آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد صادق الحسيني
عن الكاتب :
كاتب وباحث إيراني

مواجهة أميركية إيرانية محتملة وواشنطن تطلب مساعدة تل أبيب لتصفية سليماني...!

 

محمد صادق الحسيني

صحيح أنّ واشنطن والرياض وتل أبيب خسرت في الأيام القليلة الماضية جولة جديدة ضدّ طهران وتجرّعت كأس السمّ على أسوار عاصمة السيادة والريادة لمحور المقاومة، لكنها لم تخسر الحرب بعد…!

فرغم سقوط مؤامرة الصدمة ونظريتي أحجار الدومينو ونقل المعركة ضدّ إدارة الجمهورية الإسلامية إلى الداخل، إلا أنّ المعلومات تفيد بأنّ مثلث العدوان الصهيو أميركي السعودي، ليس فقط لم يرفع أيديه عن طهران وحكم الثورة الإسلامية فيها، بل إنه يتجه لتفعيل سيناريوات جديدة ضدّها سيكون بطلها هذه المرّة ليس دي أندريا أو أمير الظلام الشهير، وإنما ضابط الاستخبارات المختبئ في الكواليس، لكنه المجرّب في أكثر من عاصمة وحاضرة آسيوية، إنه ضابط الاستخبارات العسكرية اندرو لويس بيك!

وإليكم القصة كما هي:

لم يكن التأييد الفوري والعلني والقوي والمباشر والمستمرّ رغم انحسار حوادث الشغب، من الرئيس الأميركي ودوائر قوى الضغط اليهودية في الولايات المتحدة ولا ذلك التأييد من قبل رئيس الوزراء «الإسرائيلي» وأذنابهما من آل سعود، لأعمال الفوضى والعنف وقتل الأبرياء الذي مارسته عناصر داعشية وعميلة للقوى الصهيوأميركية لا غريباً ولا مفاجئاً ولا عفوياً على الإطلاق.

وحتى نعرف السبب المباشر علينا العودة قليلاً إلى الوراء لنعرف أن سياق العداء الأميركي له مقدّمات مهمة لا بد من التوقف عندها وتبيانها للرأي العام الإيراني والعربي..!

فقد سبق ذلك، كما يعلم الجميع العديد من الخطوات العدائية التي اتخذتها إدارة ترامب ضد الجمهورية الإسلامية في إيران والتي كان من بينها امتناع الرئيس الأميركي عن المصادقة على الاتفاق النووي مع إيران في شهر تشرين الأول الماضي.

وفِي إطار الاستعدادات لإشاعة الفوضى وخلق الظروف المناسبة لتبرير تدخل عسكري أميركي في إيران لاحقاً قام الرئيس الأميركي بتعيين ضابط الاستخبارات العسكرية السابق، أندرو لويس بيك Andrew Lewis peek نائباً لمساعد وزير الخارجية لشؤون إيران والعراق يوم 6/12/2017.

وقد عمد ترامب تعيينه برتبة نائب مساعد وزير الخارجية، وليس بمرتبة مساعد وزير الخارجية…، لتلافي بعض التعقيدات البيروقراطية. إذ إن مرتبة نائب مساعد الوزير لا تتطلّب إصدار مرسوم رئاسي أو موافقة من مجلس الشيوخ. وعليه فإن تمرير التعيين يصبح مضموناً وبسهولة متناهية.

علما أن ضابط الاستخبارات السابق، أندرو بيك Andrew Peek قد حلّ محلّ كلٍّ من:

كريس باكماير Chris Backmeyer الذي كان يشغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون إيران كانت دائرة إيران دائرة قائمة بذاتها ومنفصلة عن دائرة العراق حتى تعيين بيك Peek .

جوزيف بينينغتون Joseph Pennington مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق.

مما يعني سيطرة أندرو بيك على سياسات وزارة الخارجية المتعلقة بكل من العراق وإيران ووضع هذه الدائرة في خدمة الدوائر الأكثر عدوانية تجاه إيران وحلف المقاومة في إدارة ترامب. وما الدليل على ذلك إلا غياب أي موقف لوزير الخارجية الأميركية بشأن أعمال الشغب التي حدثت في إيران واقتصار مصدر الضجيج الأميركي على الرئيس ترامب، من خلال تأثير صهره جاريد كوشنير عليه، والذي هو أداة كوشنير في أيدي الصهيوني العريق دينيس روس، الذي شغل منصب مبعوث الولايات المتحدة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط والمدير الحالي لمركز سابان في واشنطن، وكذلك الأمر بالنسبة لسفيرة واشنطن في الأمم المتحدة والتي وصلت إلى هذا المركز بترشيح ودعم من الدوائر نفسها المشار إليها أعلاه.

وقد سبق تعيينه في هذا المنصب قيامه، برفقة جاريد كوشنير صهر ترامب بزيارة غير معلنة الى السعودية يوم 25/10/2017، في رحلة طيران تجارية أميركية، استمرت أربعة أيّام. وقد اجتمع في الرياض مع محمد بن سلمان واتفق معه على العديد من تفاصيل تمويل وتشغيل غرفتي العمليات، في كل من هرات في أفغانستان وأربيل في محافظة أربيل العراقية، التي تسيطر عليها بيشمرغة مسعود البرزاني، في شمال العراق. هاتان الغرفتان المتخصصتان في إدارة عمليات القتل والتخريب في جمهورية إيران الإسلامية. وذلك ما حصل في الأيام الأخيرة من العام الماضي والأيام الأولى من عام 2018.

ومن الجدير بالذكر أن خطوة تعيينه قد أثارت موجة ارتياح في أوساط القوى المتطرفة في الولايات المتحدة والتي هي أكثر عداء لإيران كالشخصية اليهودية ايليوت أبرامز Elliot Abrams . وهو من عتاة المحافظين الجدد، والذي قال معلقاً على تعيين بيك Peek :

«إنني أعرفه أندرو بيك منذ سنوات وأرى فيه أحد قدماء المحاربين في العراق وأفغانستان. وهو الذي يتمتع بتجربة دولية نادرة وبمؤهلات أكاديمية وثقافية. وهو يمثل اختياراً رائعاً ومدهشاً لمثل هذه الوظيفة».

فما هي تلك الخبرة والمؤهلات التي يتحدّث عنها ايليوت أبرامز؟ وما هي إنجازاته على أكثر من صعيد قبل أن يتولى هذا المنصب في وزارة الخارجية؟

حاصل على شهادة البكالوريوس من جامعة برنستون Princeton وشهادة الماجستير من جامعة هارفاد Harvard.

عمل مستشاراً لشؤون الأمن القومي لدى اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في الفترة من شهر آب 2007 حتى شهر آب 2011. وقد قام بوضع نصوص قوانين العقوبات ضد كل من: إيران / سورية / لبنان / التبت / والتي ناقشها الكونغرس في دورته العاشرة بعد المئة بين سنوات 2007-2009، وأقرت في الدورة الحادية عشرة بعد المئة بين السنوات 2009-2011.

ترأس لجنة مجلس الشيوخ المختصة بوضع السياسات الأميركية تجاه الصين.

عمل مستشاراً استراتيجياً لقائد القوات الأميركية في أفغانستان في الفترة بين 8/2011 وشهر 8/2012 إلى جانب توليه الوظيفة نفسها لدى قائد قوات الناتو في أفغانستان وفِي الفترة نفسها.

عمل كضابط استخبارات عسكرية في قوات العمليات الخاصة الأميركية بين شهر 11/2008 وحتى شهر 5/2016.

هو واضع «نظرية» محمد بن سلمان حول ضرورة نقل المعركة الى داخل عمق «العدو»، أي إيران. فقد كتب بتاريخ 16/3/2016 مقالاً نشرته مجلة «فورين أفيرز»Foreign Affaires الأميركية يقول فيه إنّ السعودية بحاجة إلى أزمة كبرى مع إيران من أجل ترميم مكانتها التي تزداد تآكلاً بسبب تخاذل الولايات المتحدة عن دعم السعودية في مواجهة إيران التي تواصل توسيع نفوذها في الدول العربية من دون رادع…!

تؤكد المصادر المتابعة لهذا التعيين بأنّ واشنطن وإرضاء لجموح الملك المرتقب للتنصيب تخطط لعمليات اغتيال لشخصيات إيرانية من الوزن الثقيل على رأسهم الحاج قاسم سليماني وعدد من مساعديه العاملين في كلّ من سورية والعراق…

المصادر المذكورة تقول بأنّ واشنطن والرياض طلبتا لهذا الغرض من «الإسرائيليين» أن يمدّوا يد المساعدة لهما بهذا الخصوص باعتبارهم الأقرب إلى الساحة السورية والمنخرطين فيها تخصيصاً!

وتضيف المصادر بأنّ ثمة شخصية ميدانية قوية تعتبر من أعمدة قوة القدس في سورية تتمّ حالياً مراقبتها بدقة لإيقاعها في مصيدة «الموساد» و»سي أي آي»، على غرار ما فعلوه بالقائد الكبير الحاج عماد مغنية /الحاج رضوان/!

وانطلاقاً من هذه النقطة قد يتوسّعون بعيداً باتجاه الساحة العراقية، لكن ستظل طهران هي الجائزة الكبرى التي سيضعونها تحت العين الاستخبارية للمثلث المذكور على الدوام!

في المقابل، فإنّ معلومات مصادرنا تؤكد بأنّ العين الإيرانية ومعها عيون حلفائها أكثر من مستيقظة وأكثر من متنبّهة، بل هي محدقة باستمرار باتجاه كافة دوائر العدوان وفي مقدّمها دوائر العدو الأساس والذي لن تغفل عنه لحظة واحدة حتى تحين ساعة المنازلة الكبرى التي قد تتدحرج إليها أميركا وربيبتها «إسرائيل» لمجرد قيامهما بخطوة حمقاء من هذا القبيل وبهذا الوزن…!

وقتها ستظهر قواعد اشتباك جديدة، كما تعتقد مصادرنا، قواعد أبعد من العين بالعين والبادئ أظلم، ما يشي باحتمالية اقتراب لحظة العبور إلى الجليل وما بعد بعد الجليل والجولان وما بعد بعد الجولان…!

فهل سيتحمّل الأميركي «المهاجر» إلى أقصى الشرق مثل هذه القواعد الجديدة..!؟

ننتظر ونرى إذا كانت واشنطن مستعدّة لخسارة أسطولها الأهمّ والأخطر في تاريخها الإمبراطوري أي القاعدة الأميركية على اليابسة الفلسطينية كرمى عيون الدبّ ما تبقى من آل سعود!؟

بعدنا طيبين قولوا الله…

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2018/01/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد