آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد صادق الحسيني
عن الكاتب :
كاتب وباحث إيراني

ترامب يسقط في دم سليماني وصراع القوة في جغرافيا آخر الزمان…!

 

محمد صادق الحسيني

 
تقطع مصادر متابعة للعدو الأميركي المحتل وقاعدته المتقدمة في الكيان الصهيوني بأن عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني لم تكن عملية استخبارية معقدة أبداً بقدر ما هي قرار جنوني يائس للجناح المتخبّط والمتطرف في القوة الامبريالية الأميركية الممتدة من واشنطن حتى تل أبيب.
فالرجل لم يكن يتخفّى منهم وهو أصلاً كان في زيارة رسمية للعراق وضيف كبير على رئيس الحكومة العراقية حاملاً رسالة رسمية من القيادة الايرانية بخصوص الجدل الدائر منذ مدة في دوائر صنع القرار في المنطقة بين خياري المفاوضات أو الحرب.
الآن وقد قررت إدارة ترامب الرعناء قرار اغتيال قائد أركان حرب حلف المقاومة فما عليها الا ان تجمع كل ما لديها من عتاد وجيوش ونفوذ وترحل من هذه المنطقة كما جاءت عمودياً أو ستُجبر على مغادرتها أفقياً وتحت جنح الظلام وهي مطارَدة بكل أنواع السلاح الذي تعرفه والذي لا تعرفه.
فالمرحلة تغيّرت ملامحها وها نحن ندخل صراعاً جديداً للقوة في جغرافيا جديدة يمكن أن نسمّيها مجازاً جغرافياً آخر الزمان.
وإليكم أهم ملامح الصراع المرتقب:
لقد ولدت العملية الايرانية في عين الاسد صراعاً عنيفاً بين دوائر صنع القرار في اميركا حول ضرورة الانسحاب الأميركي الشامل من منطقة” الشرق الأوسط”.
هذا وقد كان قرار اغتيال الجنرال سليماني قد اتخذه التيار المؤيد للانسحاب وصادق عليه ترامب بقصد إحداث موجة تسونامي ضاغطة، على الدولة الأميركية العميقة وعلى دولة الظل الأميركية في بغداد ومشيخات الخليج، للدفع باتجاه انسحاب القوات الأميركية.
عملية الانسحاب لن تكون سريعة، وإنما ستستغرق وقتاً بسبب الصراع الداخلي الاميركي، خاصة قبل الانتخابات، وبسبب تخاذل أعراب الجاهلية في الجزيرة العربية.
المواجهة بين واشنطن ومحور المقاومة، التي بدأت بعملية الاغتيال الغادرة، ستستمر الى ان يتحقق الهدف الاستراتيجي للمحور، وهو انسحاب كافة القوات الاجنبية من المنطقة الممتدة من أفغانستان حتى المتوسط.
يجري العمل على تحقيق ذلك بوسيلتين :
الأولى: هي الديبلوماسيا، عبر آليات من جنس قرار البرلمان العراقي بطلب مغادرة قوات الاحتلال الاميركي للعراق وما يجب أن يقوم به الخليجيون من إجراء مماثل.
الثانية: هي العسكرية والتي بدأتها طهران بصفعة السيد التي وجهتها القيادة الايرانية لقاعدة عين الأسد الأميركية في العراق.
تلك الضربة التي حققت نتائج كبيرة وصلت حد الهزيمة من الناحية الاستراتيجية.
هزيمة تسمح للمهزوم بقبولها والإذعان لتداعياتها إن أراد أو تحمل وزر رفض ذلك ومعاندة الواقع.
يجب دائماً ان نتذكر ان الحرب هي تعبير عن السياسة بوسائل أخرى، أي بالقوة.
من هنا فإن محور المقاومة سيحاول توظيف الضربة العسكرية المزلزلة – ضربة عين الاسد – والتي كانت رسالة قوية لواشنطن لتوضيح قدرات حلف المقاومة على تحقيق أهدافها، وصولاً الى إزالة دويلة “اسرائيل” سواء بتفكيكها سلماً وبطرق وأساليب عديدة ووسائل حرب شعبية وأخرى استنزافية طويلة الأمد وأيضاً بالديبلوماسية وإلا فبالحرب الكبرى ومنازلة يوم القيامة لفلسطين وتفكيك الكيان الصهيوني. وهذه المنازلة المخطط لها أصلاً كأحد سيناريوات الخيار الأخير الأمر الذي لا بدّ منه.
كما اتضح من المؤتمر الصحافي الذي عقده ترامب بعد الصفعة في البيت الابيض فان الادارة قد تسلمت الرسالة بوضوح بدليل إشارته الى عدم حاجة الولايات المتحدة لنفط العرب والى عودته لإعلان رغبته المجددة الى المفاوضات المباشرة والشاملة ومن دون شروط مع طهران ومحاولة تحميل مسؤولية سحب قواته من المنطقة على عاتق الناتو الذي لم يف بتعهداته، كما اوضح ترامب.
صحيح أن استشهاد الجنرال سليماني وابو مهدي المهندس خسارة كبيرة لمحور المقاومة إلا انه نتيجة هذه الخسارة ستكون سقوطاً مدوياً لترامب وكل المحافظين الجدد في واشنطن وتثوير الوطن العربي والعالم الإسلامي والانتقال الى بيئة جيو استراتيجية جديدة ستفضي بالضرورة الى نشأة جبهة عالمية تقاتل أميركا قتالاً استنزافياً حاداً حتى إخراجها من هذه المنطقة وإعادة تشكيلها على أسس وطنية تحررية تضمن استقراراً سياسياً وازدهاراً اقتصادياً على المدى البعيد.
قيامة إيران الثانية وقيامة العرب المتجددة وقيامة فلسطين العربية المستقلة والحرة باتت رهناً بإخراج الأميركان من غرب آسيا والوطن العربي.
بعدنا طيبين، قولوا الله.

جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2020/01/17

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد