آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
منصورة الجمري
عن الكاتب :
كاتبة بحرينية

عن الشعر.. والسلطة ومسؤولية المثقف


منصورة الجمري

يعتبر البعض الكتابة الثقافية كتابة كمالية يلجئ إليها الكتّاب هرباً من أجواء السياسة ومحاذيرها، على الأخص في أوقات الأزمات التي تعصف بالمجتمعات وتفرض حالة تخنق الكتّاب وتجعلهم يغردون على هامش القضايا والأحداث.

مثل تلك التصورات تستحضر في ذهني خطاباً ألقاه الرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي (1917 – 1963) قبيل اغتياله بثلاثة أسابيع. لم يكن خطابا سياسيا، لكنه كان واحداً من أقوى خطابات كينيدي وأكثرها تأثيراً، ألقاه خلال حفل إقامته إحدى الجامعات الأميركية لتأبين الشاعر الأميركي الشهير روبرت فروست (1874 – 1963).

في خطابه احتفى كينيدي بدور المثقفين والفنانين في المجتمع، قال بأنهم يؤدون دوراً لا يقل أثراً عن ذلك الذي يقوم به الساسة ورجال الحكم، فهم، القادرون على محاسبة السلطة وتحديد ما إذا كان رجال الحكم يستخدمون السلطة أم تستخدمهم.

وعرج كينيدي في خطابه على فروست الذي كان أول من اقترح عليه أن يجعل للثقافة والفنون دوراً أكثر قوة وحضوراً في حكومته. قال بأن الشاعر الشهير وجد في الشعر وسيلة لإنقاذ أي سلطة من نفسها فهو يذكر القائمين على السلطات بحدودهم البشرية إن أخذهم الغرور بنفوذهم، ويلفت نظرهم لثراء وتشعب الوجود حولهم إن ضافت اهتماماتهم واستبد بهم الطمع والأنانية، والأهم من ذلك إنه يكشف الحقائق التي يجب أن تبنى عليها القرارات والأحكام التي تمس مصائر الشعوب.

اليوم وبعد ما يزيد على النصف قرن، تظل كلمات كيندي تحمل ذات التأثير والأهمية والمصداقية، الثقافة والفنون والآداب والشعر، والكتابة عنهم ولهم، هو ما يكشف حقائق الأشياء ويذكر بها ويجعلها ماثلة أمام الأعين.

المثقفون هم من يصنعون الوعي الذي ينطلق منه الساسة ورجال الاقتصاد والمجتمع، يغيرون وعي الجماهير يحررونه، ويؤسسون لمحاربة الجهل والخوف والألم والظلم والكذب، يحررون العقول من الأوهام، يقفون على الحقيقة، ويشيرون إليها، يرفعونها دون خوف أو تردد.

نعم للكتابة الثقافية التي تحارب الاختناق إذن، تلك المتحررة من السطحية في تناول القضايا، ومن العبث في التعالي على هموم مجتمعها، البعيدة عن البهرجة والترف، والابتذال، والترويج الفج.

لصالح مدونة "صوت المنامة"

أضيف بتاريخ :2018/04/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد