آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
بسام أبو شريف
عن الكاتب :
أحد المستشارين السابقين للراحل ياسر عرفات . وهو من مؤسسين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . صاحب وثيقة أبو شريف حول السلام .

ترامب ينهي مهام بولتون.. فمن هو الضحية القادمة ولماذا؟


بسام أبو شريف

اعلان نتنياهو عن رغبته في الحصول على موافقة واشنطن لبسط السيادة الاسرائيلية على الأغوار وكافة المستوطنات ، هو اعلان عن رغبته بأخذ موافقة واشنطن على ضم الضفة الغربية لاسرائيل بعد أن ضمت الادارة الاميركية القدس لها ، لكن هذه الرغبة التي هي ترجمة لبند من بنود خطة كوشنر وبولتون تجد معارضة في بعض أوساط الادارة الاميركية ومن هذه الأوساط بعض كبار ضباط البنتاغون ، وكوادر في الخارجية الاميركية .

لذلك أقال ترامب بولتون ، الذي طلب من اسرائيل شن الحرب على ايران وحلفائها دون أن تكون واشنطن هي الفاعلة والمعتدية ، وهذا ماجعل ترامب يغضب على بولتون اذ أن تصرف نتنياهو وبولتون عرض ويعرض سياسة ترامب ازاء التفاوض مع ايران .

ماذا يدور في واشنطن ؟
لاشك أن هنالك عراكا واسعا يدور في واشنطن بين رموز مراكز القوى، فالبنتاغون بدأ ببلورة مواقف ازاء السياسات التي رسمها وأمر بتنفيذها بولتون ، وكذلك هنالك استياء في أركان وزارة الخارجية الأساسية ، والتعليل بسبب تنفيذ بومبيو وأقواله لكل ما خططه بولتون ، لكن أخطر هذه الخطوات والتي مست خطوط ترامب الاستراتيجية ، هوماجرى في العراق ومايدور بين نتنياهو والثلاثي كوشنر – بومبيو – بولتون ، واذا طال غضب ترامب بولتون كضحية اولى ، فهذا لايعني أن مسلسل الغضب سوف يتوقف عند بولتون .

والأمور ” حسبما وصلنا ” ، بدأت باجتماع عقده عدد من كبار ضباط البنتاغون مع الرئيس ترامب ، وعبروا فيه عن استغرابهم لتصرف بولتون وبومبيو بالسماح لاسرائيل باستخدام قواعد الجيش الاميركي لتوجيه طائرات مسيرة ضد أهداف على الأرض العراقية ، وان هذا التصرف يعقد الأمور مع بغداد ، وهي معقدة اصلا .

وتحدث الضباط عن تكليف بولتون لاسرائيل بشن ضربات في سوريا ولبنان وغزة دون الرجوع للبنتاغون ، وان القيام بهذه العمليات ستأتي بمردود سلبي على السياسة الاميركية في المنطقة ، كما حذر الضباط الرئيس ترامب من تصريحات بومبيو حول لبنان ، والتهديد بأن يستخدم الضربات الاسرائيلية لتركيع لبنان ( مصنع الصواريخ المزعوم ) .

وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس الفرنسي يبذل مساعيه لترتيب لقاء بين ترامب وروحاني قام بولتون وشركاؤه بعمليات ضد عدة مواقع حليفة لايران مما قد يهدد المساعي بالفشل .

وبما أن ترامب يشعر ” بالرعب” ، وموعد الانتخابات يقترب فقد راهن على أن يكون بدء التفاوض مع ايران هو الذي سيرفع من أسهمه ، ولذلك أبدى لينا عندما قال بعد الغائه اجتماع كمب ديفيد مع طالبان انه مهتم جدا بمتابعة التفاوض مع طالبان .

وأعلن بومبيو أن طرح صفقة القرن سيؤجل عدة أسابيع ، وذلك بعد أن استقال غرينبلات احتجاجا على عقم المشروع الذي أعده وهندسه صهاينة للسيد كوشنر، الذي أقنع ترمب بتبنيه لكن مستشارين من الحزب الجمهوري بدأوا بالحديث مع ترامب حول استحالة تنفيذ مشروعه ” مشروع كوشنر ” ، لأن الأمر غير مقبول من جوانب متعددة حتى من حلفاء واشنطن وبعضهم في الخليج ” وذكروا مصر والاردن ” ، وان الاستمرار في هذا المشروع سوف يخرب العلاقات الاميركية مع المنطقة ، وسوف يعزلها رغم أن بعض الأنظمة تنصاع لما تقوله واشنطن ، ونبهت أجهزة الأمن والمخابرات الاميركية البيت الأبيض الى الاحتقان الكبير الذي يعيشه الشرق الأوسط نتيجة لهذه السياسات ، وقد استخدمت السي آي ايه ” حسب المصدر ” ، تعبير ” خداع النفس ” ، لوصف اقتناع البيت الأبيض بمشروع كوشنر .

ترامب يمر بحالة عصبية نتيجة الفشل الذي مني به في الشرق الأوسط  حتى الآن ، وهو يراهن على المفاوضات مع روحاني ، ولاشك أن هذا أثار مخاوف نتنياهو كثيرا فراح يحرق مراحل خطة كوشنر، وينصاع لبولتون ويقوم بخطوات قد تؤدي الى الحاق هزائم باسرائيل وبالتالي الولايات المتحدة ، فقد شن العمليات العسكرية التي اقترحها بولتون وكوشنر وباءت جميعها بالفشل ( باب الهوى – الضاحية – منتزه فارغ قرب مطار دمشق واسقاط طائرة استطلاع جنوب لبنان واخرى في قطاع غزة ) ، والضربة الوحيدة التي أحدثت ضررا هي تلك التي وجهت للحشد وتتهم الولايات المتحدة بتنفيذها ، وورطت اسرائيل بشن هذه العمليات الاردن الذي سمح للطائرات بالمرور في أجوائه والقوات الاميركية في العراق التي استخدمت ” عين الأسد ” ، لاطلاق الطائرات التي استخدمت ضد مواقع الحشد .

نتنياهو يخشى من أن تؤثر أوضاع ترامب على مواقفه ، وأن يميل الى تحسين الأجواء مع ايران ( لذلك صرح بأنه متأكد من أن ترامب سيكون حازما مع ايران ) ، ويخشى نتنياهو أن يتراجع ترامب عن خطوات كان سيعلن عنها تتعلق بضم الضفة الغربية لاسرائيل ( لذلك أعلن عن انتظاره للضوء الأخضر من واشنطن لبسط سيادة اسرائيل على الأغوار اولا ثم بقية المستوطنات ) ، ونتنياهو يعلم أن ما اعتبره أولوية أي الأغوار هو موضع جدل بين واشنطن وتل ابيب ، وهو بذلك يلعب دور بولتون المطرود من البيت الأبيض لدى ترامب .

ومسؤولو الخارجية ( ذوو القبة البيضاء ) ، انتقدوا احتقار بولتون وكوشنرلعمل وزارة الخارجية ، وعبروا عن عدم ارتياحهم لخضوع وزيرهم للأمن القومي الذي كان يرأسه بولتون ، نضيف الى هذاخبرا قد لايبدو مهما للمتابع العادي للأمور في اسرائيل ، لكن أن يقول ادلتون وزوجته ماقالاه عن سارة نتنياهو أمر لابد من قراءة ماوراءه  ، فقد صرح شلومو ادلتون وزوجته مريم بأن سارة نتنياهو مجنونة أو خرقاء ، فهي لاتفكر الا بمنظرها ومظهرها ، وهذا يعني بلغة الأغنياء أنها تبذخ وتصرف أموالا طائلة على مظهرها ولباسها وتجميل نفسها .
أن يأتي هذا الكلام ممن تبنى نتنياهو طوال فترة حكمه وأسس له صحيفة ، ووظف له المئات من المعاونين ومول حملاته الانتخابية أن يأتي منهما فان له معانى وتأثيرات كثيرة ، واذا علمنا أن ترامب تربطه بادلتون علاقة وثيقة ، فيمكننا أن نقدر أهمية مثل هذا الكلام وتأثيره  “على الأقل على الانتخابات ” .

من سيقيل ترامب بعد بولتون ، هو سؤال هام ، هل سيقيل كوشنر بعد أن أن أبعده عن الضوء منذ فشل مؤتمرالبحرين ؟ أم بومبيو ؟ ، لقد استقال عدد من مسؤولي البيت الأبيض وأقيل عدد منهم ، فمن سيحل محلهم ؟

هل ينوي ترامب اجراء تعديل في مواقفه السياسية ، وهذا يتطلب تغييرا كبيرا في الوجوه داخل البيت الأبيض ؟

على كل الأحوال علينا أن نعي أن المقاومة وصلابة موقف المقاومة ، هي التي أفشلت مخططات بولتون ، وان تصعيد المقاومة وتحويلها الى مقاومة هجومية ضمن خطة بعيدة المدى سوف ينتج عنه مزيد من الانتصارات ، والمعركة طويلة ولن يتغير جوهر الامبرياليين والصهاينة ، وعلينا الحاق الهزيمة بهم .

لقد أعلن الرئيس ترمب أنه طلب من جون بولتون تقديم استقالته ، وأنه قدمها هذا الصباح وشكره على جهوده قائلا : ” لقد أثارت اقتراحات بولتون العديدة عدم موافقتي وعدم موافقة عدد من المسؤولين في الادارة ، لذلك استغنيت عن خدمات بولتون وسأعين بديلا خلال الساعات القادمة ” ، هذا ما أثار مخاوف نتنياهو وأضاف لمخاوف نتنياهو الانتقادات العلنية التي وجهها ادلتون وزوجته مريم لزوجة نتنياهو سارة لأن ذلك سيؤثر على الانتخابات ، ويبدو أن تقرير السي آي ايه حول ترجيح عدم فوز نتنياهو بالأغلبية استند لوقائع .
 
صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/09/12

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد