آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الباري عطوان
عن الكاتب :
كاتب وصحفي سياسي فلسطيني رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم

لماذا يطير بومبيو إلى الرياض وأبو ظبي فجأة؟

 

عبد الباري عطوان

بعد يومين من إسقاط صاروخ إيراني طائرة التجسس الأمريكية المسيرة “غلوبال هوك” فوق مضيق هرمز طار مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، إلى كل من الرياض وأبو ظبي في زيارة مفاجأة للقاء المسؤولين فيهما، في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة، ويعلن الرئيس دونالد ترامب انه تراجع عن الضربة الانتقامية التي كان من المقرر أن تستهدف مواقع عسكرية منتقاه، ولكنه لم يلغها، واحتمالات الحرب ما زالت غير مستبعدة.

وإذا كانت جوله بومبيو المفاجئة هذه لم تشمل تل أبيب، الضلع الثالث في الحلف الأمريكي في المنطقة ضد إيران ومحور المقاومة الذي تتزعمه، فان هذا يعود إلى وجود جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي فيها، استعدادا لمؤتمر ثلاثي مع نظيريه الروسي والإسرائيلي، ووصل بولتون قبل يومين من الاجتماع المذكور (سيعقد الثلاثاء) ربما للتنسيق مع القيادة الإسرائيلية.

لا نعرف ما هي الرسالة، أو بالأحرى التعليمات التي يحملها بومببو لحلفائه الإماراتيين والسعوديين أثناء هذه الزيارة الخاطفة، فهل تأتي لتوزيع الأدوار، وفي إطار الاستعدادات للحرب، أم لطلب حزمة جديدة من المليارات لتمويل تكاليف الحشودات والعمليات العسكرية الأمريكية، أو لتهيئة المسؤولين في البلدين لاحتمال عودة الجانبين الأمريكي والإيراني إلى مائدة المفاوضات في ظل هجمة الوسطاء السريين والعلنيين هذه الأيام على طهران، وآخرهم البريطاني اندرو موريسون، وزير الدولة المكلف بشؤون الشرق الأوسط، الذي وصل إلى طهران أمس، وبعد يومين من مغادرة مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
***
الرئيس ترامب فشل فشلا ذريعا في إدارة الأزمة مع إيران، ويتعرض حاليا لانتقادات شرسة من أجهزة الإعلام والمشرعين الأمريكيين، تتهمه بالجبن والتردد، وتجزم في معظمها بأنه ليس مؤهلا لقيادة دولة عظمى مثل الولايات المتحدة.

من أبرز الاتهامات التي تعرض لها ترامب من خصومه انه بات “دمية” في يد كل من إسرائيل والسعودية، ويجر بلاده إلى حرب نيابة عنهما ومن أجل مصالحهما، حتى أن صحيفة “الواشنطن بوست” التي كانت من أكثر الذين يتبنون هذه النظرية، طالبت ترامب بأن يتصرف كرئيس أمريكي يضع مصلحة أمريكا وليس الرياض وتل أبيب على قمة أولوياته.

الرئيس ترامب واصل مسلسل أكاذيبه وآخرها أنه أمر بهجوم “سايبري” أو الكتروني على بعض حواسيب قواعد صواريخ إيرانية، ونجح في تعطيلها، في محاولة  لتغطية فشله في الرد على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة، ولكن هذه الأكاذيب قوبلت بالسخرية، فإذا كان يملك القدرة في هذا الإطار لماذا لم يعطل هذه الصواريخ، ويحول دون تدمير إحداها للطائرة المذكورة آنفا، ثم أن الإيرانيين الذين يملكون جيوشا الكترونية جبارة (ليس في الشتم والسب) شنوا هجمات شرسة ضد حواسيب وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون، وكذلك المصرف المركزي الأمريكي أكثر من مرة في السابق، والعقول التي تشرف على هذه الجيوش تملك حوائط صد متقدمة جدا، وتستطيع، مثلما قال لنا أحد الخبراء في هذا الميدان، وضع برامج طوارئ بديلة.

بولتون أعلن صباح اليوم في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع صديقه بنيامين نتنياهو أن الرئيس ترامب سيعلن اليوم عن عقوبات أمريكية جديدة وأكثر شراسة ضد إيران، وإذا صحت هذه الأنباء فان هذا سيعني زيادة احتمالات الحرب، وإغلاق كل فرص الحوار لنزع فتيل التصعيد.

إيران أكدت أكثر من مرة، وعلى لسان أعلى سلطة فيها، أي السيد علي خامنئي المرشد الأعلى، أنها لن تلبي الاستجداءات الأمريكية للحوار إلا إذا رفعت إدارة ترامب العقوبات الاقتصادية كاملة، وعادت إلى الاتفاق النووي.

القيادة المركزية العسكرية الإيرانية أرادت بإسقاطها للطائرة الأمريكية المسيرة العملاقة التأكيد بأنها جاهزة للرد بقوة على أي انتهاك لأجوائها، والتصدي لأي هجوم على أراضيها، وتملك الإمكانيات اللازمة في هذا الصدد ومهما كان الثمن، ولكنها لن تقبل في الوقت نفسه أن يموت 80 مليونا من أبنائها جوعا بسبب الحصار.

***
عندما قلنا في مقالات سابقة أن هذا الصيف سيكون ساخنا جدا، وان تشديد إدارة الرئيس ترامب للعقوبات على ايران ومنعها من تصدير نفطها حتى تركع وتعود إلى المفاوضات سيكون بمثابة إعلان حرب، اتهمنا البعض بأننا نبالغ في قراءتنا للمشهد في منطقة الخليج العربي، ونقرع طبول الحرب.

أمريكا وقعت في مصيدة أعد لها الإسرائيليون والسعوديون بإحكام في منطقة الشرق الأوسط، وبات من الصعب عليها الخروج منها، لأنها ستخرج منها بأكبر الخسائر، إذا كانت النتائج سلما أو حربا.

الحرب لن تظل محصورة داخل الحدود الإيرانية، وستصل السنة لهبها إلى معظم دول المنطقة، وخاصة حلفاء أمريكا، والذين يقرعون طبول حربها، واسألوا “حزب الله” وحركتي “حماس و”الجهاد الإسلامي” والقوات العراقية الرسمية وغير الرسمية.. وتابعوا كيف ستكون ردودها وبوصلات صواريخها..والأيام بيننا.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/06/24

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد