آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله المزهر
عن الكاتب :
كاتب سعودي

فاتورة الشمس!

 

عبدالله المزهر

هذا الأسبوع كان أسبوع الراتب المنتظر، وقد كان «الموظفون في الأرض» لفرط اشتياقهم إليه يظنون أنه لن يأتي، وهذا يحدث مع كل حبيب غائب، لكثرة الشوق يصبح من الصعب تخيل لحظات اللقاء، وأنه وهم لن يصبح واقعا.

ثم حين تم اللقاء كان لقاء سريعا خاطفا، والأمر ليس كناية عن قصر اللحظات السعيدة وطول لحظات الألم، فلم يكن قصر اللقاء مجازيا بل كان بالفعل قصيرا. لم يتسن للعشاق المنتظرين أن يروا حبيبهم بكامل ملامحه إلا لوهلة سرعان ما انقضت قبل أن تتخاطفه أيادي المتربصين وتعبث به، فلم يبق في جسده موضع ريال إلا وفيه طعنة من فاتورة أو ضربة من قسط، أو إصابة من ديان.

أكثر ضربة مؤلمة وقاسية شوهت ملامح وجه الراتب الجميل كانت من سيف فاتورة الكهرباء البتار، وقد دخلت هذه الفاتورة القاتلة معركة «يونيو» بقلب لا يعرف الرحمة، ثم عاثت في الرواتب فسادا وتقطيعا وتجريحا، والراتب الذي لم تقتله ضرباتها الآن فإنه لم ينجو من إصابات لن تجعله يعيش حتى منتصف الشهر القادم، وستوافيه المنية قبل أن تأتي معركة «يوليو»، والتي من المتوقع أن تكون أكثر بطشا وعنفا.

والفكرة في الشكوى ليست من ارتفاع الرسوم فهذا أمر قد ألفه الناس واعتادوا عليه منذ إقراره، لكنها في الاختلاف والفارق الكبير بين الفاتورة الأخيرة والتي سبقتها، وهذا متوقع بالطبع بسبب الصيف وحرارة الأجواء، لكن فئة لا يستهان بها من الذين أبدوا تذمرهم لم يكونوا في منازلهم في فترة احتساب الفاتورة. وهذا ربما يعني أن الأمر يعتمد على التخمين، وأن عرفا في شركة الكهرباء يقول بأن فاتورة الصيف لا بد أن تكون أكثر من فاتورة الشتاء حتى وإن كان المنزل خاليا معتما لا يسكنه إنس ولا جان، تتحرك فيه تيارات الغبار أكثر مما يفعل التيار الكهربائي.

وعلى أي حال..

ربما ظنت شركة الكهرباء أنها مسؤولة عن الشمس بما أنها هي الأخرى مصدر ضوء وطاقة، فحملت فواتير الشمس على المواطنين، وهذا تفسير منطقي ومقبول، أكثر من التفسيرات التي سمعت بها حتى الآن. وهي حجة أكثر واقعية من المقارنات بين بلادنا التي تستهلك أكثر كمية من حرارة الشمس وبين بلدان أخرى تجري من تحتهم الأنهار ويشتاقون للشمس في الصيف كشوقنا لأصوات المكيفات، وربما يكون هناك تفسيرات أخرى لكني لا أعرفها، ولم أحط بها خبرا.

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2018/06/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد