التقارير

تقرير خاص: محمد بن سلمان يبعد #المملكة عن #فلسطين.. الخسارة قادمة والأكلاف باهظة


مالك ضاهر..

بشكل تصاعدي تتدرج المواقف السعودية من العلاقة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، ما يظهر أن أشياء كثيرة طبخت ويستكمل العمل عليها في الكواليس والغرف المغلقة وصولا إلى إنضاجها وإعلان التوصل إلى نهاية متوقعة لتطبيع العلاقات وفتح قنوات رسمية بين الطرفين.

والأمر اليوم لم يعد مقتصرا على المبادرة السعودية في القمة العربية التي سبق أن قدمها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، كما لم تقتصر الأمور على تصريحات ولقاءات تحت الضوء أو أمام وسائل الإعلام بشكل مريب بين تركي الفيصل وأنور عشقي ومسؤولين صهاينة، ولم تقف المسألة عند محاولات الإعلام السعودي المحسوب على السلطة الترويج المبطن لأعداء الأمة والسعي الحثيث لتلميع صورتهم وابتداع الأعداء لتضييع البوصلة، كما أن الأمور لم تقف عند تصريحات صادمة من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن خارطة طريق وشروط معينة للقبول بالعلاقات مع "إسرائيل".

الكلام واضح ولا مجال للتأويل.. ماذا بعد؟!

 اليوم يحصل أكثر من كل ذلك بكثير، الأمر بات في مكان لا يمكن فقط الوقوف عنده من باب التحليل والتشكيك والتأويل وإعطاء التفسيرات وتصور بعض الافتراضات، اليوم خرج ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ليصدر مواقف صريحة وواضحة من السلام مع "إسرائيل" والعلاقات والمصالح المشتركة معها والحق بإقامة "دولة" لليهود في فلسطين وغيرها من الأمور التي تقرأ بين السطور، والجميع يدرك ماذا يعني أن يخرج مثل هذا الكلام عن ابن سلمان شخصيا الذي يعتبر إلى حد كبير هو الحاكم الفعلي في المملكة السعودية مع كل الصلاحيات والميزات التي يمنحها لنفسه والقرارات والممارسات التي ينفذها على أرض الواقع.

وكلام ابن سلمان أثار العديد من التساؤلات، حول ماذا بعد كل ذلك؟ هل نحن أمام عهد جديد في العلاقات العربية الإسرائيلية وهذه المرة من البوابة السعودية؟ هل يعني أننا بتنا على مقربة من إعلان وشيك للعلاقات السعودية الإسرائيلية أم أن الأمر يحتاج إلى مزيد من التحضير والتمهيد أو تحقق الشروط والمعطيات للإعلان عنه؟

العلاقات قائمة.. والمساومة أيضا!!

الواقع أن كل المجريات باتت تؤكد المؤكد أن هناك علاقات نسجت بين الطرفين وعملية تظيرها هو مسألة وقت وبعض الإجراءات الشكلية ليس إلا، وأن أساس العلاقة موجود وما يتبقى للمستقبل هو كيفية تطويرها وتطبيعها على مختلف الصعد، لا سيما أن المملكة السعودية تعتبر نفسها وهكذا يعتبرها ولي العهد السعودي، أنها الدولة القائدة في العالمين العربي والإسلامي وهي بالتالي بحسب اعتقاده قادرة أن تجر خلفها العديد من الدول عند الاعتراف بـ"إسرائيل" وفتح العلاقات الرسمية معها.

وفي هذا السياق، اعتبرت مصادر مطلعة أن "ولي العهد السعودي يراهن على قدرة المملكة بسحب العديد الدول خلفها في موضوع العلاقات مع "إسرائيل" ويعمل على المساومة على هذا الأمر مع الصهاينة والأمريكيين للوصول إلى الدعم المطلق بالجلوس على كرسي الملك في السعودية ولعشرات السنين المقبلة"، وتابعت أن "ابن سلمان يتصرف على أساس أنه الحاكم الفعلي وأنه قادر على جر الأمة إلى صلح مع العدو الإسرائيلي ولذلك يريد التعهد بدعمه لسنوات طويلة قادمة مقابل تقديم كل ما يستطيع لإسرائيل سواء بفتح العلاقات وتطبيعها والمساهمة بطمس معالم القضية الفلسطينية إلى الأبد".

لعبة خطرة.. والتكاليف مرتفعة

ولفتت المصادر إلى أن "ابن سلمان يلعب لعبة في غاية الخطورة لأنه لو نجح فيها فهذا سيعني العمل جديا لأخذ أولا السعودية برمزيتها في العالمين العربي والإسلامي لا سيما عند الدول السنية إلى مكان أخر وبعيدا جدا عن قضايا الأمة والناس وفي طليعتها قضية فلسطين والقدس"، وأضافت "كما أنه سيأخذ معه رهائن عدة من الدول التابعة لقرار الرياض سواء في منطقة الخليج أو غيرها"، وأوضحت أن "خطورة لعبة ابن سلمان تتجلى أنه يضع السعودية في الموقف المعادي لكثير من الدول والشعوب في المنطقة والعالم وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني".

والأكيد أن الوقائع التاريخية والحالية أثبتت للقاصي والداني أن ترك فلسطين وقضيتها لا يفيد ولا يربح أبدا، بل بالعكس كل من تلاعب بهذه القضية وتخلى عن فلسطين ومقاومة الاحتلال هو الذي خسر ودفع أثمانا باهظة جراء ذلك والأمر سيان بين الدول أو الحركات والفصائل وحتى الأشخاص، ومن هنا تكمن خطورة ما يفعله ابن سلمان فهو يعتقد أن التلاعب بمصير الأمة بالأمر البسيط والعادي أو أنه يشبه تصرفاته في الداخل السعودي، إلا أن الأمور مختلفة تماما في القضايا الإستراتيجية للأمة فهو قد يضرب بيد من حديد ضد بعض الأتباع أو ابناء عمومته أو رجال الدين من المستلزمين في الداخل، إلا أنه لا يمكن فعل مثل هذه الأمور مع بقية الدول والشعوب خاصة إذا ما تعلق الأمر بفلسطين التي تجمع الجميع على الرغم من الكثير من الاختلافات.

معاداة الفلسطينيين والانتقال إلى صف "إسرائيل"

علما أن التزام المملكة السعودية الصمت تجاه القضية الفلسطينية طوال السنوات الماضية صحيح أنه يسجل ضدها وعليها إلا أنه لم يضعها في محور "إسرائيل" بالمطلق بل تركها في صف المتخاذلين الذين لا يبالون بمآسي الفلسطينيين، وفي السابق هي حافظت على خط الرجعة مع الشعب الفلسطيني عبر بعض المواقف الاستهلاكية للتداول الإعلامي التي تؤكد بين حين وحين على الحقوق الفلسطينية وغيرها من مستلزمات الخطاب المخادع، إلا أن الخروج بهذه البساطة لإعلان الوقوف إلى جانب "حق" الصهاينة بإقامة دولة لهم في فلسطين والمتاجرة بقضية شعب قدم مئات آلاف الشهداء وتشرد من أرضه وتعرض لأبشع مأساة عبر التاريخ المعاصر سيؤدي إلى خسارة فادحة للمملكة السعودية وحكامها وعلى رأسهم من يعتقد أنه بهذه الطريقة سيحكم لعشرات السنين القادمة.

وللتذكير أن هذه المواقف السعودية المتماهية مع الكيان الإسرائيلي استدعت ردودا صريحة وواضحة من أغلب الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية وعلى رأسها حركتي حماس والجهاد الإسلامي، فقد استنكرت المواقف "تسارع وتيرة التصريحات والمواقف المنادية بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين في سياق استرضاء قوى إقليمية على حساب الحق الفلسطيني أو في إطار المناكفة بين الدول"، وشددت على "رفض كل أشكال التطبيع مع إسرائيل على كل المستويات، لما لذلك من تداعيات خطيرة على الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية في أرضه ووطنه وعلى وحدة وتماسك الأمة وشعوبها المناهضة لهذه السياسات"، وأكدت أن "حق الشعب الفلسطيني بفلسطين هو حق مطلق وليس نسبيا وهو حق لا يقبل التجزئة ولا المساومة".

أضيف بتاريخ :2018/04/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد