آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد بكر
عن الكاتب :
كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا.

عندما يُصفع الخد السعودي من الحلفاء قبل الخصوم


الدكتور محمد بكر

تتفاعل الردود وتتنامى المواقف ” المتضامنة” مع المملكة على خلفية هجمات حقلي النفط في البقيق وخريص، ينتصر حلفاء المملكة ويفيضون من مستوى الخطاب الذي لم يتجاوز الإطار الإعلامي حتى اللحظة، تنشغل المملكة في تلافيف التحقيقات، وبذل الجهد لتقديم الأدلة التي تثبت تورط إيران في الهجوم، اللافت ان الرسائل السياسية التي يرسلها خصوم المملكة تباعاً تصل مدلولاتها جيداً للحليفة  واشنطن، فيما تصر المملكة على الدفع بالمواجهة وإدارة الظهر عن وقائع مادية بالجملة لاتترك سوى آثار ” الصفع” على الخد السعودي، من الحلفاء أكثر منه من الخصوم.

مايميز حالة التوتر والتخبط المتفاقمة في السلوك السياسي للمملكة، ليس فقط مافرضته الطائرات المسيرة اليمنية من معادلات نوعية في مشهدية الاشتباك الحاصل، وتنامي القدرات الردعية اليمنية التي تقف أمامها كل التقنيات ومنظومات الرادار عاجزة لجهة إيقافها وإسقاطها، بل في سلوك الحليفة واشنطن التي ملأت الجيوب من المال السعودي، وعند كثير من استحقاقات الانتصار و” الوفاء” تبدو واشنطن مكبلة اليد لجهة الوقوف بجانب الرياض، ويقتصر ردها على قاعدة إعلاء الصوت، الذي لايخيف ولايطعم ولايسمن من جوع، الرئيس ترامب قالها صراحة وحسم كل التكهنات والاستشرافات لجهة تعامل واشنطن مع ضيق المملكة ولم يجسد ( أي ترامب) قاعدة الصديق وقت الضيق خير تجسيد، بل أعلنها على الفم الملآن خلال لقائه ولي عهد البحرين، بأنهم لم يعِدوا المملكة بحمايتها ولا يفكر مطلقاً بالحرب مع إيران، وعلى السعوديين ضمان أمنهم بأنفسهم.

على المملكة أن تدرك جيداً أن كل الخطاب السياسي الحاصل لتصوير التضامن معها، هو لن يصل لمطارح متقدمة في المواجهة مع إيران، وإن التعويل على دور إسرائيلي قد يدفع باتجاه هذه المواجهة، على الرغم من وجود مؤشرات قوية للدعم الاسرائيلي لتوجهات الرياض، لكن جملة من حسابات الداخل الاسرائيلي، وماقد تفضي إليه الانتخابات سواء بفوز أو رحيل نتنياهو، قد تلعب دوراً في تأخير المسعى السعودي الدافع لهذه المواجهة، حتى كلام رئيس الوزراء البريطاني الذي تطفح كأسه بالمشكلات السياسية والاقتصادية الداخلية، عندما أكد للمملكة بأن الرد على الهجمات اليمنية يجب أن يكون جماعياً هو لن يشكل انتصاراً على قاعدة تفعيل المواجهة مع طهران، فقرار المواجهة هو أولاً وأخيراً بيد الولايات المتحدة والباقي تحصيل حاصل.

ماكتبه سايمون تيسدال في صحيفة الغارديان لجهة أن إخفاق واشنطن والدول الغربية في وضع حد للحرب السعودية في اليمن، هو الذي يلعب دوراً رئيساً اليوم في أزمة الرياض، وبدلاً من أن تقف تلك الدول على الملف الانساني في اليمن دعمت الرياض ووفرت لها الغطاء الدبلوماسي والدعم العسكري، هو  مايشكل في اعتقادنا بيت القصيد، الذي يجب أن تبادر المملكة لصياغته وتفعيله، قبل أن يُفرض ذلك عليها فرضاً، أي أنْ تملك المملكة الشجاعة لإيقاف الحرب في اليمن، وطرح المبادرات السياسية وإجلاس الأفرقاء على طاولة الحوار، والوصول لحل يشارك فيه جميع اليمنيين.

تلويح واشنطن بمجلس الأمن، والطلب من السعودية التحرك في محاولة لتأزيم الموقف، والدفع نحو استصدار قرار يدين طهران، ويهيئ لمواجهة معها، هو مسلسل جديد من مسلسلات الابتزار الأميركي للمملكة، لن يُكتب لهذا التحرك على مستوى مجلس الأمن أي حصاد فاعل، لأن السمة الأبرز لكل مشهد الاشتباك الحاصل، والذي لا تريد المملكة استيعابه، هو أن خصومها أسسوا لتحالفات صلبة واستراتيجية فيما كانت تحالفاتها وبُنيت على قواعد أساسها نهب المال السعودي، مقابل تصدير كلام التضامن، الذي كان على المحك، بمنزلة كلام الليل يمحوه النهار.
روستوك – ألمانيا

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/09/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد