التقارير

تقرير خاص: قرار #ترامب.. وتداعيات الانسحاب من #الاتفاق_النووي


مالك ضاهر

يترقب العالم موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقع بين إيران ومجموعة دول(5+1) منذ العام 2015، في ظل تواصل التحريض للإدارة الأمريكية من قبل بعض الأطراف على رأسها الكيان الإسرائيلي والمملكة السعودية حيث يلتقيان على العداء لإيران وضرورة العمل لإلغاء هذا الاتفاق مع طهران، فكل من الرياض وتل أبيب تعتبران أن الاتفاق يصب بمصلحة إيران بشكل كبير.

وفي هذا السياق جاءت الاطلالة المسرحية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي راح يحاضر ويؤكد من دون دليل أن إيران خالفت الاتفاق ولم تلتزم به وأنها أخفت معلومات على الدول الموقعة وعلى المجتمع الدولي، مع أن العالم أجمع وعلى رأسه منظمة حظر الأسلحة النووية أقروا بأن طهران نفذت كل التزاماتها التي ينص عليها الاتفاق النووي، بينما هناك بعض الأطراف كالولايات المتحدة الأمريكية تنصلت من تنفيذ هذه الالتزمات لا سيما فيما يتعلق برفع بعض العقوبات وتسليم الأموال المحجوزة في المصارف الأمريكية منذ سقوط نظام الشاه وتعود ملكيتها للدولة الإيرانية ويجب إعادتها إليها.

ماذا يحق لواشنطن؟!

ويُرجح البعض أن يتم الإعلان عن انسحاب أمريكي من طرف واحد عبر الادعاء بمسائل غير حقيقية وغير مثبتة بالدلائل، منها على سبيل المثال القول إن الاتفاق لا يصب في مصحلة أمريكا وأن إيران لم تلتزم به وأنها لم توقف صلاتها السياسية مع بعض حلفائها في المنطقة مما لا يدخل أصلا في بنود الاتفاق النووي وصولا للاستناد إلى ما إدعاه نتانياهو خلال إطلالته الأخيرة والتي تم إخراجها بشكل تلفزيوني وبطريقة درامية غير مقنعة.

في حين يرجح البعض أن يذهب ترامب إلى إعطاء مهلة لحلفائه من الأوروبيين كي يتفاوضوا مع إيران في محاولة لتعديل الاتفاق مع استمراره بالتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور لعل الإيرانيين يرضخوا للسقوف العالية التي يرسمها ويطالب بها، وهو خلال هذه الفترة التي قد يحددها بمهلة زمنية مقبولة نسبيا كمهلة ثلاثة إلى ستة أشهر يعمل على تجميد التزامه بالاتفاق كمرحلة أولى يجس بها نبض القيادة الإيرانية وكيفية تصرفها، ويؤسس بعد ذلك موقفه النهائي على أساس التطورات، فإما يعود فارضا شروطه أو يذهب إلى التنصل من الاتفاق أو الرضوخ للإرادة الإيرانية بالبقاء ضمن الاتفاق، طبعا فيما لو صحت توقعاته وذهبت الأمور إلى التفاوض وغيرها من الإساليب الحوارية من جديد.

لكن الإيرانيين وفي إجراء استباقي قبل قيام ترامب بأي خطوة على أرض الواقع أعلنوا صراحة أنهم غير ملزمين بأي قرار يتخذه ترامب، وبالسياق أعلن وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أن "بلاده لن تتفاوض مجددا حول الاتفاق النووي ولن تضيف عليه أي شيء آخر"، وتابع "توصلنا خلال العام 2015 إلى اتفاق شامل حول البرنامج النووي الإيراني وكان ملزما للجميع"، وذكر أن "أمريكا عمدت إلى نقد الإتفاق بشكل مستمر وتهديد باقي الأطراف لوقف تعاونهم مع إيران"، وشدد على أن "موقف إيران حازم في مواجهة أي قرار أمريكي متعجرف وأنها ستختار الوسيلة التي تراها محقة في هذه المواجهة".

مخالفة القانون.. وفوضى العلاقات الدولية

بكل الأحول أيا كان قرار ترامب سواء بالخروج النهائي أو المطالبة بتعديل الاتفاق بحسب ما تشتهيه رغباته ومصالح إدارته، هل يحق للولايات المتحدة الأمريكية تغيير الاتفاق والتنصل من التزاماتها بموجبه بمحض إرادتها المنفردة؟ ومن الذي يقرر هذه الإرادة المنفردة لأمريكا؟ هل هو قرار الرئيس ترامب أم أن ذلك يحتاج إلى تصديق البرلمان أو الكونغرس ممثلا بمجلسي الشيوخ والنواب؟ وبكل الأحوال أي تداعيات ستنتج فيما لو قررت أمريكا الخروج أو تعديل الاتفاق؟

الأكيد أن ترامب لم يتوقف منذ حملته الانتخابية للرئاسة عن تكرار مهاجمته لهذا الاتفاق النووي، معتبرا أنه لا يخدم مصالح أمريكا، وهو منذ وصوله إلى البيت الأبيض يهدد باستمرار بأنه سيتخذ قراره بالخروج من الاتفاق على الرغم من أن ذلك يشكل مخالفة واضحة للالتزامات الدولية المفروضة على الولايات المتحدة الأمريكية وخرقا لكل الإعراف والقوانين الدولية ذات الصلة، لأنه لا يجوز لدولة ما أن تقرر منفردة أنها ستنهي اتفاقا موجودا وقائما على الساحة الدولية بعد أن اشتركت إرادات عدة دول ذات سيادة على إقراره والالتزام به، وهذا الأمر إن كرسته اليوم الإدارة الأمريكية سيفتح الباب أمام كل الدول للخروج من الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها في كل مرة ستقرر أنها لا تصب أو لم تعد تصب في مصلحتها ما يؤدي إلى شيوع الفوضى على صعيد العلاقات والاتفاقيات الدولية.

كما أن خروج دولة من اتفاق مبرم بين عدة دول لا يعني انتهاء هذا الاتفاق بل يعني أن هذه الدولة هي التي خالفت التزماتها ويجب أن تتحمل مسؤولياتها الدولية في هذا الإطار، وهي من يجب أن يفرض عليها عقوبات لا العكس، هذا لو افترضنا جدلا أن ترامب استمر إلى الآخر في خطته واتخذ القرار بالخروج ووافقه الكونغرس على ذلك.

تحرير إيران من القيود.. وزيادة قدراتها

وأكثر من ذلك فإن التنصل الأمريكي من الاتفاق النووي يعني فتح الباب لإيران أيضا للخروج منه والتحلل من التزاماتها ما يعني أنها عادت حرة في إمكانية تخصيب اليورانيوم بأي حدود أو قيود ولا شيء يمنعها من امتلاك السلاح الذي يخشاه الغرب و"إسرائيل" وبعض أنظمة الخليج، وهنا يعود بيت القصيد للأوروبيين والأمريكيين  وحتى للكيان الإسرائيلي والمملكة السعودية لأن إيران سيكون لديها بعد ذلك الحجة للقول إني إلتزمت بحسب ما وقعته مع المجتمع الدولي بالاتفاق النووي، ولكن أنتم لم تغتنموا الفرصة ولم يتسطيعوا حماية الالتزامات الدولية وبالتالي أنتم من يتحمل مسؤولية النتائج والتبعات التي تترتب عن ذلك.

والواقع أن كل من يخشى إيران اليوم وهي لديها هذه القوة المحدودة كيف سيستطيع تحمل إيران البلد النووي بعد فترة من الزمن لو واصلت تطوير قدراتها النووية من دون أي حدود، وكيف يمكن تحمل إيران التي ستستخدم كل قدراتها النووية في مختلف القطاعات لتطوير الصناعات المختلفة لديها، وهي لن تتأثر بعد ذلك كثيرا بزيادة العقوبات التي ستعاود الولايات المتحدة فرضها خاصة مع وجود مصالح لدول كثيرة مع إيران التي ستعوض أي نقص في التعامل مع بعض الدول الأوروبية نتيحة الضغوط الأمريكية.

وبالسياق، يمكن الاطلاع على المواقف الدولية الرافضة بشكل عام لأي خطوة يقوم بها ترامب ضد الاتفاق النووي، فقد أكدت روسيا والصين رفضهما للمساس بالاتفاق النووي، في حين جددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة تأكيدها أن إيران تنفذ التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، أما المواقف الأوروبية تبقى غير واضحة وحاسمة لأنها ستتأثر ألى حد ما بالضغوط الأمريكية التي تمارس عليها نتيجة المصالح المختلفة لا سيما مع فرنسا وبريطانيا وبحدود أقل مع ألمانيا، ناهيك أن هذه الدول لها مصالحها مع إيران يجب مراعاتها خاصة أنها تريد الاستثمار في السوق الإيرانية الخصبة في شتى المجالات وبأعلى نسبة ممكنة.

أضيف بتاريخ :2018/05/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد