آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. وفيق إبراهيم
عن الكاتب :
باحث استراتيجي متخصص في شؤون الشرق الأوسط

بومبيو يتحالف مع «كورونا» في إدلب وإيران ولبنان!


د. وفيق إبراهيم
خسارة الأميركيين لنسبة كبيرة من أوراقهم في الشرق الاوسط تدفع وزير خارجيتهم بومبيو للاستعانة بالوباء الخطير «كورونا» لوقف تقدم الجيش العربي السوري في حربه لتحرير ادلب.
ولم ينسَ حزب الله في لبنان، فقام بالإيعاز لأبواقه المحليّة للمطالبة بقطع الرحلات الجوية بين لبنان وإيران، مستهدفاً العلاقات الأهلية بين البلدين للاستثمار بها في الصراعات السياسيّة الإقليمية واللبنانية.
لجهة ادلب، باغت الجيش العربي السوري التوقعات التركية والخليجية والاسرائيلية التي كانت تراهن على مسألتين: الأولى قوة التنظيمات الارهابية المدعومة من الجيش التركي ومخابراته، وقدرتها على مجابهة أي تقدم للجيش السوري… اما الثانية فهي العلاقات المتحسّنة بين الروس والاتراك اقتصادياً وسياسياً والمتبلورة في تنسيق عسكري في ادلب وشمال سورية وشرقها.
لكن المراهنين على هذه العناصر أصيبوا بإحباط لرؤيتهم التقدم السريع والهائل للجيش العربي السوري في ادلب وارياف حلب، بإسناد روسي جوي مباشر ومشاركة ميدانية وتغطية لهذا الهجوم في وجه الإدانات الأوروبية والأميركية والخليجية.
لقد بدا وزير الخارجية الروسي لافروف متمسكاً بتحرير ادلب بدرجة الحماسة السورية نفسها ذاهباً نحو إدانة تركيا لمماطلتها في تعهداتها بسحب هيئة تحرير الشام من ادلب وارياف حلب منذ 2019.
لقد استخدم الاميركيون كل وسائلهم: أولاً بالإسناد العسكري للارهاب، وتحريض تركيا واستنفار الخليج وتشجيع الاسرائيليين على الإغارة الجوية على اهداف قرب دمشق، كل هذه الحركات لم تجد نفعاً.
فالإرهاب استمر بالتراجع من قرية الى اخرى متخلياً حتى الآن عن المناطق التي كانت محتلة في حلب ونحو نصف منطقة وربما اكثر وسط استمرار هجمات الجيش السوري وتقدمها.
هنا وجد الأميركيون انفسهم امام خطر انهيار الحلف الإرهابي – التركي في ادلب، ما يعني انكشاف احتلالهم لمنطقة «آبار النفط السوري في الشرق والشمال السوريين وقاعدتهم في التنف في الجنوب وهذا يعني احتمال تعرّضهم لعمليات عسكرية من جيش عربي سوري مكلف بتحرير آخر حبة تراب من بلده إنما حسب ظروف المعارك وطبيعتها.
لذلك أطلق الاميركيون اشارات استغاثة للاعلام الغربي والخليجي لتصوير معركة ادلب وكأنها حرب لإبادة المدنيين السوريين.
وبالفعل سارع الأوروبيون بدفع اميركي – تركي الى التحذير من مجازر ضد المدنيين محاولين الاستثمار على جاري العادة الغربية بدماء السوريين.
مطالبين بوقف لإطلاق النار بين دولة سورية ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة وبين هيئة تحرير الشام المنظمة الإرهابية المدرجة على لوائح الارهاب في منظمة الامم المتحدة وربما مع جيش تركي يحتل اراضي سورية ويحارب دولتها.
ولم يقف الخليج ايضاً على الحياد في هذه المعركة، على الرغم من أنه معاد للدور التركي، بسبب تحالفه مع الاخوان المسلمين أعداء الخليج ومناهض للدولة السورية في آن معاً.
لذلك كان معتقداً ان بلدان الخليج قد تقف على الحياد لكنها انتقدت الدور التركي، وهاجمت ما اسمته قتل المدنيين على يد الجيش السوري وطالبت بوقف لإطلاق النار، فتماثلت بذلك مع المطالب الاميركية والاوروبية والاسرائيلية.
إلا ان كل هذا التحشيد الاميركي لم يجلب الفائدة المرجوة منه، ما استدعى ضرورة التنقيب الأميركي عن بدائل، فدرسوا موضوع استنهاض تركيا كي تقاتل الجيش السوري حليف الروسي، فوجدوها تنتظرهم للمشاركة معها. وهذا معناه نشوب حرب أميركية – روسية مفتوحة، فاستبعدوا هذا الاحتمال.
وبدا ان الغارات الاسرائيلية غير مفيدة في هذا المجال تماماً كاستنهاض روسيا التي لا تملك الا فنون الاعلام الذي لم تعد أساليبه تنطلي على احد. اما الاستعانة بالخليج فهي مدعاة للفكاهة.
ضمن هذه المعطيات استنجد الأميركيون بصديقهم الوباء الخطير «كورونا»، متهمين إيران بالتسبب بقتل افراد من لبنان وبلدان الخليج وباكستان وافغانستان اصابتهم عدوى انتقلت من أراضٍ ايرانية مجاورة، ولم يكتفوا بهذا القدر، مسددين على مستشارين ايرانيين في سورية قالوا إنهم مصابون بكورونا.
اما جديدهم فهو ما اعلنه بومبيو من خوف على ملايين النازحين السوريين المهددين بالموت جراء الإصابة بهذا الوباء، ولم يوضح الوزير العبقري كيف بإمكان هذا الداء ان ينتقل من مستشارين ايرانيين الى افراد من الجيش العربي السوري وصولاً الى النازحين السوريين الذين يفرون من قرى فيها إرهابيون نحو مناطق يحتلها جيش تركي، بما يؤكد أن كورونا هو آخر سلاح أميركي لمنع تحرير ادلب بعد استنفاد ادوار الإرهاب ومحاصرة الدور التركي.
للاشارة فإن الاميركيين ضغطوا على تركيا والبحرين وباكستان والسعودية لوقف الرحلات الجوية مع ايران وذلك لتضخيم دورها في تصدير كورونا، وكذلك فعلوا مع لبنان وذلك بتكليف القوى المؤيدة لهم باتهام ايران وحزب الله بتصدير كورونا الذي انتقل الى أوروبا وجزء من اميركا وآسيا والشرق الاوسط.
فهل ينقذ «كورونا» النفوذ الأميركي في سورية والعراق ويخنق إيران؟
هذا ما يريده بومبيو، لكن البلدان المستهدفة بشائعات كورونا تعمل على تحصين شعوبها من وباء كورونا ووباء آخر أخطر منه وهو الاستعمار الأميركي الذي يبذل جهوداً جبارة لتجديد شبابه.

جريدة البناء اللبنانية
 

أضيف بتاريخ :2020/02/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد