آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فهد الأحمدي
عن الكاتب :
كاتب سعودي

هل هناك حكومة خفية تحكم العالم؟


فهد عامر الأحمدي

من الكتب الدسمة التي قرأتها في مطلع حياتي كتاب "حكومة العالم الخفية" للمؤرخ شيرب سبيريدوفيتش.. وهو كتاب مربك ومحير يجمع بين نظرية المؤامرة (التي يصعب تصديقها من جهة)، وتقديم أدلة ووقائع تاريخية (لا يمكن إنكارها من جهة أخرى)..

كتاب يؤكد فيه المؤلف وجود حكومة خفية تديرها العائلات المصرفية اليهودية الكبرى، المسؤولة حسب قوله عما يُعرف ببروتوكولات حكماء صهيون..

ورغم أنني لم أصدق كل ما ذكره الكتاب أعود لتذكره كلما قرأت شيئا عن سطوة المنظمات الأممية بمختلف أشكالها الرسمية.. أتذكر ادعاءات شيرب كلما فرضت المنظمات العالمية سياساتها وشروطها القاسية على حكومات العالم الإقليمية.. فحتى إن استبعدنا وجود حكومة عالمية خفية (بالشكل التقليدي للحكومات) لا يمكننا تجاهل دور الصندوق الدولي، ومنظمة التجارة الدولية، والشركات متعددة الجنسيات، والاتحادات والأحزاب العالمية، التي تملك تأثيرا قويا وغير مباشر على مقدرات الأمم والشعوب (ناهيك عن منظمة الأمم المتحدة التي تديرها فعليا الدول الدائمة العضوية فقط)..

أضف لذلك هناك مؤتمرات ومنظمات عالمية غامضة (وخفية بمعنى الكلمة) لا يعلم أحد أهدافها أو الغرض من وجودها.. ابحث في النت عن منظمة تدعى بيلدربيرج تضم أكثر من 140 شخصية سياسية واقتصادية عالمية لا يعرف أحد الغرض من اجتماعاتهم السنوية.. فهي تمنع أي تغطية إعلامية، ولا يُعرف شيء عن المواضيع التي تناقشها، ولا تنشر شيئا عن نتائج الاجتماعات التي تعقدها، وتحظى اجتماعاتها بقدر هائل من الحماية والسرية.. كل ما يعرف عن بيلدربيرج أنها تقام بالتناوب بين أميركا وأوروبا - بنسبة الثلث للأولى والثلثين للثانية - ولا يحق لأعضائها الحديث عما يجري في اجتماعاتها.. تضم بين جنباتها مؤسسات مالية ضخمة وزعماء سابقين وأثرياء من القارتين..

ومن أبرز مؤسسيها أمير هولندا (بيرنهارد) ورئيس الوزراء البريطاني السابق (دوغلاس هوم) والرئيس الألماني السابق (والتر شيل) ومحافظ البنك الإنجليزي (اريك رول) والأمين السابق للحلف الأطلسي (بيتر كارينجتون) ووزير الخارجية السابق (هنري كيسنجر).. كما تشارك في عضوية المنظمة مؤسسات مالية وصناعية ضخمة مثل المصرف العالمي (ويمثله فولفنزون) واتحاد شركات إيرباص (إندرس) والاتحاد الأوروبي (باروسو) وشركات لاتسارد (كينيث) ومايكروسوفت (بيتر موندي) والبنك الالماني (دويتشة بانك) ومجلس منتدى دافوس (شفاب جل)..

وكل هذه الأسماء الكبيرة والمؤثرة تجتمع بشكل سري ودوري وغامض ودون إعلان عن قرارات أو نتائج الأمر الذي جعلها توصف بأنها "حكومة العالم الخفية"..

والحقيقة أن تجمع بيلدربيرج مجرد نموذج لتجمعات عالمية أخرى (ثقيلة الوزن) تحاط أعمالها بالسرية التامة مثل هيئة العلاقات الخارجية في نيويورك، وأعضاء دار تشاثام (Chatham) في لندن، ومجلس الذهب العالمي، والعائلات اليهودية المتحدة، مثل عائلة روتشيلد في أوروبا، ومورجان في أميركا، ونمينزبرغ في روسيا، وآل وينتشاين في أسكندنافيا، وآل واربرغ وبليشريدرو في ألمانيا..

كل هذا يثبت أنه (حتى في حال عدم وجود حكومة خفية بشكلها التقليدي الذي ادعاه شيرب) توجد منظمات علنية وسرية تتحكم بخيوط اللعبة العالمية.. وهي منظمات قد لا يشعر بوجودها الإنسان العادي كونها تهتم أكثر بأقلمة الاقتصادات الكلية والإقليمية لصالحها، والتحكم بأبرز المقدرات الاقتصادية كأسعار الذهب والنفط والعملات والديون المتراكمة على الدول الفقيرة..

- السؤال مرة أخرى.. هل توجد حكومة خفية تحكم العالم؟
الجواب يعتمد على تعريفك للحكومة، ومستوى العلنية التي يجب أن تظهر فيه للعالم.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/01/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد