آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

بالأمس العراق ولبنان.. اليوم سوريا واليمن.. غدا.. من المسؤول عن اتساع النفوذ الإيراني؟

 

صالح القزويني

بعد 2003 تزايد الكلام عن النفوذ الإيراني في المنطقة، حتى أن هذا الكلام تحول إلى سياسة ممنهجة تثار بمناسبة أو من دون مناسبة عند الحديث عن إيران، فقبل إطاحة القوات الأميركية برئيس النظام العراقي السابق صدام حسين، كان انتقاد المعارضين للسياسة الإيرانية يقتصر على دعمها لحزب الله اللبناني.

انتقاد الدعم الإيراني لحزب الله تطور إلى محاربة النفوذ الإيراني في المنطقة عندما احتلت القوات الأميركية العراق، وبالتحديد عندما رفض أصدقاء إيران في العراق المشاريع والخطط الأميركية وتحولوا إلى عقبة كبيرة كأداء أمام أميركا مما أضطر واشنطن إلى اتخاذ قرار بالانسحاب من العراق.

وبالتزامن مع عرقلة أصدقاء إيران للمشروع الأميركي في العراق، شن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة حملة إعلامية ضد واشنطن وقالوا أنها قدمت العراق على طبق من ذهب لإيران.

بدأت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بممارسة الضغوط على إيران وتضييق الخناق عليها، ومع أن المبرر لذلك هو المشروع النووي الإيراني ومنع إيران من امتلاك القنبلة النووية، إلا أن أحد الأهداف الرئيسية للعقوبات وإطباق الحصار على إيران هو حسر نفوذها في المنطقة، وفي نهاية المطاف اضطر الأميركيون إلى الجلوس على طاولة واحدة مع الإيرانيين في بغداد، وأعلن الإيرانيون آنذاك أنهم يبحثون مع الأميركيين تسهيل انسحابهم من العراق والسعي إلى حل المشاكل التي يعاني منها العراق.

بمعنى آخر أن واشنطن التي مارست أنواع الضغوط على إيران من أجل حسر نفوذها في العراق، لجأت في نهاية المطاف إلى طهران من أجل توفير انسحاب آمن لقواتها من العراق، مما يشير إلى اعتراف ضمني أميركي بدور ونفوذ إيران في العراق.

استمرت الولايات المتحدة بممارسة ضغوطها على إيران، مما دفع طهران إلى الاستمرار في توسيع دائرة أصدقائها حتى وصل نفوذ إيران في العراق إلى حد أن الاطراف الدولية التي تريد مناقشة أي مشروع في العراق يزورون طهران لمناقشة مشروعها معها، كما أن أغلب الأطراف العراقية زارت وتزور طهران لبحث سبل حل المشاكل العالقة.

بالتزامن مع انسحاب القوات الأميركية من العراق اندلعت الأزمة السورية، كما أن بعض الدول العربية ومن بينها اليمن شهدت في ذلك الوقت تظاهرات ومسيرات، عرفت فيما بعد باسم (ثورات الربيع العربي).

ماكانت إيران لترسل مستشاريها، وماكان حزب الله وبعض الأحزاب العراقية لترسل قواتها إلى سوريا لو لم يقف العالم برمته وفي مقدمته الولايات المتحدة وأوروبا إلى جانب الجماعات المسلحة وقدموا كافة أشكال الدعم لها، الدعم الغربي والعربي للجماعات المسلحة في سوريا بدل أن يسدد ضربة قاضية للنفوذ والسياسة الخارجية الإيرانية، كان سببا في تحول إيران إلى لاعب أساسي في سوريا، واليوم تحظى عملية استانة التي تعتبر إيران أحد أركانها الأساسية بدعم أغلب دول العالم وكذلك الأمم المتحدة، وبذلك فأن الغرب وحلفاءه الذين كانوا يريدون حسر النفوذ الإيراني عبر ممارسة الضغوط على طهران أو إبقائه في أسوأ الأحوال في حدود لبنان وفلسطين؛ امتد إلى العراق وسوريا نتيجة السياسات الغربية والعربية.

كما أن النفوذ الإيراني ماكان ليتوسع في سوريا والعراق لولا السياسات الغربية والعربية، كذلك الحال في اليمن فإن إيران ما كانت لتصل لليمن لولا قرار المملكة العربية السعودية وبعض الدول العربية والإسلامية بشن الحرب على هذا البلد.

كانت الأمور تجري بشكل سلس وانسيابي في اليمن خاصة وأن اجتماعات الحوار الوطني كانت تشهد تقدما في مناقشة كافة القضايا، واتفقت كافة الأطراف على استلام عبد ربه منصور هادي رئاسة الجمهورية لفترة انتقالية لا تتجاوز سنتين وهي الفترة المحددة لإنهاء مناقشات الحوار، غير أن تشبث هادي بالسلطة وعدم تنازله عنها رغم انتهاء السنتين أدى إلى اندلاع الخلافات بين الأطراف اليمنية واندلعت الاشتباكات العسكرية بين بعض الأطراف ثم قررت السعودية شن الحرب على اليمن.

إيران شجبت ونددت بهجوم التحالف الذي تقوده السعودية على اليمن، فلم يجد الحوثيون وأصدقاؤهم الذي اتفقوا معهم على التصدي للتحالف الذي تقوده السعودية؛ أحدا يتعاطف معهم سوى إيران، ولولا قرارات مجلس الأمن الدولي وتهديدات بعض الدول لوقفت إيران بكل ثقلها إلى جانب اليمن، وأرسلت طائرة مساعدات إلى صنعاء إلا أن السعودية هددت بقصف الطائرة وإسقاطها، كما أنها أرسلت سفينة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى اليمن إلا أن التحالف أرغمها على التوجه لجيبوتي.

ماكان بإمكان إيران مد يد العون خاصة العون العسكري لليمنيين، فقام أصدقاؤها بهذه المهمة، الأمر الذي حول إيران إلى لاعب رئيسي في اليمن، فامتد النفوذ الإيراني إلى اليمن نتيجة السياسات التي انتهجتها السعودية وحلفاؤها في اليمن.

انتهت الضغوط والعقوبات الأميركية على إيران بالاتفاق النووي عام 2015، حتى أن حلفاء أميركا في المنطقة قالوا أن واشنطن كافأت إيران على اتساع نفوذها في بعض الدول بالاتفاق النووي، لذلك عارضوا هذا الاتفاق.

اليوم يسعى الرئيس الأميركي إلى فرض حصار خانق على إيران وممارسة الضغوط الشديدة عليها، وعبر أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة عن دعمهم ومساندتهم لسياسة ترامب تجاه إيران، ومع أن الذريعة هي الاتفاق النووي إلا أن أحد الأهداف الرئيسية من الحظر هو حسر النفوذ الإيراني في المنطقة، ولكن إذا كانت إيران تمد وتوسع من نفوذها مع كل جولة من الضغوط والسياسات الخاطئة فياترى أن سيصل النفوذ الإيراني هذه المرة؟

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/08/26

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد