التقارير

تقرير خاص: في #السعودية الصحافة "مهنة المجازفة بالحياة".. وصحافيون يعتزلون المهنة

 

وردة علي

قال صحافيون مستقلون إن حرية الرأي في المملكة السعودية معدومة، وإن السلطات السعودية تُضيق على الإعلام بحيث لا يوجد إلا الإعلام الرسمي، المتماشي مع سياستها كما تديره هي.

كلام الصحافيين جاء خلال لقاء مع صحيفة "خبير" الإلكترونية، بمناسبة اليوم العالمي "ضد الإفلات من العقاب بالنسبة إلى الجرائم بحق الصحافيين".

الصحافي المستقل والمغترب "هاني العبندي"، قال: أن الصحافي يمثل دور محورياً وهاماً ورافداً من روافد صناعة التغيير في الواقع الاجتماعي فهو حلقة الوصل بين المجتمع والسلطات على تنوعها والمناصب التي تتولاها.

رأى أن أسباب المُضايقات التي يتلقاها الكثير من الصحفيين في العالم يعود لعدد من الأسباب ولعل أبرزها هو مستوى التأثير الذي يمتلكه الصحافي من خلال أعماله الصحفية المتنوعة وخشية الكثير من الجهات والشخصيات منه.

مُضيفا: عن السعودية الحديث يطول بنا حيث أن الأمر مقلوب رأساً على عقب، فكما هو معلوم أن الصحافة والإعلام يمثلان "السُلطة الرابعة" من بعد السُلطات الثلاث، السُلطة التشريعية، السُلطة التنفيذية، السُلطة القضائية، إلا أنهما على العكس تماماً فهما لا تمثلان أي سُلطة مُستقلة حالهما حال بقية السُلطات الثلاث، فهي تحت التحكم المُطلق من قِبل العائلة الحاكمة مُنذ السيطرة على الجزيرة العربية وتسميتها "بالسعودية" فلا مجال بصورة مُطلقة إلى أي عمل صحفي مُستقل وحُر.

كُتاب رهن الاعتقال.. وصحافيون يعتزلون المهنة..

وبين العبندي بقوله: تم محاسبة ومُعاقبة الكثير من كتاب الرأي، واعتقال البعض كما هو مع صالح الشيحي، وأخيراً اغتيال الكاتب الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تُركيا.

وأشار إلى صحافي (يحتفظ باسمه) بسبب الظرف الأمني، قائلا: أعرف صحفي أحتفظ باسمه أعتزل العمل وابتعد عن شبكات التواصل الاجتماعي بسبب القبضة الأمنية علماً أنه طاقة وكفاءة صحفية متميزة ومُبدعة ومُستقلة.

وأشار إلى أنه يعمل بشكل مستقل وإن كان مضامينها تنسجم مع الموقف السياسي من العائلة الحاكمة وحلفائها في العالم، إلا أنني أسعى وأحاول أن يكون عملي الصحفي يتصف بالموضوعية، والمهنية، والمصداقية، أم حكاية عدم وجود الحياد في العمل الصحفي التي يتم تكرارها عند القراء فهو نتيجة عدم المعرفة الكافية لعالم الصحافة، حيث أن الحياد ليس مطلوباً على الإطلاق بل هو حالة صحية وطبيعية في أي عمل الصحفي.

الحديث عن تحرك من أجل تحقيق الطموح في الوصول إلى الحرية الصحفية في البلاد  سواء كان عبر برنامج مشترك مع زملاء فهو حتى الآن لا يعدو كونه أعمال فردية هنا وهناك، نعم هناك لجنة حماية الصحافة، ومراسلون بلا حدود حيث يتناولون مختلف قضايا الصحفية بما فيها حرية العمل الصحفي وما يتعرض له الصحفيون في مختلف الدول والتي من بينها السعودية.

وشدد على أن الحاجة  إلى المزيد من تزويدهم  بالمعلومات حول ما يتعرض له الصحفيين والشأن الصحفي والإعلامي، مُضيفا: كما لا يفوتني أن أوضح أن تحقق حرية العمل الصحفي جزء لا يتجزأ من أي عمل يدفع ويضغط على العائلة الحاكمة من أجل إطلاق يدها على الإعلام والصحافة، وهذا الأمر يحتاج إلى جهود كبيرة ومستمرة  لأن قدرة  النظام السياسي السعودي في السيطرة على الإعلام والصحافة لا تشمل من في الداخل بل يتجاوزها حتى من هو في الخارج من الدول العربية والغريبة، ولنا مثال ما يفعله الجيش الإلكتروني السعودي على موقع التواصل الاجتماعي  تويتر في الهجوم الممنهج والمستمر عبر قذائف الكذب، والشتم، والكلام البذيء الذي طال الجميع دون استثناء.

 اغتيال الكاتب خاشقجي يعد انقلابا كونياً..

ورأى أن اغتيال الكاتب الصحفي خاشقجي يعد انقلابا كونياً ليس لأنه كاتب صحفي سعودي، وليس لأنه فقط يكتب في أشهر الصحف الأمريكية الواشنطن بوست، بل لأنها تمت في موقع سيئ للغاية ” القنصلية“ و بطريقة في غاية الغباء الأمني، مع عدم الأخذ بعين الاعتبار الحسابات السياسية المحلية، والإقليمية والدولية التي تُلقي بضلالها حتى يومنا هذا.

مُضيفا: " أخطأ المرحوم جمال خاشقجي في تقدير الحسابات الأمنية انطلاقا من تاريخ من الثقة المتبادلة بينه وبين الجهات السعودية الرسمية حتى مع خروجه من البلاد قبل نحو عام، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال قبول هذه الجريمة البشعة وفق الروية التركية التي تعاملت مع القضية بذهاء سياسي بارع، كيف لا وأردوغان هو ثعلب سياسي في غاية الذكاء، فهو أمسك بأهم ملف من خلالها تمكن من تحقيق انتصارات سياسية، بحسب روية العبندي.

وتابع بقوله: أصبح أوردغان هو من يضع الشروط وعلى السعودية وأمريكا القبول بها، ومع ذلك لا يزال هناك الكثير مما يمكن التنبأ به، لنقلي نظرة على الآثار التي خلفها جريمة اغتيال خاشقجي في داخل الأسرة الحاكمة، مُضيفا: هاهي بريطانيا وأمريكا تتدخل في مصير العائلة بعد تزايد الضغوط الدولية على ولي العهد محمد بن سلمان بسبب مسؤوليته عن جريمة جمال خاشقجي،  مما دفع في عودة الشقيق الأصغر للملك سلمان  أحمد بن عبد العزيز إلى البلاد بعد إقامته في  لندن وذلك مع وجود ضمانات أمنية أن لا يتم الاعتداء عليه ودعم موقفه.

وتابع الصحافي العبندي قوله: المعلومات التي ترد من قبل نشطاء سعوديون تكشف عن مستوى عالياً من تصاعد وتيرة الخلافات بين ولي العهد والأمير أحمد وبقية الأمراء المؤيدين له والرافضين إلى استمراره في ولاية العهد، فيما تستمر تُركيا في الضغط الإعلامي والسياسي عليه وكذلك الإعلام الدولي.

رسالة الاغتيال هي رسالة دم لكل من يُمارس النقد والاعتراض على سياسة بن سلمان

 كما يجب هنا التأكيد على أن رسالة الاغتيال هي رسالة دم لكل من يُمارس النقد والاعتراض على سياسات محمد بن سلمان والعائلة الحاكمة وحلفائها في العالم، فنحن وإن كان في الخارج وتحت سُلطة القانون ووجود مخُتلف الحريات بما فيها الحرية الصحفية، إلا أن ذلك لا يعني أننا بعيدون عن الخطر، يكفي أن أطلعكم على رُسُول النظام إلى أي فعالية تقام ضد الفساد السياسي، فضلاً عن سعيهم الدائم والمستمر إلى اختراق أجهزة النشطاء والمعارضين في الخارج وليس أخرهم عمر عبد العزيز الزهراني، لعلى الأيام تكشف عن غيره.

وعن سؤاله هل برأيكم نحن بحاجة لإعلام يُخالف السياسة المُتبعة في السعودية من قبل السلطات... ولماذا؟

الأمر لا يتعلق بمسألة الحاجة من عدمها، بل يتجاوزها، فحينما يتحول العمل الصحفي إلى مُجرد مُلمع لقرارات السلطة السياسية وإن كانت تعدل عن قراراتها ألف مرة في اليوم فهنا أولاً يفقد الصحفي مصداقيته وبالتالي ينعكس كلياً على المؤسسة التي ينتمي لها ويعمل فيها، ويكفي نظرة على برنامج ”جو شو“ الشهير الذي يُقدمه اليوتيوبر يوسف حسين على قناة التلفزيون العربي حيث يكشف عن حجم التناقض الفاضح بين المواقف الصحفية بسبب التغيير في القرارات السياسية التي يصدرها محمد بن سلمان.  ولهذا يجب أن يكون لدينا صحافة وإعلام مستقل عن السُلطة السياسية وأن يُعبر عن مختلف الشرائح الاجتماعية في البلاد وما عدا ذلك لا يمكن تسميته في إعلام أو صحافة.

العمل الإعلامي الأكثر استقلال عن صُناع القرارات السياسية، والحزبية والمالية هو أكثرها قدرة على الكشف عن الواقع بكل تفاصيله ولكن الأمر لا يعني فقط استقلال فنحن أمام مصالح متشابكة ومعقدة بين دول وأحزاب سياسية دولية.

الصحافة "مهنة المجازفة بالحياة"..

مُنذ مراحل مُبكرة من العمر وعلاقة نفسية متبادلة بين الكتابة وكانت البداية في الإطار الأدبي كنصوص  قصيرة أو محاولات شعرية، إلا أن الشغف في ممارسة العمل الصحفي انطلاقا من أهمية هذه العمل ودوره، جعلتني أتمسك به بالرغم من الصعوبات والتحديات الكبيرة جداً إلا أنني أسميها ليس ”مهنة البحث عن المتاعب” بل مهنة ”المُجازفة بالحياة” حيث أن الأمر لا يشمل فقط كشف وتتبع القصص الصحفية التي تُزعج الأنظمة السياسية أو السياسيين بصورة عامة، بل الأمر يشمل كل من يخشى من أن يُكشف عن أعماله التي تخالف القانون أو تُساهم في إفساد الدولة ومؤسساتها والذي ينعكس على حياة المواطنين.

 الوضع الأمني خانق للغاية..

وأشار إلى رسالته إلى المجتمع في الداخل، قائلا:  الوضع الأمني خانق للغاية إن لم تستطع تحمل كلفة العمل الصحفي فلا تكون مُلمع أحذية إلى السًلطة السياسية فالصمت أكثر شرفاً، وبخصوص المجتمع في الخارج، ليس مطلوب منكم أن تعملوا  تحت الأضواء، يمكنكم العمل بعيداً عنها وذلك من أجل تحقيق الكثير من المكاسب سواء كانت سياسية أو صحفية، لو يعود بي الزمن لربما كان القرار هو العمل بعيداً عن الأضواء حتى أستطيع بناء ذاتي صحفياً بشكل أقوى مع فريق عمل صحفي، لنتخيل المشهد لو كان هناك صحفي من القطيف أو الأحساء أو حتى المدينة يصل إلى داخل البيت الأبيض وحضور مُختلف الفعاليات والمناسبات؟ كيف سيصبح المشهد حينها؟ أترك الإجابة إلى الزملاء.!

**السلطات السعودية تتظاهر برقيها بينما تمارس أفظع أنواع القمع والإرهاب..

بدوره قال الصحافي المستقل "ح.س"، أن الصحفيين يتعرضون في أرجاء العالم إلى المضايقات نظير ما يقدمونه من نشر للحقائق خصوصا أولئك الصحفيين الذين يحملون رسائل وقضايا محقة والتي تفضح الأنظمة الفاسدة ومنه المملكة السعودية التي تتظاهر برقيها بينما تمارس أفظع أنواع القمع والإرهاب ضد أبناء شعبها ممن يطالبون بنظام حكم عادل وإصلاح في جميع مفاصل الدولة.

 النظام السعودي لا يعرف سوى لغة السحق وتكميم الأفواه..

وتابع قوله: مقتل الصحافي جمال خاشقجي دلالة على هشاشة النظام السعودي وأن كل من ينتقد هذا النظام الذي لا يعرف سوى لغة السحق وتكميم الأفواه سوف يقتل ويباد، حتى لو كانوا خارج أسوار المملكة بدعوى الإساءة المملكة وأحيانا الدين، ولايمكن لهكذا نظام أن يصمد أمام  تراسنة إعلامية ضخمة إذا ما قررت الدول الاستكبارية تشغيل وسائلها الإعلامية لسحق المملكة وتدميرها.

وأكد الصحافي المستقل:  لابد من إعلام مخالف للسلطة يمكنه النهوض بقضايا الشعب ويحمل مطالبه و رؤاه، لأن النظام السعودي والذي يستأثر فيه أفراد عائلة واحدة بكافة السلطات و التشريعات يحتاج إلى هكذا انتقاد لتقويم الاعوجاج فيها وليرى العالم حقيقة ما يحدث في المملكة.

وشدد بقوله إن الإعلام المستقل غير كافي، مُضيفا: بل أجد لا بد من وجود أنشطة ظاهرة على الساحة توصل حقيقة النظام في المجتمع وتنشر الوعي بحقوقه.
 
وقال إن هدفه من مهنة الصحافة هو "إظهار المظلومية التي يعانيها المستضعفون في أرجاء الكرة الأرضية من قوى الاستكبار الذي يغلب مصالحه الشخصية على مصلحة البشر".

آل سعود تسلطوا على الحقوق و نهبوها ضمن "عبارة دستورنا الكتاب والسنة"..

وأشار إلى أن رسالته: هي  "يجب على هذا الشعب أن يعي، يبصر حقائق هذا النظام ويجب عليه الوعي بحقوقهم التي تسلط عليها  آل سعود والتي نهبوها ضمن "عبارة دستورنا الكتاب والسنة" والتي لا يعمل بها كأنظمة في المملكة  ولا يُعترف بها؟".

وختم بقوله:  أعتقد أن مقتل خاشقجي يجعل كل إنسان حر يهب للدفاع عن حقوق المظلومين ولا يهاب الظالمين في سبيل إظهار الحقيقة التي تخفيها أدوات السلطة من مخابرات وسائل إعلامية مأجورة.

**هل هناك صحافي واحد داخل السعودية يُعارض السلطة؟!

من جانبها قالت إحدى الصحفيات والتي طلبت عدم الكشف عن اسمها تقول: أنا أسئل المنظمات الحقوقية، هل ترون صحافي واحد مُعارض حر طليق في السعودية؟

وأضافت: في المملكة السعودية لا تُقمع فقط لأنك كتبت مقالة في صحيفة، أو تُحبس لأنك كتبت خبر لا يتناسب مع سياستهم، بل حتى وإن غردت بكلمة خارج  السرب، في موقع تويتر، ستجد نفسك خلف قضبان الحديد.

حالة قمع مفرطة..

تضيف الصحافية: نحنُ نشهد عصر دكتاتورية بكل مفرط وفظيع، أنت لا تستطيع حتى الكلام، والتنفس، لا تستطيع حتى أن تقول مثلا بأن زوجي معتقل أو أخي أو أبي.
حتى عندما تُريد أن تقول بأن المعتقل الفلاني تعرض للتعذيب مثلا: تُهدد بكل أنوع التعذيب الجسدي والنفسي، ويتم تهديد المعتقل بأنه سيطول بقاؤك متى ماتحدث أقرباؤك عنك، فيصمت الجميع وتضيع الحقوق.

أما آن لقلوب العالم وعقولهم أن تعي حقيقة النظام السعودي؟

وعن قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي تقول: إلى متى العالم سيبقى صامتا على جرائم السلطات السعودية؟

أما آن لعقولهم وقلوبهم أن تسمع وترى حقيقة هذا النظام المستبد القمعي والوحشي، تضيف: قضية خاشقجي كانت قضية بارزة لكل العالم، لكن الصمت الذي تشتريه السلطات السعودية بالأموال يُكمم الأفواه بالخارج.

نُطالب المنظمات الحقوقية و منظمة "مراسلون بلا حدود"، أن تضغط على السعودية بشأن الصحفيين المُحتجزين، وتُطالب السعودية بإعطاء الحرية للصحافة في مُمارسة حقها الطبيعي، بل نحنُ نُطالب بحرية القلم حتى لؤلئك الذي يكتبون في وسائل التواصل الاجتماعي تعبيرا عن رأيهم.

يُشار إلى اليوم الثاني من نوفمبر "يوما عالميا ضد الإفلات من العقاب بالنسبة إلى الجرائم بحق الصحافيين"، اليوم الذي أعلنته اليونسكو وذلك تكريما للفرنسيين جيسلان ديبون وكلود فيرلون اللذين قتلا في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2013 في مالي.

أضيف بتاريخ :2018/11/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد