آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. عصام نعمان
عن الكاتب :
محامٍ لبناني منذ 1973 يحمل الإجازة في الحقوق ، شهادة الدكتوراه في القانون العام ، شهادة الماجستير في العلوم السياسية ، وشهادة البكالوريوس في الإدارة العامة أستاذ محاضر في القانون الدستوري ، كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية 1979 – 1989

هل سيستهدف ترامب بعدوانه منشآت إيران النفطية.. أم صناعتها الصاروخية؟

 

  عصام نعمان

في 2 مايو /أيار المقبل تنتهي مهلة سمح خلالها دونالد ترامب لثماني دول باستيراد النفط من إيران. بعدها سيعرف الرئيس الأمريكي ما إذا التزمت هذه الدول إنذاره بوقف استيراد النفط الإيراني؟ أم أنها ما زالت ممعنة في ذلك. من المفترض أن يكون ترامب تحسّب لاحتمال راجح بأن يتجاهل بعض هذه الدول إنذاره، فكيف تراه يتصرف؟

الأمر يتوقف على حجم الدولة «المتمردة» ووزنها السياسي والاقتصادي، ذلك أن بعضها حليف أو شريك ويمكن حمله على الامتثال، كاليابان والهند وكوريا الجنوبية، وقد امتثلت فعلاً. بعضها الآخر ندّ قوي، كالصين، أو حليف متأرجح، كتركيا، قد يجد ترامب صعوبة كبيرة، وربما استحالة، في تأديبه، أو يواجه حرجاً في الضغط عليه. كل هذه الاعتبارات سيضعها ترامب في الحسبان عند الردّ على «المتمردين».

غير أن اعتبارات أخرى يقتضي أن يضعها المتضررون، كما الحلفاء، في حسبانهم عند مواجهة ردود فعل ترامب المحتملة. في مقدَّم المتضررين إيران وسوريا والفلسطينيون وفصائل المقاومة، وفي طليعتها حزب الله. في المقابل «إسرائيل» التي يعتبرها ترامب أقوى وأخلص حلفائه في حملته المتصاعدة على إيران، لن تتهاون في تعزيز ضغطها عليه وعلى مساعديه من محترفي العداء للدول العربية والإسلامية، لدواعٍ ودوافع أيديولوجية، لحمله على تنفيذ تهديداته ضد إيران وسوريا وفصائل المقاومة العربية. ماذا يمكن أن يفعل ترامب؟ جملة تدابير متدرّجة في الأهمية والعنف:

اعتماد القوة الناعمة، والدعم الاستخباري والمالي والعسكري (السلاح والعتاد) لفصائل إسلاموية سلفية، وأخرى إثنية (البلوش والكرد) مناهضة لحكومة إيران المركزية، واستغلال تردي الوضع الاقتصادي نتيجةَ الحصار والعقوبات الاقتصادية لتحريض فقراء البلاد ومحدودي الدخل فيها على السلطة، بغية ضعضعة نظام الجمهورية الإسلامية وإضعافه.
استئخار ايّ تدبير سلبي ضد الصين، إلى ما بعد زيارة رئيسها المقبلة لواشنطن.

مضاعفة الضغوط على حلفاء إيران وروسيا في المنطقة، ولاسيما سوريا، من خلال القوات الأمريكية في شرقها الجنوبي (التنف) وشرقها الشمالي (شرق الفرات) وكذلك على حزب الله من خلال التضييق على موارده ووسائل تمويله. كل ذلك بقصد حمل سوريا على تقديم تنازلات سياسية لمصلحة المعارضة الموالية لأمريكا والسعودية، ولمصلحة الكرد المعادين للحكم المركزي في دمشق ولتركيا في آن واحد.

تشديد الحصار والمقاطعة على الدول المثابرة في استيراد النفط الإيراني، من خلال تحكّم أمريكا بالقطاع المصرفي، بما هو العمود الفقري للتعامل بالدولار الأمريكي في تسديد أثمان النفط.

اعتراض ناقلات النفط الإيرانية، والأخرى التي تخصّ دولا ضعيفة أو متوسطة القوة لمنعها من الوصول بحمولتها إلى مرافئ الدول المستوردة.

تشديد الحصار على إيران باعتراض بواخر تنقل اليها مواد ذات طابع استراتيجي في اعالي البحار، لمنعها من الوصول إلى المرافئ الإيرانية.
تصعيد متدرج لعمليات «إسرائيل» الحربية ضد مواقع مفترضة لإيران في سوريا واخرى لحزب الله في لبنان، ولفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

استفزاز إيران باعتراض بعض سفنها الحربية في أعالي البحار، أو الاعتداء على بعض قواعدها العسكرية على سواحلها الخليجية. كل ذلك لاستدراجها إلى استهداف بعض سفن الاسطول الأمريكي في الخليج، بغية اتخاذه ذريعة لقصف بعض منشآتها النفطية، وبالتالي تقليص دخلها الرئيس من عائدات النفط، أو للتمادي في العدوان بتدمير منشآتها الصاروخية، لتعطيل قدرتها على تصنيع صواريخ باليستية بعيدة المدى، بدعوى تفادي تهديدها للأمن القومي الأمريكي والإسرائيلي.

من المفترض أن يزن ترامب تدابيره العدوانية آنفة الذكر، في ضوء تقدير إدارته وقادته العسكريين لردود الفعل المحتملة من الدول الكبرى والمتوسطة، ذات الندّية والقدرات التنافسية الوازنة، كما انعكاسات هذه التدابير على حملته للفوز بولاية رئاسية ثانية، ومدى استفادة منافسيه الديمقراطيين من مردودها السلبي.

في ضوء ما تقدّم بيانه من احتمالات، ماذا تراها تكون ردود فعل القوى المستهدَفَة بتدابير ترامب الاقتصادية وعملياته العسكرية المحتملة؟ إيران، أبرزالمستهدَفين وأقواهم، يمكن أن تردّ على النحو الآتي:

ـ الحرص على كيان وسلامة كلٍّ من حلفائها الاساسيين: سوريا وفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ودعمها تالياً على جميع المستويات، والمشاركة الوازنة في التصدي للأعداء المشتركين.

متابعة إقامة قواعد صاروخية في جنوب سوريا لمشاركة قواتها في المواجهة إذا ما قررت «اسرائيل» الضرب في العمق السوري.

الاحتمال الراجح أن أمريكا وإيران وحلفاءهما سيحاذرون الانزلاق إلى حرب خشنة وستمارس أمريكا ما يُسمى «القوة الناعمة»

تنسيق عمليات إنتاج النفط الإيراني وتصديره عبر ترتيبات مع روسيا (في بحر قزوين) ومع الصين (بواسطة ناقلات صينية أو أخرى محروسة من قبلها) ومع دول أخرى رافضة للعقوبات والإملاءات الأمريكية.

تطوير مختلف أنواع أسلحة البر والبحر والجو، ولاسيما الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وتعظيم إنتاجها لإنجاح عمليات التصدي للعدوان الصهيوامريكي ودحره.

تنظيم مناورات بحرية متواصلة لاعتراض ناقلات النفط السعودي في الخليج ومنعها من الوصول إلى الدول المستوردة في حال قام الاسطول الأمريكي باعتراض ناقلات النفط الإيراني في أعالي البحار.
التصدي بلا هوادة للعمليات الاستفزازية الصهيوامريكية في البر والبحر والجو مع محاذرة الانزلاق إلى حرب واسعة.

الاستعداد لمباشرة ردٍّ واسع وصارم، بالتعاون مع حلفائها، اذا ما أقدمت أمريكا أو «إسرائيل» أو كلاهما على محاولة تدمير منشآت إيران النفطية، أو صناعتها الصاروخية وذلك باستهداف قواعد أمريكا العسكرية في غرب آسيا، كما استهداف «إسرائيل» في عمقها، بما يشمل مطاراتها وصناعاتها ومرافقها الحيوية.

باختصار، الاحتمال الراجح أن كِلا الطرفين الأمريكي والإيراني وحلفائهما سيحاذرون الانزلاق إلى حرب خشنة، وأن أمريكا ستمارس المزيد من الشيء نفسه في نطاق ما يُسمى القوة الناعمة، وأن إيران وحلفاءها اعتادوا ونجحوا في مواجهة هذا الطراز من الحرب، وأن أمريكا و»اسرائيل» إلى اندحار اكيد في نهاية المطاف.

جريدة القدس العربي

أضيف بتاريخ :2019/04/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد