آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

هل ينجح ترامب في دفع إيران باتجاه إنتاج القنبلة النووية؟


صالح السيد باقر

في مقال سابق أشرت إلى أن أحد الأسباب التي أرغمت الإدارة الأميركية على التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي والتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن هو، أن طهران قامت برفع درجة تخصيب اليورانيوم من 5 بالمئة إلى 20 بالمئة، مما وجه رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها، أن طهران القادرة على رفع درجة تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمئة فأنها قادرة أيضا على رفع درجة التخصيب إلى 100 بالمئة الأمر الذي يتيح لإيران إنتاج القنبلة النووية.

إذن، من الناحية التقنية والفنية ليس لدى إيران أية مشكلة في إنتاج القنبلة النووية، ومع الأخذ بنظر الاعتبار أنها تقوم في الوقت الراهن بصناعة صواريخ متعددة المديات والوقود فأن غاية ما تقوم به هو صناعة صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية ومن ثم إنتاج القنبلة، ولكن السؤال المطروح هو، هل ستلجأ إلى إنتاجها؟

قبل أن نجيب على السؤال علينا أن نتعرف على الأسباب التي ربما تدفع إيران إلى إنتاج القنبلة النووية.

ولكن قبل ذلك، فأن إنتاج إيران للقنبلة النووية أو حتى توجه طهران لصناعتها، هي حاجة أميركية إسرائيلية وبعض دول المنطقة والعالم، رغم إعلانها أنها لا تسمح لإيران بامتلاك وإنتاج القنبلة النووية، فهذه البلدان تتمنى أن تتوجه إيران ولو بخطوة واحدة نحو إنتاجها فما بالكم إنتاجها بالكامل، وطبعا تختلف أسباب ودواعي وأهداف كل دولة عن الأخرى بشأن امتلاك إيران للقنبلة النووية، إلا أن العنصر المشترك الذي يجمعها هو أنها تعتقد أن امتلاك إيران لها سيكون عاملا رئيسيا للإجماع والتحالف الدولي ضد إيران.

تختلف الأهداف من المساعي لإيجاد إجماع دولي ضد إيران باختلاف الدول والجماعات، فهناك من يدعو إلى الإطاحة بالنظام الإيراني ورحيله، وهناك من يريد استخدام الإجماع الدولي لمجرد ممارسة الضغط وإرغام طهران على التراجع عن مواقفها، وهناك من يقوم بتهويل الملف الإيراني ليبتز دولا أخرى، من جانب آخر فـأن توجهات الدول في ممارسة الضغط على طهران تختلف من دولة لأخرى، فالبعض يدعو إلى الذهاب إلى أبعد مديات الضغط بما في ذلك شن الحرب ضد إيران، وهناك من يدعو إلى فرض الحظر الاقتصادي، وهناك من يدعو إلى المقاطعة الدبلوماسية ورفض عزلة دولية ضد إيران.

يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصل إلى قناعة بأن القفز على الاتفاق النووي وإلغائه لن يحقق الإجماع الدولي الذي يسعى لتحقيقه من أجل القيام بالخطوة التالية ضد إيران، لذلك التف على الموضوع وبدأ يثير قضيتين أخرتين هما القدرات الصاروخية الإيرانية والنفوذ الإيراني في المنطقة.

إثارة بعض الدول لموضوع الصواريخ والنفوذ الإيراني في المنطقة في مباحثاتها مع المسؤولين الإيرانيين يشير إلى أن مساعي ترامب بدأت تثمر، غير أنه تفصلنا مسافة طويلة من مجرد إثارة الموضوع وحتى الاصطفاف الكامل مع واشنطن في سياساتها ضد إيران، إذ ليس كل ما يساور واشنطن يساور دول العالم برمتها.

إن مجرد طرح هذه القضايا مع المسؤولين الإيرانيين رغم وجود الاتفاق النووي وكذلك تباطؤ الغرب في الانفتاح الكامل مع طهران خاصة على الصعيد الاقتصادي، يشير إلى أن هذه المسافة يمكن أن تتقلص وتتحول دول العالم إلى داعم رئيسي لترامب في سياسته ضد إيران.

نعود إلى سؤالنا، وهو في حال نجاح ترامب في تشكيل التحالف الدولي ضد إيران وبلوغ التهديدات ذروتها وتزايد احتمالات اندلاع الحرب ضد إيران، فهل ستسعى طهران إلى صناعة القنبلة النووية؟

 أول ما يمنع لجوء طهران إلى صناعة القنبلة النووية هو الفتوى التي أصدرها قائد الثورة الإسلامية ومنع فيها امتلاك وصناعة واستخدام الأسلحة النووية، فما لم يغير آية الله السيد علي خامنئي الفتوى فأنه من المستحيل أن تقدم المنشآت العسكرية الإيرانية على صناعة القنبلة النووية.

كما أن طهران تدرك جيدا أن صناعة القنبلة النووية ستكون أقوى ذريعة يستخدمها ترامب في تأليب العالم ضدها وبالتالي ليس من الحكمة أن تقدم على أية خطوة تكون سببا ربما في نشوب الحرب ضدها.

وأيضا فأن السياسة التي انتهجتها حكومة الرئيس روحاني هي حل المشاكل عبر الطرق الدبلوماسية، وقد تكللت جهودها الدبلوماسية عن الاتفاق النووي، لذلك فأنه من المستبعد تغيير هذا النهج لأكثر من 3 سنوات وهي الفترة المتبقية من عمر حكومة روحاني.

الجانب المغيب في المساعي الأميركية بتكثيف الضغوط على إيران هو خيارات طهران في مواجهة هذه الضغوط، فمن المؤكد أن قوة إيران لا تقتصر على قدراتها العسكرية والصاروخية ودبلوماسيتها النشطة وإنما تمتلك إيران العديد من الأوراق التي يمكن أن تستخدمها ضد الضغوط التي تواجهها، ولعل وجود أصدقاء وأنصار لإيران في كافة أنحاء العالم إحدى هذه الأوراق.

البرلمان الإيراني صادق في الثالث عشر من آب/أغسطس الماضي على قانون التصدي للمشاكل التي تثيرها أميركا ضد إيران، وكلف وزارات الخارجية والدفاع والأمن وقوات حرس الثورة الإسلامية وفيلق القدس والجيش الإيراني بتقديم تقرير سنوي حول ردهم على الخطوات الأميركية، وبالتالي فأن أميركا ستدفع ثمن أية خطوة معادية لإيران.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/01/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد