آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فؤاد البطاينة
عن الكاتب :
كاتب بصحيفة رأي اليوم

إلا في القضية الفلسطينية.. البائع هو من يدفع ويَبقى يدفع حتى يَنفق جيفة.. سلوك أمريكا مع السعودية وابتزازها الأخير جرس إنذار للنظام الأردني..

 

فؤاد البطاينة

 ما كان للمشروع الصهيوني أن يتقدم خطوة ولا للقضية الفلسطينية أن تتراجع لولا الخيانات الرسمية والجهل الشعبي. ونحن كعرب نجمع الأثنين. وإن التخلص من أحدهما كاف ويقلب حالة الأخر طوعا أو كرها. والأهم هو استرجاع وعي الشعب.

 التركيز السياسي -الاستخباري للعدو الصهيوني وحلفاؤه كان منصبا منذ اللحظة الأولى على استنبات الحكام العملاء واختراق مراكز القرار في العواصم كي يعبر العدو على ظهورهم ويصل للشعب. وهذا ما تم. فنحن اليوم أمام حكام عملاء بعضهم خونة بالفطرة أو النسب، وأمام شعب عادت غالبيته بثقافة القطيع وبعضه “مضروب ” والبعض الواعي مكسور الجناح. وإن كانت هذه الحالة عربية عامة، إلا أن التركيز المطلوب صهيونيا هو فرضها على الساحة الأردنية – الفلسطينية لأنها المنطقة التي تمثل قاعدةَ ومنصةَ انطلاق للمشروع الصهيوني في الوطن العربي، ومطلوب احتلالها بجناحيها وترسيخ احتلالها.


القاعده العلميه التي تعلمها اسرائيل كشرط لنجاح مشروعها وعملت بها ونجحت وعلينا فهمها بأثر رجعي هي ( أنه لا يمكن استقرار الاحتلال الصهيوني ونجاح مشروعه وهناك قطر عربي واحد أو شعب عربي في أي قطر بخير، وأنه ما دامت فلسطين مستهدفة ستبقى كل دولة عربية وشعب عربي مستهدفا ). ونقطه على السطر. هذا علم ومنطق يفهمه الغرب والكيان اللقيط. حيث يعرف العدو بأن الشعب العربي لم يكن عبر التاريخ إلا واحدا ولم تكن المنطقة الجغرافية العربية إلا واحدة، وبأن الاعتداء على قطعة منها وشعبها هو في وعي الكل اعتداء على الكل، ومسئولية الكل. ويدرك بأن الوعي يَغيب ولا يموت،وعندما يعود فلا مكان لحاكم خائن ولا للصهيونية في وطننا. ومن هنا يأتي الاستهداف الصهيوني للأقطار العربية وشعوبها متلازما مع استمرار استهداف فلسطين. فالمشروع الصهيوني مشروع حرب لا حياد فيها لعربي، فإما ان يكون بخدمته أو مقاوما له، وهو مفهوم مشترك (صهيوني – عربي ).

ومن واقع أهمية تلك القاعدة، كانت عملية صناعة حكام عرب خونه هي “لعبة أو مسرحية ” من سيناريو واخراج امريكي صهيوني شملت شعوب الاقطار العربية. ولأنها لعبة خطيرة ولا تنطلي على خونة أذكياء، فقد ركزت لصهيونية الأمريكية على اختيار ابطالها الحكام العملاء من ذوي الثقافة السياسية والتاريخية الضحلة والفكر المحدود ليتقبلوا ويُصَدقوا عرض اللعبة القائم على فكرة هي (أن القضية الفلسطينية ليست قضيتكم الا بقدر ما ينالكم ضرر منها، فنحن نقدم لكم كرسي الحكم وحمايته ونجاتكم بدولتكم وشعبكم مقابل اصطفافكم معنا ومشاركتنا في انهاء القضية الفلسطينية هذه، وفي تثقيف شعوبكم بأن خلاصها هو في التخلص من القضية الفلسطينية )…. ليجد هؤلاء الحكام أنفسهم بالمحصلة يُنفذون سياسة إفشال دولهم وتحطيمها اقتصاديا واداريا وعسكريا وأمنيا وجاثمين تحت استمرارية الابتزاز الصهيوني، وما أن تنتهي مهتهم يُرمَون رمي الكلاب الضالة. ولا أدري كيف لفئة من شعب قطر عربي أن تكون على هذا القدر من خيانة الضمير والعقيدة أو على هذا القدر من الجهالة حتى تتقبل أو تصدق حكامها وأنظمتهم بأن مساعدة الصهيونية والتخلي عن فلسطين سينجيهم من نفس المصير، فيتحولون الى طابور تسحيج ومكرهة للإقليمية المجرمه.


ومن هذه النقطة المضلله في لعبة الخيانه بالذات انطلقت الطريق نحو الإقليمية وتغذيتها لدى شعوب الاقطار العربية عززها شعار “البلد أولا ” والذي لا يعني أكثر من ” لا لفلسطين ونعم للأنظمه العميله “. وقد كان التركيز في هذا وبتغذية واستخدام هذه الإقليمية في الأردن، لأنها تصيب الهدف الأساسي مباشرة في الساحة المستهدفة ارضا وشعبا “. ولم تتمخض هذه السياسة وشعار “الأردن أولا ” إلا عن دمار البلد وشعبه أولا وإذلال النظام ثانيا.
 ونحن اليوم نعيش نتائج الخدعة والدسيسة المدمرة على الارض. ونعيش معها تخلي النظام نفسه وحلفاؤه من المعسكر الصهيوني الغربي والعربي عن الاردن وشعب الأردن بعد أن أوصلوه الى حالة من البؤس والحرمان والضياع وفقدان الهوية والحقوق والبوصله من بعد عز موهوم في دولة أصبحت فاسدة من رأسها لذيلها، لا تمتلك مقدراتها ولا قرارها، فاشلة تنتظر مصيرها. ما دام شعبها لا يعي مفهوم الوطن، يخرج بالألاف للشارع من أجل حق شخصي لهم هو في الواقع حرمان مقصود لتركيعهم ضمن نهج شامل، ويبخلون بهذا الخروج المحق من أجل الوطن ومن أجل انهاء أسباب نهج الضغوطات المعيشية عليهم.
وإني بهذا أناشد نقابة المعلمين وكل نقابة أن تغير خطابها الى سياسي وطني وعندها ستحصل على حقوقها الخاصة والعامة ويحصل عليها كل مواطن وكل عاطل عن العمل في نهج سياسي وطني حر

وعلى الشعب العربي في كل أقطاره وخاصة في الأردن أن يعلم منطقيا بأن الفلسطيني لا يفهم الإقليمية لأنه خرج من الحكم العثماني بهوية عربية ولم يعش بفضل سايكس- بيكو حالة الدولة القطرية أو الوطنيه ليشعر بها. وأنه بعد تشكيل الدول العربية الوطنية ومواجهته للغزو الصهيوني المباشر لا يمكن أن تكون له مصلحة بالإقليمية أو في مناكفة أي شعب عربي، وان هذه الاقليمية العربية الموجهة بالأساس له ولقضيتة زادته تمسكا بفلسطين وبقضيته الى حد اعتبارها قضيته لوحده، مع أنها قضية خيانة العرب أو تقصيرهم أو عجزهم. وقد دفع الشعب الفلسطيني ضريبة شلال الدم دفاعا عن فلسطين وما زال يدفعها وحده نيابة عن العرب وعن كل من يدعي بالقدس والأقصى وبأنه من المسلمين أو المؤمنين ولا يلفظ حتى كلمة حق. وكل شهداء الجيوش العربية وعلى رأسها الجيش الأردني ذهب ثمنا للخيانة لا للتحرير، ولحساب تمثيليات حكام متأمرين تمخض تآمرهم عن معاهدات اعتراف بالإحتلال وصداقة وتعاون مع الصهيونية وتغيير عقيدة جيوشنا.

إلا أن معاهدة وادي عربة بالذات لها خصوصيتها التي أضعها أمام مراجع القانون والخلق الإنساني. لقد قامت هذه المعاهدة واستندت على مرجعية مبدأ الأرض مقابل السلام، لكنها أبرمت مع الكيان المحتل بما يخالف هذه المرجعيه حين اعتبرت الضفة الغربية ليست بأراضي المملكه، بينما هي وما عليها وفيها كانت في حينه وما زالت للأن دستوريا ومن وجهة نظر القانون الدولي جزءا محتلا من أراضي المملكه. حيث تم فك الارتباط بها بقرار إداري لم تستطع الدولة تقنينه للأن لمخالفته للدستور. ولذلك يمكن اعتبار الإتفاقية التي ابرمت على غير مرجعيتها باطله من وجهة نظر قانونيه وشعبيه. ولو طلبت جهة لها الحق رأيا قانونيا من محكمة العدل الدولية لقضت ببطلان فك الارتباط وما ترتب عليه. أما من وجهة نظر أخلاقية فليس من المقبول ولا من المستساغ أن يفقد النظام الأردني الضفة للعدو بالحرب ثم يتنازل عنها وهي محتلة لمنظمة التحرير في جو التآمر العربي ليصبح في حل من استرجاعها كحق حصري له لا يقاوم قانونيا ودوليا بموجب قرار 242 الذي اعتبر ساريا على الدول فقط لا على منظمات.

 وسؤالي مشروع لكل جيش عربي أصبح نظامه صديقا لاسرائل ومتعاونا معها كالنظام الأردني، ما هي فلسفة وجودك كجيش ومن هو عدوك وعن من تدافع، فسر لنفسك عقيدتك القتالية. ولكل جيش عربي لم يصبح بعد نظامه صديقا لامريكا والصهيونية، بماذا تفكر ووضعك ليس مؤهلا لا للدفاع ولا للهجوم، ؟.
وللجيش السعودي المفترض به حماية الكعبة المشرفه وقبر الرسول الأعظم وموطن الاسلام،ألست وشعب الجزيرة من المتابعين لوضع بلدك ولدور وسلوك حكامك اليهود المتصهينين الراكعين الذي يخلو التاريخ من مثالهم في الذل والنسوية والانحطاط والخيانة وإهانة شعب في دولة تمتلك عصب العصر واموالا لا تأكلها النيران وتصبح أحط دول الأرض وأنذلها. ؟

حقا لا يحضرني هنا إلا سؤال للنظام الأردني هو، إذا لم تعترف بأن من يحكم الاردن ويسيرك هو نظام أصحاب تنفيذ المشروع الصهيوني في الأردن، وتدعي بأنك صاحب القرار، ألم تدرك بأن الفعل الابتزازي الموجع الأخير الذي فعلته أمريكا بحكام السعودية ستفعله بك وأنت في أضعف حال وإمكانيات وجغرافيا من السعودية، وأكثر أهمية للمشروع الصهيوني وأقل جذبا لحليف يقبلك. فروسيا ليست حليفة للمشروع الصهيوني بل تبحث عن تبادل المصالح في معركتها الاقتصادية والسياسية وعرضت علنا على النظام السعودي إثر مخزاتها صداقته وحمايته، فإن استجاب السعوديون على سبيل الفرض فلن تكون لروسيا حاجة بك، سيما مع صعوبة المطلوب منها كون الأردن يقع في صلب المشروع الصهيوني ووعد بلفور. انت اليوم كنظام حالم باستمرار الدكتاتورية ولا تجد خصما لك الا شعبك، أمامك الفرصة الروسية ومحور المقاومه فلا تضيعها، سارع في الوقت الضائع والشعب عندها سيكون لجانبك.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/09/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد