العداء  هي في مقدمة المعادين لها والمنخرطين في المؤامرة الأمريكية – الإسرائيلية من أجل تصفيتها بدليل أن ترامب ،ومن خلفه الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية ، لم يكن ليجرأ على اتخاذ قراره الخطير حول القدس دون أن ينسق معهم ويضمن تأييدهم لقراره ، كما كشفت عن ذلك الصحف الأمريكية عندما قالت بوضوح أن ولي العهد السعودي أعطى موافقة لترامب بأن تكون بلدة أبو ديس الفلسطينية المحتلة عاصمة للفلسطينيين بديلا عن القدس .

ولأن الشعب الفلسطيني رأى بأم الأعين بأن حزب الله يقف في مقدمة القوى العربية المدافعة عن قضية فلسطين بشكل عام وقضية عروبة وإسلامية القدس بشكل خاص فقد كان من البديهي أن يقابل هذا الموقف المبدئي الثابت للحزب بعرفان كبير بالجميل ويرى في مواقف أمينه العام السيد حسن نصر الله بوصلة للمواقف التي يجب اتخاذها لإسقاط وعد ترامب الذي هو أخطر من وعد بلفور بحيث بات الفلسطينيون يتحلقون حول شاشات التلفاز ، كما كانوا يفعلون أيام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ، انتظارا لما سيقوله السيد في إطلالاته ويستمعوا لتحليلاته العميقة للوضع السياسي والمآلات المتوقعة للأحداث في فلسطين والمنطقة .

وللدلالة على ذالك ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فقد أقدم بعض المصلين يوم الجمعة الماضي ، في مدينة طولكرم الفلسطينية المحتلة،على إنزال خطيب المسجد، من على المنبر لأنه هاجم حزب الله وإيران ، ولم ينبس بينه شفة عن تواطؤ آل سعود وحلفائهم مع أمريكا وإسرائيل إزاء قضية القدس .

وقد أعاد هذا المشهد إلى الأذهان ما فعله طلاب جامعة بير زيت الفلسطينية في 27/2/2000 عندما قاموا بقذف رئيس الوزراء الفرنسي “ليونيل جوسبان” آنذاك ، بالأحذية والبندورة والبيض لأنه تجرأ بالهجوم على حزب الله والسيد حسن نصر الله ، ووصف العمليات التي يقوم بها الحزب ضد الجيش الإسرائيلي بالإرهابية ، مرددين شعارات : منها” من بيرزيت إلى بيروت شعب واحد لا يموت ”  ونحن لسنا إرهابيين حضرة رئيس الوزراء ، و” المقاومون اللبنانيون ليسوا إرهابيين ، الإرهابيون الحقيقيون هم الذين يقتلون أطفالنا يوميا ” .

ولأن الرؤية قد اتضحت أمام الجمهور الفلسطيني بأن السعودية تقف في طليعة القوى المتآمرة على فلسطين وشعبها فقد صدحت حناجر المتظاهرين الفلسطينيين في رام الله وغيرها من مدن الضفة وغزة والقدس بهتافات غير مسبوقة منددة بآل سعود ودورهم التآمري على فلسطين منذ وعد بلفور إلى وعد ترامب ، وإلى جانب ذلك ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات من قبل مثقفين فلسطينيين لمقاطعة موسم الحج والعمرة طالما أن آل سعود في الحكم على اعتبار أن السياحة الدينية تدر على الخزينة السعودية مليارات الدولارات سنويا تدفع لترامب أو لشراء سلاح لا هدف له سوى قتل أطفال اليمن ومحاربة قوى المقاومة العربية خدمة لأمريكا وإسرائيل .

بهذا المعنى فأنه يمكننا أن نقول لترامب الأحمق شكرا ، لأنه بقراره حول القدس ، أنهى أية إمكانية للدول والقوى العربية الرجعية التي تآمرت على فلسطين وباعتها ، للصهاينة للاستمرار في لعبة تضليل الجماهير تحت حجج وذرائع انتظار الفرج من أمريكا .

فمن واشنطن لا يأتي غير الموت والدمار ومشاريع التصفية للقضية الفلسطينية التي أعادها ترامب ، من حيث لا يدري ، قضية مركزية للشعوب العربية والإسلامية ولكل أحرار العالم ، وبالتالي فأن من هو مع أمريكا وإسرائيل هو ضد فلسطين بالضرورة ، ومن هو ضدهما هو مع فلسطين وشعبها بالضرورة .

بقي القول أن السيد حسن نصر الله الذي ردد في خطابه التاريخي الأخير أمام مشاركين في المسيرة الضخمة التي خرجت في ضاحية بيروت الجنوبية يوم الاثنين الماضي ضد قرار ترامب حول القدس مقولة الشهيد ياسر عرفات ” على القدس رايحين شهداء بالملايين ” كان يعبر في ذلك عن مشاعر وأحاسيس كل الفلسطينيين وهذا ما عبر عنه عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عندما قال في معرض تعقيبه على الخطاب بقوله ”  لن نخذلك يا أبا عبد الله”  الأمر الذي يعتبر فشلا جديدا للسعودية بعد فشلها في العراق وسوريا ولبنان واليمن .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/12/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد