آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
نبيل نايلي
عن الكاتب :
باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

الانسحاب الأمريكي.. رهانات خاسرة على جواد منهك!

 

د. نبيل نايلي

“هل تريد الولايات المتحدة أن تكون شرطي الشرق الأوسط؟ وألا تحصل على شيء غير خسارة أرواح غالية وإنفاق آلاف ترليونات الدولارات لحماية أشخاص، لا يثمنون في مطلق الأحوال تقريبا ما نقوم به؟ هل نريد أن نبقى هناك إلى الأبد؟ حان الوقت أخيرا لكي يقاتل الآخرون”. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

بعد كلّ الدمار والخراب الذي حلّ بسوريا والعراق واليمن وليبيا وكلّ الأواني المستطرقة نتيجة سياسة رعناء ادعت لسنوات أنها تحتلّ سوريا فقط لأنها تحارب بعبع الإرهاب تنظيم داعش هذه السيدة سارة ساندرز، المتحدّثة باسم البيت الأبيض تعلن: ”سيتِم سحْب كُل القُوّات الأمريكيّة في سورية -2000 جُندي من الوحدات الخاصّة- في غُضونِ شَهرين أو 3 أشهر على الأكثَر، وهذا مَسؤولٌ أمريكيٌّ آخَر في يزفّنا نبأ جَلاء جميع مُوظَّفي وِزارَة الخارجيّة الأمريكيّة مِن سوريا خِلال 48 ساعة.

القرار الأمريكي مفاجىء وغريب ويترك الكثير من الأيتام -الصهاينة في مقدمتهم فالمعارضة والمراهنين على السراب أكرادا وتركا فقد أعلن مَبعوث أمريكا لدى التحالف الدوليّ في الحَرب على الإرهاب في سوريا، بريت ماكغورك، -قبل أُسبوع فقط- أنّ القُوّات الأمريكيّة باقِيَة لبعض الوقت، كما حَذَّر وزير الدفاع المستقيل جيم ماتيس، أكثَر مِن مَرَّةٍ هذا الشَّهر “مِن أيّ انسِحاب مُتَسَرِّع مِن سوريا لأنّه سيَتْرُك فَراغا سيملؤه الرئيس الأسد وحلفاؤه في إيران وروسيا، أيضا توعّد السناتور الجمهوري ليندسي غراهام.

فما هي الأسباب التي تقف وراء هكذا قرار؟ ثم لماذا الآن؟

لا عزاء لأيتام القوات الأمريكية التي ترحّل قواتها مؤاثرة كالعادة مصلحتها وباصقة على وجوه من راهنوا لتدمير وطنهم-غضبة لله- أو لتدريبهم أو لمنحه قواعد العار أو لحماية أمنهم القومي !أمّا أنّ المُحلّل السياسيّ حيمي شاليف محقّ حين يؤكّد ” قرار ترامب بصقة في وجه إسرائيل، وأنّه يتحتّم على الأخيرة أنْ تحلِف بأنّ البصقة هي أمطار البركة!”؟

ما الذي يعنيه الرئيس الروسي الذي نوّه بقرار ترامب واعتبره “صائبا ” حين يقول:” حتى الآن لا أرى مؤشّرات على أيّ انسحاب، لكنّنا نفترض أنّ هذا أمر ممكن”.؟؟؟؟؟

كيف يجرؤ هذا المنسحب من أفغانستان وسوريا وقد شهد تنظيم داعش في عهده ” البقاء والتمدّد” أن يغرّد:”أنا أبني أقوى جيش في العالم على الإطلاق. إذا قام تنظيم الدولة الإسلامية بضربنا فيكون حكم على نفسه بالهلاك ..حان الوقت للتركيز على بلدنا”!!!

الناطق باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي يقولها دون مواربة ويُقرّ أنّ هذه الحرب المستدامة أحرزت “تقدّما كبيرا لكن لا يزال هناك كثير من العمل ويجب ألا نغفل عن التهديد الذي يشكله تنظيم داعش. حتى بدون سيطرته عل أراض، لا يزال يشكّل تهديدا”؟ أيّ جنون وأيّ سذاجة وحمق سيفسّر به لنا جهابذة الافتاء مثل هذه القرارات؟

القرار الأمريكي مناورة كان أو ابتزازا أو كسبا للوقت سيستفيد منه لاعبون إقليميون ودوليون كثر وللأسف لن يكون الدرس أو الموعظة التي ستُستخلص من طرف هؤلاء الذين وضعوا كل بيضهم في السلال الأمريكية!

متى سيطالب هؤلاء الذين يبنون جيوشا قوية بالتعويض عن جرائم حروبهم ضد من عبّد لهم طرق فوضاهم غير الخلاقة؟

الآخرون يقاتلون ويدفعون بحق –سيد ترامب- ضرائب ما تزرعه امبراطورية الشر المحض بين ظهرانينا ثم تلبس ثوب رجل الإطفاء!!!!

هل يظلّ لما قاله رياض درار، الرئيس المشترك لمجلس “سوريا الديمقراطية” وهو يقول: إنّ “انسحابهم سيكون على حساب وجودهم المستقبلي في منطقة الشرق الأوسط، وسيعلنون خسارتهم بذلك أمام حلف الشرق المتمثل بتركيا وروسيا وإيران”.؟؟؟؟

نتطلّع دوما لرؤية سوريا موحّدة وحرّة وخالية من الحضور العسكري الأجنبي –أعداء وحلفاء- لتتفرّغ أخيرا لإعادة إعمار الإنسان والديار!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/12/25

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد