التقارير

تقرير خاص: قمة #الظهران.. حلقة من مسلسل التآمر على الأمة


مالك ضاهر..

في ظل أوضاع مشتعلة بالمنطقة انعقدت القمة العربية في مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية في المملكة السعودية، وعلى جدول أعمالها العديد من الملفات الساخنة بل والملتهبة بدءا من فلسطين وما تتعرض له من مخططات هادفة للتصفية وصولا إلى اليمن الذي يعاني منذ أكثر من 3 سنوات من حرب مدمرة من قبل أطراف عدة في القمة، مرورا بسوريا التي تعرضت لعدوان ثلاثي من دول زارها مؤخرا ولي العهد المملكة المستضيفة للقمة محمد بن سلمان.

"قمة فلسطين" هكذا أراد الملك السعودي سلمان تسمية القمة المنعقدة في الظهران بعد نقل مكان انعقادها الأساسي في العاصمة الرياض لتبدأ التساؤلات حول المكان والتوقيت والأهداف المنشودة منها، بالإضافة لتساؤلات حول التسمية المستجدة على قمة والجدوى من ذلك، في حين أن الكثير من المجتمعين في أروقتها هم من الصامتين الساكتين القاعدين عن نصرة فلسطين والوقائع والدلائل تثبت ذلك بشكل مطلق، بل أن الوقائع والتسريبات المتنوعة أكدت ودللت على كثير من الصفقات والتعهدات التي تسجل بخانة التواطؤ المباشر على فلسطين والقدس ولا ينفع بعدها القول بحصول دعم مالي أو سياسي أو إعلامي لفلسطين وشعبها.

الرهان الخائب..

فالجميع كان ينتظر بماذا ستخرج هذه القمة من مقررات في مرحلة مفصلية من تاريخ المنطقة والأمة؟ لكن هل يمكن الرهان على قمة عربية في زمن ثبوت الاتهامات بالتخاذل والتواطؤ بالصوت والصورة وعلى رؤوس الأشهاد؟ وماذا ستقدم القمة العربية لأبرز قضايا الأمة أي فلسطين وهي تتعرض لمشروع يستكمل ما بدأه وعد بلفور قبل أكثر من مئة عام؟ وماذا ستفعل القمة أمام التهديد بنقل السفارة الأمريكية في كيان الاحتلال إلى القدس بعد قرار ترامب الجائر باعتبارها عاصمة لكيان الاحتلال؟ وأي قرارات ستصدر من قمة كثير من قادتها أيدوا الضربة الأمريكية البريطانية الفرنسية على سوريا بينما صمت البعض والبعض أصدر بيانات غير واضحة المعالم بالتأييد أو الرفض؟ وهل ستقدم القمة شيء لليمن الذي ينزف بفعل دولها وممارساتها؟

"جاءت قرارات القمة على قدر كبير من المسؤولية والحكمة والوعي وواكبت المرحلة بكل خطورتها ولبت النداءات الشعبية العربية، فاتخذت القرارات الحاسمة بإعطاء مهلة أخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتراجع عن قراره المشين بحق القدس على أن يكون مطلع أيار/مايو المقبل هو الموعد الأخير لسحب القرار والاعتراف بالقدس عاصمة وحيدة وأبدية لدولة فلسطين المستقلة على كامل ترابها من البحر إلى النهر، إدانات واضحة وصريحة للعدوان الثلاثي على سوريا والبدء السريع بتنفيذ خطوات عملية لدعم سوريا بوجه كل محاولات النيل من سيادتها والتدخل في شؤونها ومن هذه الخطوات تجميد العلاقات مع العواصم المعتدية: واشنطن، بريطانيا وباريس والتهديد بقطع العلاقات، بالإضافة إلى كل ذلك صدرت العديد من القرارات البارزة والهامة والتاريخية في قمة الظهران الاستثنائية التي حملت عن حق وبجدارة اسم فلسطين".

لوهلة قد يعتقد القارئ أننا وقعنا في خطئ ما أو استبدلنا مواقف مكان أخرى، لكن عذرا ما سبق ذكره ليس له علاقة بالواقع إطلاقا وإنما هو من نسج خيال مواطن عربي بسيط يحلم أن تكون جامعة الدول العربية والقمة التي عقدت في الظهران بدل الرياض، على قدر الأحلام والطموحات التي لم تقدر على تلبيتها لعشرات السنوات الماضية، ويكفي الإشارة لما قاله البعض بأن "سبب تهريب القمة من الرياض إلى الظهران هو الخوف من أي صاروخ يمني يأتي ردا على قتل هذا الشعب لأكثر من 3 سنوات على مرأى ومسمع الجامعة العربية والزعماء العرب الذين بأغلبهم شاركوا أو أيدوا هذه الحرب"، وليأتي السؤال كيف يمكن الوثوق بهكذا قمة أو بالقرارات التي ستصدر عنها؟ فبدل معالجة أسباب الحرب على اليمن ورفع الظلم والقتل عن شعب هذا البلد العربي أيا كانت الخلافات السياسية والتعقيدات الواقعية، جاءت القمة لتصب الزيت على النار ولتحمل المسؤولية لأطراف يمنية ولإيران من دون أي خجل من مشاهد الأطفال وأجسادهم الممزقة منذ انطلاق الحرب حتى اليوم، ودون الإشارة لأي طرف من المجتمعين ممن يشاركون بالحرب.

قمة فلسطين.. بالاسم فقط!!

بالمقابل، رفع اسم فلسطين على رأس هذه القمة ووزعت الشعارات والاستنكارات الخجولة لقرار ترامب بحق القدس ولما يجري على حدود غزة وللممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، من دون التجرؤ على اتخاذ خطوة عملية واحدة قد تعيد شيء من الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني، فكانت الكلمات والمواقف لزوم ما لا يلزم وللبعض "عدة الشغل" للظهور الإعلامي ولرفع العتب عنه باعتبار القضية باتت لكثيرين مجرد قضية استهلاكية خطابية، حتى أن الدعم المالي الذي تقدمت به المملكة السعودية للأوقاف الإسلامية في القدس لم يعد ذات قيمة اليوم باعتبار أن القدس كلها باتت على مقصلة الضياع والسلب والنسيان ولا تعيدها بضع ملايين، بينما من يسرقها ويسلبها زار الرياض وحصد مئات المليارات لدعم دولته التي تحتضن وتدعم بشكل مطلق "إسرائيل" أساس البلاء العربي والنكبة للشعب الفلسطيني.

والحقيقة أن وجوه القادة العرب لم تقدر على إخفاء التواطؤ العربي على القضية الفلسطينية سواء عبر "صفقة القرن" أو غيرها لا سيما أن بعض الشخصيات بات يجاهر بحق الصهاينة بإقامة كيان لهم على أرض فلسطين من دون إقامة أي اعتبار لرغبة الشعب الفلسطيني نفسه، ناهيك عن الرغبات المعلنة والممارسات اليومية التي تؤكد العمل لتطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، فمن يغرق إلى هذا الحد بالتقارب مع "إسرائيل" لن ينفعه إعلان أن القمة العربية هي قمة فلسطين لأن ذلك لا يقدم ولا يؤخر بل بالعكس هو محاولة للنفاق والخداع والالتفاف على رغبة الشعب العربي ومحاولة لإضاعة الوقت بغية تمرير مشروع ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لذلك يمكن دون مواربة القول إن القمة العربية التي عقدت في الظهران التي حاولت نقل الصراع رسميا للعرب من "إسرائيل" إلى إيران هي حلقة من حلقات التآمر على فلسطين والأمة ككل لأنها تهدف لتغيير وجهة الصراع والبوصلة من القدس إلى طهران، وبهذا السياق يمكن تفسير المواقف النارية والاتهامات الموجهة لإيران في مختلف الملفات.

وكالعادة المسائل الجوهرية والأساسية والمستجدة بشكل عاجل لم تحصل على حلول ومخارج لها في القمة العربية، فالجميع تقريبا انصاع لقرار أمريكا بالعدوان على سوريا ولا أحد لديه إرادة حرة لإصدار القرار برفض وإدانة العدوان، ونفس الأمر بخصوص اليمن حيث المسألة مرتبطة بالقرار السعودي ولا يمكن للجامعة اتخاذ أي قرار مخالف في هذا الشأن، حتى الخلافات العربية كما هو متوقع لم تستطيع القمة حلها أو إيجاد مخارج لها، أما بقية المواقف المتنوعة التي صدرت فكانت لزوم إكمال البيان الختامي ليس أكثر.

أضيف بتاريخ :2018/04/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد