آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

إسرائيل والسعودية والتحريض على تغيير النظام في طهران

 

صالح القزويني

عندما صفق العالم برمته في تموز/ يوليو 2015 لإبرام الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، كانت السعودية وإسرائيل الدولتان الوحيدتان اللتان امتنعتا عن التصفيق والترحيب بهذا الاتفاق.

وبررت تل أبيب آنذاك امتعاضها من الاتفاق النووي بأنه لا يلبي طموحها والذي يتمثل بإرغام طهران على السلام وتطبيع العلاقات معها، أو وقف دعم الفصائل الفلسطينية والتوقف عن السعي والدعوة لإزالة إسرائيل في أسوأ الأحوال.

أما الرياض فاعتبرت أن الاتفاق لا يلزم طهران بعدم التدخل في شؤونها وشؤون دول المنطقة، وتعتقد أن المواقف الإيرانية من الكثير من القضايا تحرض شعوب المنطقة ضد حكوماتها.

عندما انتهت ولاية أوباما وجاء ترامب إلى الحكم بدأت إسرائيل والسعودية بتحريك لوبياتهما في واشنطن من أجل التأثير عليه وإقناعه بإلغاء الاتفاق النووي، ومع أنه كان قد أعلن خلال حملته الانتخابية بأنه سيمزق الاتفاق النووي إلا أن زيارات كبار المسؤولين الغربيين جعلته يتراجع عن موقفه ولذلك فأنه قام بتمديد تجميد العقوبات على إيران مرتين.

ولكن يبدو أن ضغوط اللوبي الصهيوني وإغراء الريال السعودي كان أقوى من دعوات حلفاء ترامب الغربيين بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي، فجاء انسحابه منه ليدشن مرحلة جديدة من الاصطفافات والتوجهات والتحديات في المنطقة والعالم.

تتصور تل أبيب أنها لو نجحت في تأليب الولايات المتحدة ضد إيران فأنها ستحصل على العديد من المكاسب، وسيكون التفات العالم للصراع الإيراني – الأميركي وغض طرفه عما يجري في فلسطين المحتلة، هي أصغر مكاسب التحريض، فما بالك إذا تصاعدت الأزمة والتوتر بين طهران وواشنطن ووصلت إلى الذروة واندلاع الحرب بين البلدين، فبالتأكيد أن ذلك غاية ما ترجوه إسرائيل خاصة إذا أدت هذه الحرب إلى إسقاط النظام الإيراني الحالي، فأن ذلك سيلعب دورا مهما في انهيار المقاومة الفلسطينية.

ولكن التوتر والتصعيد الذي نشهده اليوم في الجبهتين الفلسطينية والسورية مع إسرائيل يبيّن أن عملية التحريض الإسرائيلية جاءت حتى الآن بنتائج عكسية، ومع استمرار دعم إيران للفلسطينيين وإصرارها على البقاء في سوريا فمن المرجح أن التوتر على الجبهتين سيتطور ويتخذ أبعادا جديدة.

هذا على صعيد إسرائيل والقضية الفلسطينية، وفيما يتعلق بالسعودية فينبغي القول وبضرس قاطع أن ترامب ما كان ليقطع الخطوة التالية وهي الانسحاب من الاتفاق النووي لو لم تبرم الرياض تلك الصفقات مع واشنطن والتي بلغت قيمتها نحو 500 مليار دولار.

السعودية شأنها شأن إسرائيل تأمل في تحقيق العديد من الأهداف عبر تحريض ترامب ضد إيران، في مقدمة هذه الأهداف إسقاط النظام الإيراني عبر تصاعد التوتر بينه وبين القيادة الأميركية وبالتالي اندلاع الحرب التي ستسقط النظام الإيراني، ومن الأهداف أيضا توقف تصدير النفط الإيراني، وكذلك إشغال إيران بنفسها ومشاكلها وعدم تفرغها للمنطقة، وبالتالي فأن أي من هذه الأهداف يتحقق فأنه مكسب عظيم للسعودية.

ولكن يا ترى هل ستتحقق هذه الأهداف؟ لا يبدو أنها سهلة المنال، ففيما يتعلق بالحرب فأن كل المؤشرات تدلل على عدم وقوع الحرب بين إيران والولايات المتحدة على المدى القريب وبالتحديد خلال الفترة المتبقية من حكم ترامب، كما أن تجربة الحصار الخانق الذي فرضته أميركا والمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي على إيران عامي 2012-2013 أثبت أن إيران ضاعفت من نفوذها خلال هذه الفترة لأنها تعتبره وسيلة لمواجهة الضغوط الأميركية.

أما فيما يتعلق بالنفط فأن استهداف ناقلة النفط السعودية في السواحل اليمنية دلل وبشكل واضح على أن النفط السعودي لن يكون في منأى عن التهديدات والأخطار إذا تصاعدت الأزمة في المنطقة.

التحريض الإسرائيلي – السعودي ضد إيران أثمر عن إلغاء ترامب للاتفاق النووي والتصعيد الأميركي ضد إيران، وقد تأثر الاقتصاد الإيراني بهذا التحريض كما أن بعض المناطق الإيرانية شهدت تظاهرات واحتجاجات ضد الحكومة الإيرانية، ولكن الثمن الذي تدفعه إسرائيل والسعودية أضعاف مما تدفعه إيران في هذا الصراع.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/07/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد