التقارير

تقرير خاص: نقل الوليد لـ #الحائر.. وبداية معالم الاشتباك داخل الأسرة الملكية الحاكمة


مالك ضاهر ..

تفاعلت بشكل كبير مسألة اعتقال السلطة السعودية للأمراء من العائلة الحاكمة في البلاد لا سيما بعد الأنباء عن نقل الأمير الوليد بن طلال إلى سجن الحائر بعد فشل المفاوضات حول انجاز الصفقة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والتي من الممكن أن تعيد الوليد إلى الحرية من جديد، لكن المعلومات أكدت أن المفاوضات لم تنتهي وإن كانت خطوة النقل إلى السجن تحمل في طياتها دلالات غير ايجابية على قرب حل الموضوع أو إمكانية خروجه قريبا من المعتقل.
 
وتأتي خطوة حبس ابن طلال في سجن الحائر بعد اعتقال السلطة السعودية لمجموعة من الأمراء وإيداعهم نفس السجن الذي يعرف عنه أنه يضم سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين بالإضافة إلى السجناء المحكومين بتهم إرهابية وغيرها مماتعتبره السلطة خطرا بحسب وجهة نظرها، ما يعني أن نزلاء هذا السجن هم برأي السلطة السعودية من المجرمين أو المتهمين من الصف الأول إجراما أو خطرا على البلاد وعليها بشكل أساسي، وفقا لمعيار إيداع السجناء بهذا السجن.
 
الوليد إلى الحائر.. لماذا؟

وهنا يمكن فتح باب التساؤلات الكثيرة، هل باتت السلطة السعودية تعتقد أن هناك أشخاصا من العائلة السعودية على درجة كبيرة من الخطورة عليها؟ وهل في هذه العائلة من يشكل خطرا على الحكم القائم فعلا أو بينهم من المجرمين من هو على درجة عالية من الخطورة بنظر ولي العهد السعودي؟ وصحيح أن إيداع الأمراء الـ11 في سجن الحائر تضاربت الأنباء عن أسبابه، إلا أن المعلومات المتقاطعة تؤكد أن السبب هو سياسي بامتياز لأنهم احتجوا وتظاهروا ضد الملك سلمان وابنه ولي العهد، فالأمر إذن مفهوم بالنسبة لهؤلاء الأمراء من العائلة السعودية، لكن ماذا فعل الوليد بن طلال حتى يرحل إلى سجن الحائر؟ وهل الموضوع فقط له علاقة بمسألة "محاربة الفساد" والحصول أمواله كما جرى بخصوص باقي المعتقلين من الأمراء ورجال الأعمال في فندق "ريتز كالتون" أم أن الأمر أكبر وأبعد من ذلك بالنسبة لابن طلال؟ وهل الموضوع بات مسألة شخصية بين ابن طلال وابن عمه ولي العهد السعودي ويتخذ طابع الانتقام وتأديب كل من تسول له نفسه من الأمراء لمعارضة أوامر الملك وتطلعات ولي عهده؟ وهل الإطاحة بأشخاص من مستوى الوليد سيمر مرور الكرام دون ردات فعل داخل وخارج العائلة السعودية وداخل وخارج المملكة؟
 
الأكيد أن ولي العهد السعودي محمد سلمان ووفقا لمخطط معد مسبقا عمل على الانتقام والإطاحة بأسماء عديدة وقوية سعوديا سواء من أبناء عمومته أو من الحاشية والأزلام المحيطين بهم، والقضية لم تبدأ بقصة الإطاحة بولي العهد السعودي الأسبق محمد بن نايف الذي كان أحد أكبر وأبرز وأول الرؤوس الكبيرة التي تدحرجت أمام طموح محمد بن سلمان، تبعه بعد ذلك عدة وجوه من السياسيين والإعلاميين الذين يحسبوا على بن نايف ثم اعتقال سلسلة من المشايخ والدعاة وصولا لاعتقال ما يزيد عن 200 من الأمراء منهم من كان يوصفون بالأقوياء لا سيما أبناء الملك الراحل عبد الله وبالتحديد ابنه الأمير متعب، بالإضافة إلى كبار رجال الأعمال في المملكة بينهم أعمدة في الإعلام السعودي، ما وصف أنه عملية تطهير وتمهيد شاملة يجريها محمد بن سلمان قبيل وصوله لخلافة والد في قيادة المملكة.


محمد بن سلمان.. ورحلة إزالة العوائق

وبحسب مصادر مطلعة على الشأن السعودي فإن "المتتبع لخطوات محمد بن سلمان يجد أنه انتقم وأزاح كل من تشير التقديرات أنه قد يشكل خطرا عليه مستقبلا في وصوله لخلافة والده أو من يعارض هذا الأمر وينتقد الممارسات التي تقوم بها السلطة بشكل عام في المملكة وما يقوم به محمد بن سلمان بشكل خاص"، ولفتت المصادر إلى أن " محمد بن سلمان ينتقم من الوليد بن طلال لأنه يمثل وجها اقتصاديا عالميا وليست فقط على الساحة السعودية وهو قوي بشكل كبير ولديه سلسلة من العلاقات التي تصل إلى كثير من دول العالم لذلك سعى إلى إضعافه وضربه كي لا يشكل مخاطر عليه وعلى مستقبله في العالم، لا سيما عندما تمرد وهو داخل السجن في فندق كارلتون"، وتابعت "من تمرد وهو داخل السجن قد يتسبب بفضيحة كبرى تودي بمحمد بن سلمان لو خرج إلى الإعلام والصحافة العالمية وأخبر رؤساء وجهات دولية بكل ما جرى"، وذكّرت "بمقتل منصور بن مقرن مع عدد من المسؤولين في حادثة سقوط طائرة بظروف غامضة في منطقة عسير".
 
والحقيقة أن الوليد بن طلال كان يرى كل الأخطاء التي ترتكب في المملكة ويلتزم الصمت باعتبار أن مصالحه محمية وأنه جزء من المنظومة السعودية ولكن اليوم بعد كل ما حصل فالرجل من المرجح أنه لن يسكت فيما لو خرج إلى الحرية أو وصل إلى مطلبه بإجراء محاكمات قضائية شفافة وعلنية بمشاركة عالمية ودولية"، ورأت أن "الرجل وقتها قد يسير على درب والده الذي طالما انتقد الأخطاء التي ترتكب في المملكة لا سيما بخصوص الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والحريات".
 
كل ذلك قد يزيد من ترجيحات بأن تعمد السلطة السعودية على منع خروج بن طلال إلى الحرية خوفا على مصالحها ووضعها وسمعتها التي تمس الآن مباشرة سمعة ولي العهد محمد بن سلمان، والصورة السعودية دوليا وداخليا لا تحتمل مزيدا من التهشيم فيما لو خرج الوليد وبق البحصة حول ما حصل معه، اللهم إلا إذا كان هناك من مخارج وسيناريوهات ترسم لإخراج جيد للقضية بدعم وغطاء دولي يحفظ مصالح الجميع كما جرى مثلا مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحريري الذي احتجز لفترة في المملكة ومن ثم أطلق سراحه.

الممارسات الخاطئة وصراع التيارات في العائلة السعودية

الواضح أن عدم حصول تحركات رادعة للأخطاء التي ترتكب في الداخل السعودي جعلت من يصدر القرارات يتمادى أكثر فأكثر في ممارساته، حتى وصل الأمر إلى ما عليه الآن في المملكة وبتنا نسمع بأسماء تعتقل وتنتهك حقوقها وتسجن بشكل عادي، بينما من كان يتصور حصول ذلك من قبل، والحقيقة أن عدم وجود ردات فعل حقيقية أو وجود معارضات جادة توقف ولي العهد السعودي عند حدود ستجعله يتمادى أكثر ويصل إلى الإطاحة بأشخاص وجهات كان يعتقد أنها أقوى وأصلب من الوليد بن طلال.
 
لذلك ترى المصادر المطلعة أن "الأمور وصلت إلى حدود ما عادت تقبل معها ممارسات ولي العهد وقد نرى في قادم الأيام ردات فعل أقوى وأكثر من مجرد احتجاجات كما حصل مع الأمراء الـ11 أو الرسالة المتفجرة التي وقعت على باب قصر اليمامة في جدة"، وأوضحت أن "ولي العهد السعودي يؤسس لاشتباك طويل الأمد وعميق جدا بين أبناء العائلة السعودية نفسها وتنذر بتكوين تيارات بداخلها بما لا يحمد عقباه على العائلة نفسها وعلى البلاد ككل"، وأكدت أن "من يتحمل مسؤولية ذلك هو ولي العهد نفسه وبالتأكيد الملك سلمان الذي لا يتدخل لوقف هذا النزف الخطير الحاصل في العائلة السعودية باعتباره اليوم هو رأس السلطة والعائلة".

أضيف بتاريخ :2018/01/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد