آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إبراهيم الأمين
عن الكاتب :
صحفي لبناني ورئيس تحرير صحيفة الأخبار اللبنانية

والله إنك طولت بالك عليهم كتير!


إبراهيم الأمين  

مشكلة القوى السياسية الآتية من رحم 14 آذار، أنها رهينة عقلية دونية. مشكلة هؤلاء، ادعاء الاستقلالية وحق التعبير وتقرير المصير وحق التمثيل السياسي الحقيقي. أما في واقع التجربة، فإن دونية تسكنهم أمام من يعتقدون أنه يوفر لهم الحماية. وللأسف، صار لزاماً على الناس معرفة كيف يعيش هؤلاء. من أين يحصلون على دخلهم الشهري، وكيف يتمكنون من العيش برفاهية كل الوقت وفي كل الأمكنة؟ ومن يحصل على الجواب الحقيقي، يفهم بأي عقلية ونفسية يتصرفون. ولذلك، فإن فكرة التعامل معهم بندية طبيعية، أي بعلاقة متوازنة بين مواطن ومواطن، هي فكرة غير واقعية. ولذلك، تأخر السيد حسن نصرالله في الإعلان ـــ لأن اقتناعه واضح ـــ أن مشكلة هؤلاء لا تعالَج بالتواضع وما سمّاه الآدمية.

يعني، ومن دون الحاجة إلى سرد تاريخي:

هل يقول لنا الدكتور سمير جعجع ونواب «القوات اللبنانية» ووزراؤها، ومرشحوه للمناصب الوزارية الجديدة، ما هي إنجازات دولة نائب رئيس الحكومة في وزارة الصحة، الحقيبة الأكثر أهمية التي تولاها وزير من «القوات» بعد عقود من الحرمان من جنة السلطة؟

ثم باعتبار أن «القوات» تمثل قدر الأحرار في لبنان والعالم، هل لهم أن يشرحوا لنا موقفهم من جريمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي؟ أم أنهم ينتظرون نتائج التحقيق، أو لم يسمعوا رواية رسمية، أو أنهم يشككون في ما يقوله الإعلام المناهض للسعودية؟

هل يشرح لنا «الزعيم المفدى» وليد جنبلاط، كيف تجري إدارة المشاريع العامة والخاصة في مناطق سيطرته، بين الشوف وعالية ووطى المصيطبة؟ وكم ربح من قطاع النفط الشرعي وغير الشرعي طوال ثلاثة عقود؟
ثم، هل يتابع بن جنبلاط ما الذين يفعله بن سلمان في اليمن وبقية العالم العربي؟

هل يمكن للرئيس سعد الحريري، ومعه قيادات «المستقبل» بكل أشكالها وولاءاتها، أن يقدموا لنا شرحاً عن حقيقة ما حصل معه في السعودية قبل عام، ولماذا قرر الحاكم بأمر المنشار حرمانه من دوره السياسي، وكيف أعيد الاعتبار إليه؟ وهلّا أخبرنا الحريري كيف سيتصرف وفريقه مع حاجاته المالية ونفقاته بعدما أقفلت أبواب التمويل التجارية والسياسية من السعودية والإمارات العربية المتحدة؟

هل يحتاج أحد إلى شرح واقع حركة «أمل» بعد 35 عاماً من الحضور داخل الدولة، وكيف تراجعت القوة السياسية والشعبية لمصلحة الزعامة الشخصية للرئيس نبيه بري، الذي يواجه صعوبات كبيرة في معالجة معارك أهل البيت السياسي الضيق منه والأوسع، ولماذا لا يزال الشيعة في حالة إنهاك عام، رغم كل ظواهر التحدي القائمة في الشارع؟

هل راجع العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل تاريخ لبنان القصير، وكيف أن الحكم المطلق بيد المسيحيين، منذ الانتداب حتى نهاية الحرب الأهلية، كانت نتيجته هجرة المسيحيين من لبنان، وزيادة معدلات الفقر عندهم، والفوضى في المناطق التي يعيشون فيها، حيث توجد نسبة عالية من مخالفات قوانين البناء والاعتداء على الأملاك العمومية، وكيف أن تجربة المسلمين من بعدهم لم تأت لقبائل الشيعة والسنّة والدروز والعلويين إلا بمزيد من الفقر... ثم نراهم اليوم يرفعون شعار: استعادة الحقوق؟

ليس للحريري الحق في المطالبة بالمقاعد السنّية الستة، ولا في مقايضة عون بمقعد سنّي من حصة غيره

كيف يحصل كل ذلك، بينما يستكثر كل هؤلاء على مجموعة من سياسيي لبنان (تطال الانتقادات أداءهم وسلوكهم كبقية السياسيين في البلاد) أن يتمثلوا بوزير واحد في حكومة ليس معلوما إذا كانت ستحل مشاكل لبنان أو تزيدها تعقيدا؟

هل من تفسير لموقف الرافضين لتوزير هذه المجموعة، غير عقلية الإقصاء والبلطجة وشعار «وحدي لا شريك لي» الذي رفعه محمد بن سلمان في الرابع من تشرين العام الماضي، عندما قرر إقصاء جميع أهل بيته؟

ولأن القواعد العلمية لا تحتاج إلى تفسيرات سياسية، فالأمر هنا يقف عند معادلة بسيطة، وهي أن هذه المجموعة من السياسيين الذين ينتمون إلى الطائفة السنية المحتكرة قيادتها لآل الحريري منذ 25 سنة، لها الحق في أن تتمثل أسوة ببقية القوى والمجموعات السياسية اللبنانية، وهي تمثل شريحة من اللبنانيين يفوق حجمها من يتمثل في اللقاء التشاوري نفسه.
وهي تمثل السنّة الذين خسروا في الانتخابات (وهؤلاء مواطنون) وتمثل السنّة الذين صوّتوا لمرشحين من غير طوائف، لكنهم في نفس الخط السياسي لهذه المجموعة، وهي تمثل القواعد الاجتماعية لفريق من سنّة لبنان الذي لا يقبل بزعامة آل الحريري، حتى ولو ذهبت أصوات هذه القواعد لنواب يقولون اليوم إنهم مستقلون.

تُظهر أرقام الانتخابات أنه يحق للحريري بأربعة وزراء من السنّة على أبعد تقدير. أما الحصة الباقية، وهي وزيران، فيجب أن تذهب إلى خصومه الذين فازوا بعشرة مقاعد نيابية.

وبالتالي، ليس له الحق في المطالبة بالمقاعد السنّية الستة. وليس له الحق حتى في مقايضة الرئيس ميشال عون بمقعد سنّي من حصة غيره. وما كان يجب على الرئيس عون أن يقبل هذه المقايضة. بل كان الأحرى برئيس الجمهورية أن يدافع عن حقوق بقية المجموعات اللبنانية كما دافع عن حقوق جماعته. لأنه رئيس الجمهورية، ولأنه الرئيس الذي كان خصوم الحريري إلى جانب معركته في الوصول إلى رئاسة الجمهورية، ما كان عليه أن يقبل بهذه المقايضة. ولذلك، فهو مسؤول بنفس قدر مسؤولية الحريري عن إيجاد حل لهذه المشكلة. ولو أراد البعض من حوله أن يروه رئيساً ممثلاً للمسيحيين، فنحن سنظل نراه رئيساً يأمل اللبنانيون أن يكون رئيسهم جميعاً. ولذلك بيده الحل.

ذات مرة، سعى السعوديون إلى إقناع أحد أصحاب وسائل الإعلام بالعمل لمصلحتهم مقابل توفير دعم مالي له. قبِل الرجل، لكنه قال إنه لا يقدر على تبنّي الخط السياسي للسعودية، ومهاجمة سوريا والمقاومة. فقيل له: حسناً، لا نريد منك أن تدافع عنا، نريد منك مهاجمة منتقدينا. فوجد الرجل ضالته بأن اختار بعض خصوم السعودية وصار يجلدهم صباحاً ومساءً.

هل من تفسير لموقف الرافضين لتوزير هذه المجموعة غير عقلية الإقصاء والبلطجة وشعار محمد بن سلمان؟

الآن، ثمة مرتزقة بين سياسيي لبنان وإعلامييه، من الذين يعيشون على «خير أهل الخير في الجزيرة»، لكنهم عبّروا عن صعوبة استمرار الدفاع عن السعودية. فقال لهم وكيل المملكة في لبنان: «لا نريد منكم الدفاع عنا، نريد منكم مهاجمة خصومنا»... وقد وجدوا ضالتهم اليوم في تولّي الرد على كلام السيد حسن...

حسناً أيها الشجعان. بما أنكم أهل الاستقلال والسيادة والموقف الحر، والكرامة التي ما بعدها كرامة، وأن البطون التي حملتكم هي غير البطون التي حملت الآخرين، وبما أنكم تعتقدون أنكم من مواطني الدرجة الأولى «أيها البيض»، وأنه لا يمكن مقارنتكم بمواطني الدرجة الثانية «هوليك اللي ما بعرف منين جايين»... فما عليكم إلا الاستعانة بوليّ نعمتكم، وسيدكم، أبو المنشار ما غيره، وبالتعاون مع شبكة عوكر للدعارة بكل أنواعها، وأن تقرروا مستقبل البلاد... يللا الأمر بأيديكم!
أنت يا سيد حسن، شو بيعرفك بإدارة البلاد والمؤسسات، وأنت أصلاً شو خصك بالقرار الحر والسيادة والاستقلال، وأنت منين لوين بتعرف حق التمثيل وحقوق الناس... أنت شو خصك لتحكي أصلاً؟
والله إنك لطويل البال!

وفق الأرقام الواردة في كتاب الانتخابات النيابية لعام 2018 الصادر عن «الدولية للمعلومات» ودار «كتب»، يمكن الوصول إلى النتائج الخاصة بالمقاعد النيابية الـ27 التي يشغلها نواب ترشّحوا عن الطائفة السنية.

يشرح الجدول أدناه كيفية توزيع الأصوات التفضيلية للناخبين السنّة على النواب الفائزين من الطائفة السنية، وليس على كل النواب الناجحين عن بقية الطوائف.

يشار إلى أن تيار المستقبل عمد خلال الأيام القليلة الماضية إلى تعميم جدول يورد فيه النتائج، لكنه يقول في الخلاصة إن نواب اللقاء التشاوري حصلوا على 43300 صوتاً تفضيلياً سنّياً، من أصل 481680 صوتاً تفضيلياً سنّياً، ليصل جهابذة "المستقبل" إلى القول إن نسبة ما ناله نواب "اللقاء التشاوري" هو 8.9 في المئة من إجمالي الأصوات.

وإذا أخذنا بقاعدة «المستقبل» هذه، فإن النواب السنّة الـ17، المنضوين في كتلة الرئيس سعد الحريري، قد حازوا 168332 صوتاً تفضيلياً، وبالتالي فإن نسبتها من إجمالي الأصوات التفضيلية السنيّة هي 34.9 في المئة. وبالتالي، سيكون هناك 270 ألف صوت تفضيليّ سنّي غير ممثلين، لا في المجلس النيابي ولا في الحكومة.

الجدول التالي، يفترض أن يوضح الصورة لمن لا يريد المكابرة ولا الزعبرة، فاقتضى التوضيح:

أضيف بتاريخ :2018/11/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد