آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طلال القشقري
عن الكاتب :
كاتب سعودي في صحيفة المدينة

مقال قبل وبعد ١٥ سنة!!


طلال القشقري ..

وأنا أفتّش في أوراقي القديمة التي كساها الغُبار، عثرْتُ على مقالٍ كتبتُه قبل ١٥ سنة، وكان عنوانه «لو نطقت شوارع جدّة»، تخيّلْتُ فيه أنّ الروح نُفِثَت في شوارع جدّة الفرعية، فنطقت بلسانٍ عربيٍ مُبين، واشتكت لبارئها وضعها السيئ الذي لا يليق ببوّابة الحرمين الشريفين!.

والآن، وبعد مرور ١٥ سنة، ولو نَسَخْتُ المقال كما هو، ثمّ لَصَقْتُهُ ونَشَرْتُهُ مرّةً أخرى لما عرف أحد أنه مقال قديم ومُكرّر، فحال الشوارع الفرعية هو هو لم يتحسّن بل ساء أكثر!.

١٥ سنة مرّت، بما يُساوي ٣ خطط خمسية، و١٥ ميزانية سنوية سخيّة، وطفرات مالية مرّت على البلاد، بما يمكن خلالها بناء مدن نموذجية كاملة، ومع ذلك عجزت أمانة جدّة عن جعْل شوارعها الفرعية حضارية تُشرِّف ولا تُقرِّف، وعجزت عن ضبط شركات الخدمات، فعبثت هذه الأخيرة في الشوارع بحفرياتها مثلما يعبث الطبيب الجرّاح «الغشيم» في بطن الإنسان، وصارت الشوارع ثَكْلَى بالمطبّات والحُفر وكأنها أورام ودمامل خبيثة!.

اقتراحات عديدة طُرِحت خلال هذه السنوات لمعالجة المشكلة، مثل تشطيب الشوارع الفرعية بالبلاط الحجري بدلًا من الأسفلت لإتقان إعادتها كما كانت عليه قبل الحفريات، أو تمديد الخدمات في خندق مُوحّد تجنّبًا للحفريات أو إبقائها ضمن الحدّ الأدنى، وبالفعل نُفِّذَت هذه الاقتراحات الحضارية لكن ليس في جدّة، بل في دُبيّ الإماراتية والدوحة القطرية واسطنبول التركية وغيرها!.

طبعًا، أنا لا أعلم إن كنتُ سأبقى حيًا للـ ١٥ سنة المقبلة، فإن مدّ الله في عمري، إنه قادرٌ كريم، فأتمنّى ألّا أكتب مقالًا ثالثًا عن شوارع جدّة الفرعية مُتخيّلًا أنها لو نطقت لاشتكت لخالقها وقالت كذا وكذا وكذا، وأمان يا ربّي أمان.

صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2016/04/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد