آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طالب الحسني
عن الكاتب :
كاتب وصحفي يمني

ثلاثة تفسيرات لزيارة هادي إلى مصر.. ما هي؟ ولماذا كان الاستقبال فاترا؟

 

طالب الحسني

أثارت الزيارة التي قام بها منصور هادي إلى مصر الكثير من التساؤلات حول الهدف من وراء هذه الزيارة وهل لها علاقة بالمفاوضات السياسية التي يجري التحضير لها وستنعقد فعليا في السادس من سبتمبر المقبل وفق تصريحات رسمية لفريق المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفث ، أم أن وراء ها هدف معاكس تماما وله علاقة بالتصعيد العسكري

من الواضح أن القاهرة ورغم أنها جزء من التحالف الذي تقوده السعودية للعدوان على اليمن منذ ثلاث سنوات ونصف ليست متحمسة كثيرا لهذه الحرب ورفضت مرارا إرسال قوات عسكرية برية إلى اليمن على غرار جارتها السودان التي تشارك بما يقارب عشرة ألف جندي ، واستمرت القاهرة بالتمنع وتمكنت من تجاوز الضغوط السعودية المكثفة

يقرأ الكتاب من عنوانه كما يقال فطريقة استقبال هادي في المطار وارسال وزير التربية والتعليم المصري لاستقباله وهو القادم من  عدن هذه المرة على خلاف العادة منذ بداية الحرب على اليمن ، اذ أن هادي كان يصل من الرياض ومن مقر إقامته هناك ، هذا الفتور في الاستقبال والترحيب يكشف جزءا من التوجه المصري بشأن الملف اليمني الشائك والمعقد وحذر القاهرة من الإنزلاق أكثر في حرب يجمع الكثير أنه لم تنجح ولن يكتب لها النجاح في المستقبل ، وإذا كان هناك طرف دولي وإقليمي يجب أن يسئل عن اليمن وصعوبتها وشراسة القتال فيها فهو الطرف المصري الذي خبر حرب قاسية في أواخر ستينات وسبعينات القرن الماضي ، هذه النقطة الأولي التي تؤكد استمرار الفتور المصري في الاستجابة المفتوحة لدعم التحالف المتعثر ، أما النقطة الثانية فهي تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلا المؤتمر الصحفي الثنائي الذي عقده مع هادي ولوح بشكل متكرر إلى دعم مصر لجهود الحل السياسي

نعم قد لا يكون هذا هو التحليل الوحيد والفريد لتفسير هذه الزيارة والموقف المصري فهناك متغيرات متعلقة بمعركة الساحل الغربي وأمن البحر الأحمر وبالطبع قناة السويس والمصالح المصرية وهي وجه نظر تقول أن هذه الزيارة تأتي بدافع جر مصر لتوسيع مشاركتها العسكرية البحرية بعد فشل الجولات الأولى التي قادها التحالف في الساحل الغربي اليمني المشرف على البحر الأحمر ومضيق باب المندب ، فهذا الجانب يحمل هواجس مقلقة كثيرا للسعودية التي أوقفت لأيام نقل نفطها من باب المندب بعد تعرض سفن حربية ( تقول السعودية أنها نفطية ) لهجوم صاروخي الشهر الماضي من قبل البحرية اليمنية التي تتبع العاصمة صنعاء ، ولم يحظى الإجراء السعودي بهبة دولية كما كانت تتوقع وتعاطى العالم معها ببرود بما في ذلك ابرز الحلفاء إذا ما استثنينا طبعا كيان العدو الإسرائيلي

هذا التفسير قد يكون مقبولا ويحمل الكثير من المنطق ولكن لماذا هادي ؟! وليس السعودية ؟! ، ولماذا أيضا على السيسي أن يكون أكثر قلقا في حين أن الغرب الذي يستورد النفط السعودي وقد يتسبب عزوف السعودية عن استخدام باب المندب والتعويض عن ذلك باستخدام باب الرجاء الصالح في ارتفاع أسعار النفط إلى نسب عالية جدا ، هذه تساؤلات تبحث أيضا عن إجابات تعزز هذا الافتراض لتفسير الهدف من الزيارة

التفسير الثالث لهذه الزيارة هو البحث عن دور مصري كوسيط لدى الإمارات لتهدئة الصراع المتصاعد بين هادي والتيارات العسكرية والسياسية والأمنية المحسوبة على أبو ظبي في عدن والمحافظات الجنوبية اليمنية بعد أن فشلت تفاهمات هادي _الإمارات بوساطة سعودية في يونيو الماضي بعد زيارات عديدة أو بالأحرى استدعاءات إلى أبو ظبي ومنها زيارة هادي ولقاءه محمد بن زايد بعد عام ونصف من  القطيعة والإحتراب وأثمرت هذه التفاهمات برفع الفيتو الإماراتي على عودة هادي إلى عدن ويبدو أنها النقطة الوحيدة التي نجحت من ملف يحمل نقاط كثيرة جوهرية عسكرية وأمنية وهو من ذكرناه في مقال سابق لهذه الصحيفة (رأي اليوم ) في يونيو

طلب الوساطة المصرية لدى الإمارات  فيه الكثير من الضعف ومزيد من الإذلال لهادي ومجموعته  وخصوصا أنه يتزامن مع حرب دموية بينية تحتدم منذ أكثر من عام بين مجاميع أبو العباس (مسجل ضمن لائحة الإرهاب الأمريكية ) ومدعوم إماراتيا من جهة  وحزب الإصلاح إخوان اليمن المدعومين من هادي من جهة مقابلة  ، وتجري هذه المواجهات وتصاعدت خلال الأيام الماضية في بعض المناطق بمدينة تعز وسط اليمن

كل هذه التفسيرات وجميعها واردة فهذه الزيارة لم تأتي من فراغ ولكن فرص نجاحها ضئيلة جدا والأيام القادمة ستثبت ذلك وبسرعة كبيرة فمياه الأزمة والعدوان على اليمن ليست راكدة على كل حال .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد