آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عصام نعمان
عن الكاتب :
محامٍ لبناني منذ 1973 يحمل الإجازة في الحقوق ، شهادة الدكتوراه في القانون العام ، شهادة الماجستير في العلوم السياسية ، وشهادة البكالوريوس في الإدارة العامة أستاذ محاضر في القانون الدستوري ، كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية 1979 – 1989

متاعب نتنياهو تنتهي باستقالته أم بحرب؟

د. عصام نعمان

يعاني بنيامين نتنياهو متاعب شتى، قانونية وسياسية وعسكرية. الشرطة «الإسرائيلية» أوصت بتقديم لائحة اتهام ضدّه وضدّ زوجته سارة لمحاكمته على وجود علاقة رشوة ومنح تسهيلات ضريبية لمالك شركة اتصالات وموقع «والا» الإخباري مقابل إعطائه «تغطية صحافية ودودة». كما يواجه نتنياهو اتهامات مماثلة في قضيتين أخريين تتعلقان بقبوله هدايا من رجال أعمال ومحاولته التوصل لاتفاق مع قطب إعلامي آخر للحصول على تغطية أفضل مقابل فرض قيود على صحيفة منافسة.

نتنياهو باقٍ في منصبه رغم كلّ هذه الإتهامات لأنّ «قانون أساس» الحكومة يسمح له بذلك إلاّ إذا تمّت إدانته جنائياً بعد محاكمته. المعارضة بشخص رئيستها تسيبي ليفني دعته إلى الرحيل «قبل أن يقوّض بمخالفاته سلطات إنفاذ القانون». وسائل إعلام عدّة أيّدت دعوة المعارضة. عضو كنيست سابق ذكّره بموقفه قبل عشر سنوات كان حينها رئيساً للمعارضة وطالب رئيس الحكومة آنذاك إيهود أولمرت المحاصر بشبهات بأن يستقيل.

نتنياهو يتجاهل انتقادات معارضيه. يبدو حائراً بين اتخاذ أحد موقفين: إجراء انتخابات مبكرة للحصول على تفويض شعبي جديد ما يضطر المدّعي العام إلى التفكير مرتين قبل الادّعاء عليه، أو زجّ الكيان الصهيوني في حربٍ على لبنان والمقاومة المتجذرة في جنوبه مؤمّلاً بأن يخرج منها بطلاً وبالتالي مبدّداً للاتهامات الموجّهة إليه.

خيار الانتخابات المبكرة مفهوم ومطلوب. لكن لماذا الحرب على لبنان؟

ثمة إشارات وتحليلات متعددة. ففي أواخر الأسبوع الماضي أمر نتنياهو، بوصفه وزيراً للدفاع، بشنّ عملية «درع الشمال» لتدمير أنفاق امتدّ أحدها إلى محيط مستوطنة المطلّة القريبة من حدود لبنان مع فلسطين المحتلة. اقتصارُ العملية التي بدأت وسط ضجة إعلامية ضخمة على قيام جرافتين بأعمال حفرٍ محدودة أثار ردود فعل سلبية وساخرة. المعلّق العسكري يوسي هايوشع قال ساخراً «إنّ حزب الله لا يحتاج إلى نفق للوصول بصواريخه إلى عمق البلاد»!

إزاء ردود الفعل السلبية المتزايدة، استعاض نتنياهو عن عنوان «درع الشمال» بتعبير «نشاطات» يقوم بها الجيش على الحدود. ثم ما لبثت وسائل إعلامه أن عمّمت صورة لرجلين غير مسلحين في نفق يبدو آخره مفتوحاً على فتحة مضيئة، يسارعان إلى الخروج منه بدعوى أنه «بعدما كشف جنود إسرائيليون لا يظهرون في الصورة أمرَهم» غير أنّ صورة النفق غير الموثقة وغير المُقنِعة حملت إعلاميين معارضين إلى التساؤل عن الغاية من الحديث عن كشف أنفاق سبق للسلطات العسكرية أن أعلنت عن كشفها العام 2014؟

انكشافُ هذه المناورات الإعلامية الهزيلة حملت وسائل إعلام نتنياهو على التركيز على ما هو أهمّ: ذهابه، بوصفه أيضاً وزيراً للخارجية في حكومة مستمرة بعد استقالة افيغدور ليبرمان بغالبية صوت واحد إلى بروكسل لدعم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الموجود هناك لمطالبة وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي بفرض عقوبات على إيران لإجرائها تجربة على صاروخ باليستي متوسط المدى يمكن أن يطاول «إسرائيل» ودولاً أوروبية. صحف إسرائيلية عدّة كشفت أيضاً انّ للقائه بومبيو غاية إضافية هي إقناع الولايات المتحدة بضرورة فرض عقوبات على لبنان لتهاون حكومته مع حزب الله الذي أقام مواقع ومعامل لصنع الصواريخ ولتطوير دقة تصويبها تحت طائلة ضربها وتدميرها إذا امتنعت الحكومة اللبنانية عن التعاون في عملية إزالتها.

إلى ذلك، كشف رئيس الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين في مقابلة مع إذاعة FM 103 أن الهجمات الجوية الإسرائيلية داخل سورية انخفضت إلى الصفر تقريباً لأنّ الإيرانيين غيّروا تكتيكهم وأوقفوا توريد الصواريخ لحزب الله عبر سورية «بعدما نقلوا كلّ شيء إلى لبنان»، بمعنى أنهم ساعدوا الحزب في بناء مواقع ومعامل لصناعة الصواريخ وتطوير دقة تصويبها في داخل لبنان.

هذه الوقائع زادت من مخاوف الإسرائيليين، مسؤولين ومواطنين، من تداعيات تعاظم قدرات حزب الله وتهديداته. ها هو قائد الجبهة الداخلية اللواء تامير يقول إنّ الجبهة المذكورة ستواجه تحديات كبيرة خلال أيّ حرب مقبلة وأنّ الإسرائيليين في تل أبيب لن يتمكّنوا من تناول فنجان قهوة خلالها نتيجة خطورتها «معاريف» 2018/11/29 . رئيس هيئة الأركان السابق اللواء دان حالوتس اعترف بعد عملية خان يونس الفاشلة بأنّ «إسرائيل فقدت قوة الردع».

إزاء كلّ هذه الوقائع والمخاوف، ينهض سؤال: هل يلجأ نتنياهو، الغارق في متاعبه القانونية والسياسية والأمنية، إلى عملية يائسة أملاً بالخروج من المتاعب بشنِّ حربٍ على لبنان؟

كثيرون من أهل الرأي في «إسرائيل» يستبعدون ذلك. أما في لبنان فيجزم أهل الرأي والخبراء العسكريون بأنه إذا فعل فستكون هزيمته مدّوية.

وزير سابق

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2018/12/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد