آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إبراهيم شير
عن الكاتب :
صحفي وإعلامي سوري

الرئيس الأسد في سوتشي.. ملامح التسوية النهائية نضجت


 إبراهيم شير

إنها المرة الثانية التي يزور فيها الرئيس السوري بشار الأسد، مدينة سوتشي للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ولكن لنقف قليلا مع هذه الزيارة وحيثياتها، فأولا بوتين أظهر احتراما كبيرا للرئيس الأسد حيث انتظره على الباب لدقائق حتى أتى الموكب الذي يقل نظيره السوري، وهو أمر قلة ما يحدث، إضافة إلى أن بوتين قدم الرئيس الأسد عليه في الدخول إلى مكان الاجتماع وكانت هنا المفاجئة حيث تأخر عنه بخطوتين وكان في الصف أحد أهم شخصيتين في روسيا وهما وزير الخارجية سيرغي لافروف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو. وهذا الاستقبال واللقاء يؤكد مدى احترام الدولة الروسية لنظيرتها السورية. على عكس ما فعله بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عندما كان في انتظاره داخل غرفة الاجتماع، والأمر نفسه حدث مع أمير قطر تميم بن حمد ال ثاني.

العملية السياسية في سوريا كانت إحدى أهم محاور الزيارة، وفعليا الظروف مؤاتية على الأرض لانطلاقها بعد أن أصبح محيط العاصمة خاليا من الإرهاب ورقعة سيطرة الدولة السورية أكبر من أي وقت مضى منذ بداية الحرب المفروضة على البلاد، وموقف دمشق سياسيا بمواجهة المعارضة المدعومة خارجيا هو الأقوى في ظل الترهل والاستقالات التي ضربت صفوفها خلال الفترة الماضية.

أما على الصعيد الدولي فقد نجحت موسكو في استغلال الثغرات في التحالف الأميركي – التركي والنفوذ عمقيا فيه، وبات الخلاف بين أنقرة وواشنطن أكبر من أي وقت مضى، حيث عملت موسكو على تعزيز الخلافات بين الجانبين وخصوصا في الملف الكردي، ومن يقرأ المشهد بشكل عام فأن روسيا قدمت خدمة مهمة لتركيا في هذا الملف وفي المقابل لم تستطع أنقرة أن تتقدم ولو مترا واحدا في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية، ومن يشاهد سلسة المصالحات الأخيرة بين الدولة وعدد من الفصائل المسلحة يرى أن أنقرة قد مارست نفوذا ما على الجماعات المسلحة للخروج من مناطق حساسة دون معارك فعلية، وأهم هذه المناطق القلمون الشرقي والمنطقة الممتدة بين ريفي حماة الجنوبي وحمص الشمالي، وهذه المناطق كانت لسنوات عديدة محاصرة ولم يطلب المسلحين فيها التسوية والخروج، ولكن في هذه المرحلة تحديدا وافقوا على الخروج وهو ما يوحي بوجود ضغط تركي عليهم واتفاق بين أنقرة وموسكو. ومن جانب أخر بات التحالف الأميركي الأوروبي في أضعف مراحله بعد أن واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عجرفته المعهودة وهو ما أدى إلى نفور غربي تجلى في القمة الأوروبية الأخيرة والتي خرجت برسائل مبطنة أهمها وجود توجه جديد أوروبي لمواجهة العجرفة الأميركية، وأول محطات هذه المواجهة قد تكون سوريا بعد أن أكدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، في سوتشي بعد يوم واحد من زيارة الرئيس الأسد، أكدت على مشاركة بلادها في إعادة إعمار سوريا، هو أمر يشير إلى أن ألمانيا قد خرجت فعليا من العباءة الأميركية.

في كل مرة تتحدث فيها روسيا عن العملية السياسية يوازيها عملية عسكرية تحدث تغييرا جذريا في خارطة المعارك، في المرة الأولى كانت عملية تحرير حلب، والثانية فك الحصار عن دير الزور، وأخيرا كانت تحرير الغوطة الشرقية. وقبل زيارة الرئيس الأسد إلى سوتشي بأربعة وعشرين ساعة كانت الطائرات السورية قد ألقت مناشير على مدينة درعا وريفها تطالب المسلحين بالتسوية، وهي خطوة تسبق عادة العمليات العسكرية البرية. أما الشمال السوري فان بقاء تركيا لن يطول لعدة أسباب أهمها التوافق الدولي على خروج الجميع من سوريا مع بدء العملية السياسية، أما الوجود الأميركي فان دمشق وموسكو لديهما الحساسية ذاتها من هذا الوجود، وهو ما يجعل أسباب بقاءه هي نفسها أسباب خروجه.

أحد أهم أسباب صمود الدولة السورية هو ثقة الشعب بها والتفافه حولها وعندما يتعهد الرئيس الأسد بتحرير كل شبر من الأراضي السورية، فأنه بذلك يستفتي شعبه على الثقة به، وصمود الدولة السورية وتعزيز ثقتها بالشارع أحد أهم الركائز التي يتكأ عليها حلفاء دمشق في مؤازتها في حربها على الإرهاب.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/05/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد